قرر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو استخدام مدينة القدسالمحتلة ورقة يعتبرها رابحة لمساعدته بالفوز في الانتخابات المقبلة أواسط أيار مايو المقبل وذلك في ظل ازدياد احتمالات فوز منافسه على رئاسة الحكومة المقبلة ايهود باراك وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة. اذ جدد مجلس الوزراء الاسرائيلي، بناء على اقتراح نتانياهو نفسه، رفضه ما تضمنته رسالة المانيا، الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي، التي اكدت الوضعية الخاصة لمدينة القدس وعدم شرعية الاحتلال الاسرائيلي لها بشقيها الغربي والشرقي. وجاء في البيان الحكومي الذي صدر بعد اختتام جلسة المجلس الأسبوعية امس ان اسرائيل "ترفض ما جاء في رسالة الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي جملة وتفصيلاً ولن نوافق تحت أي ظرف من الظروف على تدويل جزء من القدس أو كلها وستبقى موحدة وعاصمة أبدية للشعب اليهودي". وأضاف البيان ان الحكومة الاسرائيلية ستعمل على "توفير حرية العبادة للديانات المختلفة وستحافظ على الوضع القائم للاماكن المقدسة" في المدينة. وتفرض اسرائيل منذ بداية العقد الحالي حصاراً عسكرياً مشدداً على مدينة القدس تمنع بموجبه الفلسطينيين من باقي الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 من دخولها وأداء الصلاة في مساجدها أو كنائسها باستثناء من تعطيهم تصاريح بذلك. وقال نتانياهو الذي سربت حكومته فحوى رسالة الاتحاد الأوروبي ان "أي خرق أو محاولة للمس بمكانة القدس كعاصمة موحدة للشعب اليهودي ستلقى رداً صارماً وفورياً". وأضاف خلال الجلسة ان الحكومة برئاسته عملت من أجل القدس وأصدرت عطاءات البناء في مستوطنة هارحوما على جبل أبو غنيم وافتتحت مقرين للشرطة الاسرائيلية في الجزء الشرقي من المدينة المقدسة لتعزيز السيطرة الاسرائيلية عليها. وبدأت حكومة نتانياهو بشن حملة ديبلوماسية في العالم للتخفيف من حدة الصفعة التي وجهها لها الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بوضع مدينة القدس في القوانين الدولية والتي ظن الاسرائيليون أنها "دفنت في مقبرة التاريخ" حسب تعبيرهم. وفي الاتجاه ذاته، تسعى الحكومة الاسرائيلية الى وقف الانتقادات الاميركية المتصاعدة لسياستها المتعلقة بالمسار التفاوضي الفلسطيني - الاسرائيلي والتي بدأت واشنطن بترجمتها الى أفعال. وهاجم مسؤول الاعلام في مكتب نتانياهو تصريحات المبعوث الاميركي لعملية السلام دنيس روس التي وصف فيها التوسع الاستيطاني بأنه "مدمر للسلام". وقال دافيد بار ايلان ان هذه التصريحات "تضر بالعملية السلمية وبمفاوضات الحل النهائي". وأضاف: "يجب على الولاياتالمتحدة ان تمتنع عن إصدار مثل هذه التصريحات في هذه الفترة" وذلك في اشارة الى قرب الانتخابات النيابية في اسرائيل. ونُقل عن مصدر حكومي مسؤول رفض الافصاح عن اسمه ان التصريحات الاميركية الأخيرة تعتبر تدخلاً في الانتخابات الاسرائيلية. وفي مقابل ذلك كله، كشفت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية موافقة نتانياهو على اطلاق 100 أسير ومعتقل فلسطيني قبل حلول عيد الأضحى المبارك من ضمنهم أسرى شاركوا في عمليات عسكرية جرح فيها اسرائيليون، وذلك خلافاً لموقف حكومة نتانياهو التي رفضت في السابق اطلاق معتقلين "توجد على ايديهم دماء". وعلى رغم نفيه صحة هذه الأنباء، قال نتانياهو انه يدرس امكان اطلاق بعض الأسرى الفلسطينيين مجدداً رفضه اطلاق فلسطينيين قتلوا أو جرحوا اسرائيليين. وحسب الصحيفة فإن الفلسطينيين المنوي اطلاقهم ينتمون الى حركة "فتح" فقط وقضوا أكثر من عشر سنوات في السجون الاسرائيلية. ونفى مسؤول ملف الأسرى في السجون الاسرائيلية الوزير هشام عبدالرازق علم السلطة الفلسطينية بهذه المسألة، وقال ان على اسرائيل اطلاق 750 أسيراً ومعتقلاً سياسياً فلسطينياً وفقاً لما نصت عليه مذكرة واي. وأشار الى مفاوضات مع وزير الشرطة الاسرائيلي افيغدور كهلاني اجريت قبل نحو شهر ولم تتمخض عن أي اتفاق. وأضاف: "طلب كهلاني العودة الى اعضاء حكومته ونتانياهو قبل الرد علينا". ويبدو ان الحديث يدور عن "صفقة" سعى الوزير الاسرائيلي، بمبادرة من نتانياهو، الى إبرامها مع أمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس وكبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات خلال مفاوضات سرية في محاولة من الجانب الاسرائيلي الإيحاء بعزمه على تنفيذ مذكرة واي في اعقاب التهديدات الاميركية بوقف المساعدات المالية التي تعهدت بمنحها لاسرائيل في اطار المذكرة ذاتها وبعد ربط وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين تقديم الدعم لصاروخ "حيتس" السهم الاسرائيلي بتنفيذ اتفاق واي. وقالت مصادر فلسطينية لپ"الحياة" ان عرض كهلاني تضمن اطلاق فلسطينيين قتلوا عملاء خلال سنوات الانتفاضة الشعبية. واعتبرت محافل اسرائيلية مثل هذا العرض "تقدماً" في موقف حكومة نتانياهو تسعى الى استثماره لأسباب انتخابية فقط.