أعطت سورية اشارة سياسية قوية الى رغبتها في "فتح صفحة جديدة" مع الملك الاردني الجديد عبدالله بن الحسين، بمشاركة الرئيس حافظ الاسد ونائبه السيد عبدالحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع في تشييع الملك حسين بن طلال. ومثّل التشييع المناسبة الاولى التي يكون فيها الرئيس الاسد ورئيس اسرائىلي ورئيس حكومة اسرائيلية في مكان واحد، والفرصة الاولى للقاء الاسد الملك عبدالله. وقال مراقبون ان سورية اتخذت القرار "استناداً الى رؤيتها القومية والحرص على التضامن العربي"، اضافة الى مساعيها لپ"فتح صفحة جديدة" مع القيادة الاردنية الجديدة خصوصاً انها تعتبر الملك حسين "مسؤولاً عن التوتر" في العلاقات بين دمشق وعمّان وليس الجانب السوري. وكان الشرع أعطى في اليومين الأخيرين إشارات إيجابية كثيرة الى الملك عبدالله تشير الى دعم دمشق لقيادته. وقال وزير الخارجية السوري ان بلاده لن تجعل من "الانفراد" في توقيع اتفاق سلام مع اسرائىل قميص عثمان كي لا تطور علاقاتها مع عمّان، مشيراً الى ان "غضب سورية" من الاردن يعود الى "حرارة التطبيع" الاسرائىلي- الاردني على رغم الملاحظات السورية على توقيع اتفاق وادي عربة. ويعتقد محللون ان أحد الاسباب الأخرى التي أدت الى ان تكون المشاركة السورية في أعلى مستوى، هو "عدم ترك الاجواء للاسرائىليين ودفع الاردن الى العالم العربي كي لا يجد نفسه مضطراً الى التعامل مع الاسرائيليين". وأكد أكثر من مسؤول سوري الحرص على "الاستقرار والاستمرار" في المملكة الهاشمية لأن "تفككها من مصلحة اسرائىل". وكانت القيادة السورية اتخذت مساء أول من أمس قراراً بتأجيل موعد الاستفتاء الذي كان مقرراً أمس، الى يوم الاربعاء. وأعلنت الحداد الرسمي وتنكيس الاعلام مدة ثلاثة ايام على رغم أن إجراءات الاستفتاء اكتملت منذ مدة طويلة. وكان مقرراً ان يتوجه السوريون الى صناديق الاقتراع أمس الاثنين. واتخذ قرار التأجيل بعد اجتماع عقد ظهر اول من امس في مبنى الحكومة ضم كبار المسؤولين في حزب "البعث" الحاكم والدولة والمؤسسات المعنية بتنظيم الاستفتاء. وكان الملك حسين وزوجته الملكة نور زارا سورية لتعزية الرئيس الاسد في وفاة نجله البكر باسل في بداية العام 1994. ومرت العلاقات بمراحل توتر عدة بسبب توقيع الملك حسين اتفاق سلام مع اسرائيل من دون التنسيق مع دمشق، وارتفاع حرارة العلاقات الأردنية مع اسرائىل. والتقى الاسد والملك حسين على هامش القمة العربية في العام 1996، ووضعا اسساً جديدة كي لا تسوء العلاقات أكثر مما كانت عليه، باعتبار أن ذلك يخدم الجانب الاسرائىلي. وتابع السوريون باهتمام تفاصيل تشييع الملك حسين، معربين عن ارتياحهم لمشاركة الرئيس وكبار المسؤولين في موكب التشييع. ووزعت الصحف الرسمية صفحاتها الأولى بين حدثين هما: رحيل الملك حسين، والاحتفالات بالاستفتاء لولاية جديدة للرئيس الأسد، وفيما صدر القسم العلوي من الصحفات الأولى ملوناً لمناسبة الاحتفالات، وشح القسم الأسفل باللون الأسود. وخفت احتفالات المواطنين والمسؤولين المستمرة منذ شهر لمناسبة ترشيح الأسد لولاية رئاسية خامسة تبدأ في 13 الشهر المقبل، كما نكست الاعلام على المؤسسات الرسمية التزاماً بقرار الحكومة اعلان الحداد ثلاثة أيام على العاهل الأردني، وفتحت السفارة الأردنية في دمشق سجلاً خاصاً للمعزين.