من أجل شريف الربيعي المقبرةُ حديقةٌ كبيرة وليس ثمةَ غرابٌ ينعقُ هنا هنا الموت فقط: رمحٌ طويلٌ تكسرَ في قلوبنا نحنُ العابرينَ بالغائب والجنازة والمفاجأة السوداء كأنهُ يخطو معنا بوجوده الخفيف وحزنه الخفيف فنسينا أن نسألَه وواصلنا سيرنا الصامتَ وراءَ التابوت هل كان هذا النهار مُتوَقعاً؟ قال رجلٌ بعد سورة الفاتحة * * * ثمَّة وردٌ كثيرٌ ووحشةٌ كثيرة وحجارٌ مُبتلٌّ نُهيلُهُ على جرح طويل كرمح كأغنية حزينة كان بودّه أن يسمعها قبل أن يموت .................................. كيف تسنى لهُ أن يفعلَ ذلك أن يتركَ وجوهنا مَذهولةً الى هذا الحد!! هل كان بوسع أحدٍ سواه أن يضعَ خرزةً زرقاءَ تحتَ التابوت كي يظلَّ الموتُ قَلِقاً يصيحُ على أبواب المقبرة في الليل كي تظلَّ مفتوحةً للعابرين * * * لم يكن قبرُهُ بعيداً عن البيت ولا عن حديقة أيلنغ برودوي حيثُ نلتقي كلَّ مساء ربما تذكّر ذلك وعاد لعلَّهُ نسيَ مسبحتَهُ على الأعشاب ربما سيعود بعد قليلٍ مُبتسِماً ومُرتبكاً كعادته وربما بدا غاضباً من عبث الحياة .................................. لقد أنزلتُ تابوتَهُ بيديَّ وأوشكت أن أقع كأنيَ أخطأتُ فسقطتُ في قبره الى الأبد 2 - إغماضة الثلج الأخيرة من أجل رياض ابراهيم المدينة قطعة ثلجٍ في الصيف قطعة ثلج في كأس ماء قطعة ثلج تحتك باختها * * * لو افترضنا أن رجلاً مقتولاً نسيَ أيام الحرب وعاد الى البيت من ترى يسمع خبط يديه على الباب؟! * * * المدينة في الصيف في إغماضة الثلج الأخيرة حيث يبتهج الماء من شدة البرد والضحك وينفض الجنود ذكرياتهم للعطاشى فقد استراحوا الآن تماماً استراحوا من الحرب وانتظار الإجازات من المدينة ومفاجآت الزمان استراحوا الآن تماماً في قبورهم المنسية * * * كانت حديقة البيت هادئةً العشب هادىء والطيور تقرأ الكتاب على السياج الهواء يبرد في الليل رجل وحيد هادىء على كرسيه البعيد خرزات مسبحة تطقطق بهدوء تتوقف فجأة لتفكر برياض ابراهيم وكيف كان يملأ السلال بالعصافير والتفاح .................................. خرزات تطقطق.... تتوقف فجأة في خيطها البارد لتفكر قليلاً برياض ابراهيم هل مات حقاً على الحدود؟! وهل غصَّ حقاً بإغماضة الثلج الأخيرة في كأس العراق المر!! * شاعر عراقي مقيم في لندن.