كشفت أرقام الدخول الاضافية للنواب البريطانيين المسجلة هذه السنة ان المبالغ الكبرى تأتي من الصحافة، وتفوق ما يتلقونه من هدايا أو تسهيلات مجانية في الأندية الرياضية والليلية وبطاقات السفر والرحلات. وبلغ المسجلون لدخولهم الاضافية أكثر من ربع نواب مجلس العموم، منهم 184 تلقوا دخولهم من الصحافة. وسجل إقبال النواب رقماً قياسياً بعد الضجة التي اثيرت حول وزير التجارة والصناعة السابق بيتر ماندلسون لأنه لم يصرح في وقت مبكر عن قرض سكني تلقاه من صديقه وزميله في مجلس العموم المليونير جفري روبنسون، وأدى الأمر إلى استقالتهما من منصبيهما الوزاريين. ولفت انتباه المراقبين أن الخوف من مساءلة شبيهة بما جرى مع ماندلسون وروبنسون دفعت بعض النواب إلى التصريح عن هدايا ليست ذات قيمة مادية. وكانت أكبر المفاجآت في سجل الدخل الاضافية التابع لمجلس النواب، ان الصحافة والتلفزيون هما أضخم مصدر للدخول الاضافية، وبلغ الرقم القياسي 110 آلاف جنيه في السنة للورد هاترسلي عضو مجلس اللوردات والنائب السابق لرئيس حزب العمال لقاء زاويته الاسبوعية في صحيفة "الغارديان". ثم يليه النائب جورج غالواي الذي يتقاضى مبلغ 55 ألف جنيه لقاء زوايا يكتبها في طبعة صحيفة "ميل أون صنداي" في اسكوتلندا، ومبلغ مماثل تتلقاه النائبة آن ويكومب وزيرة الصحة في حكومة الظل لقاء ست حلقات تلفزيونية قدمتها في القناة الرابعة قيمتها 15 ألف جنيه، ومبلغ مماثل لقاء زوايا أسبوعية لمدة ستة أشهر في صحيفة "صنداي اكسبرس". ثم يليهما النائب فرانك فيلد، وتقاضى عشرين ألف جنيه لقاء زاويته الاسبوعية في صحيفة "الصاندي بيبول". ومبلغ مماثل تلقته النائبة روزانا كوننغه لقاى زاويتها الاسبوعية في صحيفة "سكوتش ميرور". وتلقى اليكس سالمون، زعيم الحزب القومي الاسكوتلندي مبلغ 15 ألف جنيه لقاء زاويته الاسبوعية في صحيفة "نيوز اوف ذي وورلد"، وهي الطبعة الاسبوعية لصحيفة "الصن" التي يملكها امبراطور الصحافة روبرت مردوخ. ويذكر ان سالمون، الذي يقدم نفسه كزعيم تاريخي لاسكوتلندا، يكتب تعليقات عن سباق الخيل. ويتقاضى النائب ووزير الخزانة السابق كينث كلارك مبلغاً مماثلاً لقاء مقابلة أسبوعية لتلفزيون "بلومبيرغ". ويتلقى النائب المحافظ ديفيد كاري عشرة آلاف جنيه لقاء زاويته في صحيفة "فارمينغ نيوز" الزراعية. ومن مفارقات كتابات السياسيين أيضاً تلقي النائب ستيوارت بيل مبلغ 15 ألف جنيه لقاء زاوية في صحيفة المحاسبة "أكاونتنسي ايج" ومقالة مالية في صحيفة "ميل اون صاندي"، أي أن كتابات كثير من النواب ليست تنظيرات سياسية! وورد في سجل الدخول الاضافية للنواب تصريحات عن رحلات خارجية بعضها رسمي، سجل فيها رئيس الوزراء السابق جون ميجور رقماً قياسياً في رحلاته، تسع منها إلى أميركا، إضافة إلى السويد وعُمان وسنغافورة وجنوب افريقيا وباريس ونيس. أما المفارقات في الهدايا فسببها أنه يجب التصريح عن أي دخل أو هدية تتجاوز قيمتها 125 جنيهاً، وهي تتراوح بين بطاقات مجانية للمباريات الرياضية وعضوية في النادي الليلي الشهير "سترنغ فيلو" وسلة زهور تلقاها النائب تشارلز واردل في عيد ميلاده من المتمول المصري محمد الفايد صاحب مخازن "هارودز"، وتلقى النائب المحافظ ديفيد ويلشاير عقد مجوهرات من ثري أجنبي وتلقى رئيس حزب المحافظين وليم هيغ سلة هدايا من الحسن بلقيه سلطان إمارة بروناي النفطية الذي كان أغنى رجل في العالم قبل احتلال مكانه من قبل عملاق الكومبيوتر بيل غيتس. ويلاحظ ان الذين لم يسجلوا أي دخل إضافي بلغ هذه السنة 112 نائباً مقابل 145 نائباً السنة الماضية، كما أن نواب المحافظين أكثر حظاً في عدد الهدايا وقيمتها من النواب العماليين. وسجل السير ادوارد هيث رئيس الوزراء السابق دخوله الاضافية للمرة الأولى، وهي لقاء استشارات لمؤسسات مثل مركز الدراسات العالمي للطاقة وشركات "تشاينا اوشن شبينغ" و"تشاينا اندكس فوند" الصينيتان، وسجل ذلك هذه السنة بعد مواقفه في السنوات الماضية بأنه لا علاقة لذلك مع عمله كنائب. والمهم في هذا كله ليس قضية وجود دخول اضافية، ولكن مبدأ التسجيل الذي يعني عدم وجود مخالفة قانونية تستوجب اخفاء الدخول الاضافية. ويذكر ان معدل رواتب النواب هو 33 ألف جنيه، زادت حسب معدل التضخم هذه السنة، باستثناء رئيس مجلس الوزراء توني بلير الذي رفض قبول الزيادة السنة الماضية تعبيراً عن نهجه "العمالي"، في أول سنة له في الحكم. ويعّبر تشديده على علانية الدخول الاضافية عن حرصه تفويت فرص استغلال المعارضة لقضايا لا تشكل مخالفات في حد ذاتها بقدر ما تثير تساؤلات عن عدم التصريح بها. * كاتب وصحافي سوري مقيم في بريطانيا.