"حياة وأزمنة ممثل على الحافة" لبيتر تومسون ليس بالضبط سيرة تروي قصة جاك نيكولسون بقدر ما هو تسجيل شخصي لمسيرة فنية نعجب اذ نكتشف انها لم تبدأ، كما كنا نعتقد، مع شريط دنيز هوبر الشهير "إيزي رايدر" عام 1969. فقبل 12 سنة من ذلك التاريخ كان نيكولسون متورطا في السينما الى جانب المخرج الموهوب روجر كورمن، والأخير موّل معظم أفلامه خارج التيار الهوليودي، وهي أفلام فنية جيدة وان لم تعرف الشهرة التي عرفها نيكولسون بعد "ايزي رايدر". كان نيكولسون في الثانية والثلاثين من عمره حين اقتحم التيار العام للسينما الأميركية. لكن توقيته جاء مناسباً، كما جاء انتقاده اللاذع في مشهدين من "ايزي رايدر" عبّر فيهما عن الواقع الأميركي المبلبل والملتبس في نهاية الستينات. واليوم وقد تجاوز الستين وشارك في عدد مماثل من الأفلام توجها بثلاثة اوسكارات لا يشك أحد في مدى جديته كممثل، وبالتالي مدى فوضويته "المميزة" كانسان. حياته الشخصية محتشدة بالمغامرات الصاخبة. لديه شلة من الأصدقاء والصديقات طالما جعلت صحف "تابلويد" تزغرد بالعناوين الجذابة لقراء الاثارة والثرثرة. والواقع ان نيكولسون ضئيل الثقة بالصحافيين في صورة عامة، وهو لم يساهم على الاطلاق في كتابة حياته وأزمته كما أرادها بيتر طومسون، لكن الكتاب، اذ يحجم عن تحليل الشخصيات التي لعبها نيكولسون ولا يعرض بعمق لخصائص أدائه التمثيلي، ينطوي على وصف حيوي موثق لشبكة العلاقات الفنية والشخصية التي أقامها نيكولسون في العقود الثلاثة الفائتة. عام 1974 نشرت مجلة "تايم" موضوع غلاف عن جاك نيكولسون كشفت فيه ان امه ليست سوى اخته البكر. وكان ذلك السر خفياً عن الجميع حتى نيكولسون نفسه. كانت شقيقته في الرابعة عشرة في منتصف الثلاثينات حين حملت به. وكان ذلك في مدينة صغيرة تدعى نبتون في نيوجيرسي. العائلة لفلفت الفضيحة وزورت شهادة الميلاد، وبقي السر سراً حتى كشفته "تايم". "ممثل على الحافة"، يقول تومسون، لأن نيكولسون يعيش على الحافة بين الجنون والمجون وتقمص شخصيات تنقذه من هواجسه وكوابيسه. يشرب ويتعاطى المخدرات ويطارد النساء بلا هوادة، مستهتر بالمال، استقل نيكولسون قطار الحياة الخطرة، ومنها استقى ابداعه في الأداء. ومع ان نيكولسون بذل قصارى جهده لاخفاء حياته الشخصية عن فضول الصحافة يبدو من كتاب تومسون ان سلسلة الفضائح لم تتوقف عند هوية امه. عشيقته الثانية سوزان انسبش رزقت منه صبي فرشاها لكي لا تبوح بسرها لأحد، لكن سوزان سمعت ذات يوم ان نيكولسون انجب طفلاً آخر، غير شرعي، من الممثلة ربيكا بروسار، قبل علاقته بها. واذ ذاك كتبت رسالة غاضبة الى مجلة "فانيتي فير"، كشفت فيها قصتهما. على الأثر جن جنون جاك نيكولسون الذي حاول، عبر القضاء، حرمان أنسبش من دعمه المادي. في الاثناء كرّت السبحة وتبين ان نيكولسون انجب سبعة أطفال سراً، في ظروف مختلفة. منذ ثلاث سنوات أوقفته الشرطة لفترة وجيزة، بعدما تشاجر مع سائق وحطم زجاج سيارته بهراوة. إلا أن ذلك هو الحادث اليتيم من نوعه، علماً بأن جريدة "صن" البريطانية اضطرت الى دفع غرامة قضائية باهظة حين ادعت ان الشرطة داهمت منزله بحثا عن مخدرات. ولم يكن ذلك صحيحاً. أخيراً، يخلص تومسون الى القول، ان السيرة الشخصية لجاكسون ليست ما سيبقى منه في ذاكرة العالم، بل تلك الأدوار الباهرة التي اتحفنا بها في أفلام باتت من كلاسيكيات الفن السابع مثل "طيران فوق عش الكوكو" و"شايناتاون" و"الجابي دائماً يقرع مرتين" و"باتمان" وغيرها