تعمل الحكومة اللبنانية على خطين متوازيين: تحقيق الاصلاح الاداري ومعالجة الازمة الاقتصادية، كما أوضح رئيسها الدكتور سليم الحص امس، في وقت بقيت الاجراءات الادارية، تعييناً واعفاءً ومداورة بين المديرين، في واجهة الاحداث، خصوصاً انها تتمّ اسبوعياً في مجلس الوزراء. وتواكب هذه الاجراءات مواقف عدة، أبرزها امس لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي دعا الى متابعة عملية الاصلاح الاداري بواسطة أجهزة الرقابة بعد ان تعطى الامكانات، وسلسلة مطالب بينها مذكرة تقدّم بها نواب "حزب الله" الى الرئيس الحص تتلخّص برفع الحرمان عن البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية. وكان بري زار امس رئيس الجمهورية أميل لحود، ولم يدلِ بتصريح على الاثر، ثم الرئيس السابق الياس الهراوي. ودعا لاحقاً في "لقاء الاربعاء" النيابي في ساحة النجمة الى "ضرورة وضع برنامج اقتصادي متكامل لمناسبة تحضير مشروع قانون الموازنة". وشدّد على "ضرورة تشكيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي وانطلاق عمله في اسرع وقت ممكن لمتابعة الوضع الاقتصادي". وقال "يجب اعطاء الأولوية والأهمية للمعالجات الاقتصادية. وقد آن الأوان لنتابع عملية الاصلاح الاداري بواسطة أجهزة الرقابة بعد ان تعطى كل الإمكانات لها، وذلك كما بدأت الحكومة في الجلسة السابقة بتعيين قضاة لدى ديوان المحاسبة". وفي ما يتعلق بقضية أموال البلديات، كرّر بري "اننا ننتظر تقرير ديوان المحاسبة في هذا الموضوع واذا رأينا شيئاً فيه، تجتمع اللجان النيابية وتبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً لجهة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية أو عدمه". الحص أما الرئيس الحص فقال، في دردشة مع الصحافيين في السرايا الكبيرة، رداً على سؤال عن الخطوة المرتقبة بعد الاصلاح الاداري، "ان الحكومة تعمل في شكل متواز بين الاصلاح الاداري والشأن الاقتصادي، وان اللجنة الوزارية المالية - الاقتصادية التي تجتمع اسبوعياً تتقدم من مجلس الوزراء باقتراحات معينة عندما تتوافر لها، والمحطة الثانية ستكون الموازنة العامة للعام 1999 وهذا ما تبحث فيه اللجنة الاقتصادية علماً انها تتناول الجانب الاقتصادي من كل نواحيه". والتقى الحص وفداً من كتلة الوفاء للمقاومة أعلن باسمه النائب ابراهيم امين السيد حزب الله انه قدّم اليه مذكرة مطلبية تفصيلية بمطالب المواطنين عن مشاريع انماء في بعلبك - الهرمل ومشاريع للضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع الغربي. واضاف "ان الحص أعلن ان هناك توجهاً الى تنفيذ بعضها وان ثمة أموراً تحتاج الى درس وآلية". وأبرز ما تضمنته المذكرة انشاء سد العاصي والسدود الترابية والدراسة المقررة لبحيرة اليمونة وتحقيق الزراعات البديلة، وتشجيع الاستثمارات الزراعية واقامة كلية زراعة في تلة العمارة وتشجيع الاستثمارات الموجهة نحو التصنيع الزراعي والاسراع في انجاز المدن الصناعية في بعلبك والهرمل. وتضمنت المذكرة مطالب تتعلق بانجاز مشاريع مياه الشفة في قضاء بعلبك - الهرمل ومشاريع الطرق ومطالب تتعلق بمشكلات عمرانية كالاستملاكات وانتقال الملكية الى جانب مسألة تفعيل المستشفيات الحكومية ومعالجة مشكلة المياه المبتذلة، ومطالب تربوية لجهة انشاء مدارس رسمية أو تجهيزها واخرى ادارية. وتناولت "عناوين مشاريع لازمة للضاحية الجنوبية لبيروت "منها ما يتعلق بمياه الشفة ومشروع أليسار والبنى التحتية في منطقة حي السلم ونهر الغدير والاستملاكات وتنظيم السير وتنفيذ الطرق وتأهيلها وبناء مدارس جديدة واقامة محطة تحويل كهربائية". وفي المذكرة "عناوين مشاريع لازمة للجنوب تتعلق بعائلات الشهداء وزراعة التبغ، ودعوة الى استفادة الشريط المحتل والقرى المحاذية للاحتلال من المساعدات الدولية. وأوردت مشاريع تنتظر التنفيذ لانشاء اوتوسترادات وطرق واستكمال الانارة، وشددت على ضرورة استكمال تطهير الادارة "من الموظفين السيئين الذين لا يداومون أو الذين يداومون ولا يقومون بوظيفتهم الا في مقابل تجيير خدماتهم لمصلحة السياسيين الذين فرضوا توظيفهم ولدينا الكثير من الاسماء ومن مختلف الفئات". واطلع الحص من رئيس مجلس الادارة المدير العام لمرفأ بيروت عصام بكداش على اوضاع المرفأ ورؤيته المستقبلية له. واستمع من النائب سامي الخطيب الى "هموم البقاع الغربي". وقال الاخير انه لمس لدى الحص "تفهماً كاملاً للموضوع ورغبة أكيدة في دعم أهلنا في قرى الصمود". وفي المواقف، شدّد النائب محمد فنيش بعد لقائه وزير الاعلام أنور الخليل على "استكمال ملف الاصلاح الاداري ووضع معايير واحدة له". وقال "ان العملية القائمة ضرورية لكنها شهدت بعض الشوائب التي تتمّ معالجتها". وطالب "باستكمال ملف المهجرين واعطائه الاهتمام الكافي من الحكومة ومعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة". ودعا النائب جبران طوق الحكومة الى اعطاء الموازنة العامة الأولوية لدرسها واقرارها لان كل القرارات الخارجية وكل المؤسسات الدولية والقرار المالي الاقتصادي في العالم تنتظر موضوع الموازنة لتعرف في اي منحى سيسير لبنان. واضاف "علينا الا نتلهى بقضايا جانبية كأموال البلديات وسواها، ويجب التركيز لتأتي الموازنة واضحة وشفافة تتضمن برنامج عمل وخطة تصد للعجز والمديونية واتخاذ تدابير جدية تقنع اللبناني اولاً والاجنبي ثانياً". وأكدت الاحزاب والقوى اللبنانية، في بيان بعد اجتماعها الدوري في مقر المجلس السياسي ل"حزب الله"، أهمية عملية الاصلاح الاداري وضرورتها في إقامة ادارات عامة سليمة تسهم في عملية النهوض والبناء، وشدد على "استكمالها على أسس موضوعية وعلى نحو شامل لا تخرقه استثناءات لاعتبارات معينة".