أظهر الرفض الأردني لعرض وزارة البنى التحتية الاسرائيلية خفض حصة المياه الأردنية المنصوص عليها في معاهدة السلام بنسبة 60 في المئة أول خلاف بين البلدين منذ رحيل الملك حسين في 7 شباط فبراير الماضي والذي ينذر بتحول أزمة المياه في البلدين أزمة في العلاقات بينهما. ورفض رئيس الوزراء الأردني عبدالرؤوف الروابدة لدى زيارته وزارة المياه أمس العرض الاسرائيلي وقال: "ثمة اتفاق موقع بين الجانبين ونحن نصر على تطبيقه كما هو"، مشيراً الى ان الوفد الأردني الذي ترأسه مدير سلطة وادي الأردن دريد محاسنة أبلغ الاسرائيليين "رسمياً" بالرفض خلال اجتماع أول من أمس. وسئل الروابدة ان كانت الحكومة احتجت على العرض الاسرائيلي فأجاب: "نحن نتعامل من خلال التفاوض للوصول الى حقوقنا لا من خلال الاحتجاج والصراخ"، مؤكداً انه "على يقين من اننا سنحصل على حقنا". من جهة أخرى أ ف ب، طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الأردن أمس بپ"تسوية ودية" للخلاف على كمية المياه التي يجب على اسرائيل ان تزود بها الأردن، وقال خلال جولة انتخابية في مستوطنة معالي افرائيم اليهودية في وادي الأردن: "يجب ايجاد حل توافقي للخلاف يأخذ في الاعتبار واقع الجفاف الذي يضرب المنطقة". واكد نتانياهو ان "اسرائيل ليس لديها أي نية للتراجع عن الاتفاقات التي عقدتها مع الأردن والفلسطينيين في ما يتعلق بالمياه، لكن ثمة مشكلة نقص حقيقية". واعتبر ان الحل الوحيد يكمن في بناء معامل لتحلية مياه البحر. وقال وزير المياه الأردني كامل محادين: "نحن لا نتفاوض مع الاسرائيليين على شيء جديد. المعاهدة ملزمة لنا ولهم، ومثلما عندهم أزمة مياه وجفاف عندنا نحن أيضاً" أزمة. وكان الوفد الأردني غادر محتجاً الاجتماع الذي عقد في القدس أول من أمس وحضره عن الجانب الاسرائيلي مدير مصلحة المياه مئير بن مئير. وفيما طالب الاسرائيليون بمناقشة قضايا تحلية المياه والبحث عن تمويل مشترك للمشاريع، أصر الجانب الأردني على عدم البحث في تلك القضايا الا "بعد اعطائنا حقوقنا حسب ما نص عليه اتفاق السلام". وعرض الجانب الاسرائيلي خفض كمية المياه التي يتزود بها الأردن من بحيرة طبرية بنسبة تقارب 60 في المئة، وهي النسبة نفسها التي انخفضت فيها كمية المياه لديهم. ولدى سؤال رئيس الوفد الأردني دريد محاسنة نظيره الاسرائيلي عن بدائل أخرى للخفض أجاب بالنفي، وعندها غادر الوفد الأردني محتجاً. وقال محاسنة في تصريحات صحافية: "الاتفاقات الموقعة لا تعتمد على الطقس ولا ترتبط بالظروف الجوية والمناخية". ويحصل الأردن بموجب ملحق المياه في معاهدة السلام الأردنية - الاسرائيلية على 50 مليون متر مكعب من مياه بحيرة طبرية سنوياً. واعتبرت أوساط سياسية أردنية ان الخلاف المائي مع اسرائيل "ينذر بأزمة سياسية بين البلدين نظراً لحساسية موضوع المياه الذي يمس حياة كل مواطن". وكان العاهل الأردني الراحل الملك حسين أقال حكومة عبدالسلام المجالي العام الماضي بسبب أزمة المياه الملوثه. وكانت الحكومة الأردنية السابقة أعلنت حال الجفاف في البلاد في كانون الثاني يناير الماضي. وتوقعت الحكومة الأردنية الجديدة لدى اجتماعها في وزارة المياه أمس "حدوث أزمة مياه ناتجة عن شح المصادر المتاحة ونقص هطول الأمطار بنسبة 65 في المئة". وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مصطفى الحمارنة ان "الأردن واسرائيل يعانيان من مشكلة جفاف، لكن لا يجوز عدم تنفيذ الاتفاقات"، معتبراً ان اسرائيل "ما تزال تتعامل بمنطق الدولة القوية التي تفرض ما تريد بقوة السلاح". وزاد: "المجتمع والبيروقراطية في اسرائيل لم يتأقلموا مع مسيرة السلام بعد، والكرة في مرماهم لإثبات العكس". وقال إنهم كانوا سيتخذون نفس الموقف "لو كان الملك حسين حياً"، الا انه استبعد ان تصل الأزمة في العلاقات بين البلدين الى مرحلة القطيعة، مشيراً الى أزمات كثيرة تخللت العلاقات وتم تجاوزها. وكان الملك عبدالله بن الحسين وجه لدى اجتماعه مع مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط مارتن انديك انتقادات ضمنية لرئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو عندما اعتبر ان الوفاء بالالتزامات الموقعة "أصبح ضرورة ملحة، وليس خياراً استراتيجياً".