عادت الحياة الطبيعية الى منطقة البقاع، وخصوصاً المناطق التي كانت مسرحاً للاشتباكات بين الجيش اللبناني وأنصار الشيخ صبحي الطفيلي. وفتحت المدارس والمحال التجارية ابوابها، وشهدت الشوارع زحمة سير خانقة. لكن بلدة بريتال، مسقط رأس الطفيلي الذي يعتقد انه لجأ اليها، فما زالت منطقة عسكرية خاضعة لإجراءات امنية تنفذها وحدات الجيش اللبناني الذي سمح للمواطنين بدخولها والخروج منها عبر طريقها الرئيسية، وسير دوريات مؤللة وراجلة وأقام حواجز تفتيش. واطلع قائد الجيش العماد إميل لحود رئيس الجمهورية الياس الهراوي في قصر بعبدا على التدابير والاجراءات التي اتخذها الجيش في منطقة البقاع. واتصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري بآل وهبة معزياً باستشهاد الملازم الاول جان وهبة، امام الحوزة الدينية في عين بورضاي حيث كان يعتصم الطفيلي وأنصاره. وفي هذه الاثناء توالت ردود الفعل المشيدة بموقف الجيش والمطالبة بضرورة ايلاء الوضع المعيشي في منطقة بعلبك - الهرمل الاهتمام المطلوب. ورأى رئيس الحكومة السابق النائب سليم الحص ان "الجيش اللبناني اثبت مرة جديدة انه على قدر المسؤولية المنوطة به وانه على مستوى الرهان المعقود عليه، حين يكلف مهمة امنية". وقال ان "تدخل الجيش في البقاع كان من شأنه قطع الطريق على المزيد من التسيب الامني ومن اراقة الدماء". وطالب الدولة بأن "تجد في ما حدث حافزاً لتكثيف الجهود لمعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وفي سائر المناطق المحرومة". ورأى النائب نجاح واكيم ان "صمت الحكومة المريب عن احداث مدينة بعلبك يدعو الى طرح الكثير من الاسئلة المقلقة عن حقيقة الوضع الامني في البلاد ومدى ترسخ السلم الاهلي الذي تتخذه الحكومة ذريعة لتبرير كل قرار تتخذه". وطالب الحكومة "ببيان رسمي يشرح ملابسات الاحداث المأسوية التي وقعت في مدينة بعلبك والاسباب التي ادت اليها" معتبراً ان "اصرار الحكومة على التعاطي مع المشكلات الاجتماعية من زاوية امنية فقط لا يحلها بل يزيدها". وانتقد النائب نسيب لحود "المعالجة القاصرة للمشكلات المزمنة التي تعانيها تلك المنطقة". وأضاف "اذا كان الخروج عن القواعد القانونية والسلمية في التعبير عن الرأي او في العمل السياسي عموماً امراً خطيراً ومرفوضاً لما فيه من تهديد للسلام والامن وسلامة المواطنين ومصالحهم، فإن حصر تعامل السلطة السياسية مع هذا الموضوع الجدي والمتشعب بالشق الامني فقط، من دون معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية العميقة لتململ الناس واحتجاجهم وتمردهم، فيه تقصير فاضح وتقاعس عن اداء واجبات الحكم". وتابع رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين الاوضاع في البقاع وكلّف مفتي بعلبك الشيخ خليل شقير تقديم التعازي باسمه الى آل طليس في بريتال بوفاة النائب السابق الشيخ خضر طليس. ودعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالامير قبلان الحكومة الى "تغيير سياساتها في المناطق المحرومة خصوصاً منطقة بعلبك - الهرمل التي تعاني اهمالاً فاضحاً وادارة ظهر متعمدة، وكأن المطلوب ايصالها الى هذا الواقع الاليم". وقال "اذا كنا حريصين على تماسك هذا المجتمع وتنمية قدراته فعلى المعنيين معالجة القضايا الاجتماعية بالوسائل التي تكفل حلولاً ناجعة ومفيدة وتتغلب لغة الحوار الهادئ على الاساليب العنيفة والقمعية". وأبدى رفضه ان "يصبح في الوطن جبهتان: جبهة المستفرسين وجبهة الجائعين والمحرومين". وأجرى السيد محمد حسين فضل الله اتصالات ولقاءات مع عدد من المعنيين تم خلالها البحث في التطورات التي اعقبت احداث بعلبك. وأكد "ضرورة السعي الى لملمة الآثار السلبية التي عكستها الاحداث الاخيرة"، مشدداً على "تحمل المسؤولية في اشاعة اجواء اللحمة والوئام بين اهلنا في البقاع". وفي بكركي، عرض البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير تطورات البقاع مع زواره. وقال النائب شاكر أبو سليمان انه "يأسف لما حصل في منطقة بعلبك، فلحركة الشيخ الطفيلي وجهان: وجه تمردي على الدولة، ولا يمكن انساناً ان يحاول اقامة دويلة ضمن الدولة اللبنانية، بل يجب تطبيق القانون على الجميع وهذا ما قام به الجيش مشكوراً، مع اسفنا للضحايا التي سقطت سواء من الجيش او الشعب. اما الشق الآخر فيتعلق بالوضع المعيشي والاجتماعي وهذا لا يحل الا باهتمام الحكومة الجدي في هذه المنطقة والمناطق النامية والمحتاجة الى المساعدات". وقال القائم مقام شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ بهجت غيث "يجب اخذ العبرة مما حدث في بعلبك وضرورة تلافي مثل هذه الحوادث بسياسة حكومية صادقة حيال المواطنين ونهج العدالة والتوازن في مشاريعها وأولوياتها". واستنكر "رفع السلاح في وجه الجيش لأنه موضع احترام جميع اللبنانيين وتقديرهم". وطالب الدولة "بتدارك الامر لإنقاذ الوضع بالاصغاء الى مطالب المواطنين وحقوقهم المشروعة في الانماء والاعمار في كل المناطق من دون استثناء". وأبدت "الهيئة المطلبية لإنماء بعلبك" "اسفها لما حدث في منطقة بعلبك". وأكدت "دور القوى الامنية في حفظ الامن واعادة الهدوء الى المدينة".