ثلاثون عاماً امضاها وحيد جلال في التمثيل حتى الآن. شارك خلالها في اعمال تلفزيونية عدة اهمها: "مذكرات بوليس"، "قصص الليل"، "حكمت المحكمة"، "الأبله"، "العدالتان"، "هارون الرشيد"، "الفصل الأخير"، "المفتش وحيد"، "آخر مشهد" وصولاً الى "رماد وملح" و"أسرار" اللذين يعرضان حالياً. سينمائياً، خاض جلال تجربة مقبولة وشارك في بعض الافلام، منها: "موال" مع صباح ووديع الصافي من إخراج محمد سلمان و"في مهب الريح" مع المخرج زيناردي حبيس و"آخر الصيف" مع مروان وغدي الرحباني، ثم سرعان ما لفت انظار المخرجين المصريين وأدى ادواراً رئيسية في افلام "يا ليل" و"العين الساهرة" و"شباب يحترق"، اضافة الى فيلم سينمائي عالمي مع المخرج البريطاني أنطوني توماس وآخر مع المخرج الألماني شلوندورف. أما مسيرته المسرحية فكانت خجولة وبدأت عام 1961، حين ادى دوراً صغيراً في مسرحية "حذار من الشفقة" لعرفان ملص. بعدها مباشرة ادى البطولة في مسرحية ملص الثانية "ساندرا" ثم دور الشهيد سعيد عقل في مسرحية "شهداء 6 أيار". كذلك كانت له مسرحيتان أخرتان هما: "غلطة الشاطر بألف" و"الأمير فخرالدين" مع المخرج الراحل نزار ميقاتي. اليوم يشاهده الجمهور في دورين مختلفين على شاشة التلفزيون. ففي "أسرار" يتقمص شخصية لم يسبق ان أدّاها سابقاً وهو جار وصديق للسيدة نوال التي تستقر في مزرعتها بعد غياب طويل لتهتم بأبنائها الثلاثة، فيقف الى جانبها، وخصوصاً انه يحمل لها في قلبه حباً كبيراً لم تمحه الايام. اما في "رماد وملح" فيؤدي دور الوالد والحاكم المتسلط. "الحياة" التقت جلال وكان هذا الحوار: ماذا عن "أسرار"؟ - موضوع المسلسل جديد ومتشعب يتضمن قصصاً مترابطة ومتشابكة تتناقض فيها الشخصيات والمواقف الانسانية والاجتماعية كالغيرة والحقد والحق والانتقام وحب الذات. باختصار، انها مجموعة اسرار تسيطر على الشخصيات التي تكمّل بعضها لتحرك القصة باستمرار. هل سبق ان اديت دوراً مماثلاً؟ - لم يسبق ان اديت دور العاشق المسن. من هنا يطرح السؤال: هل يدوم الحب؟ وهل يقتصر الحب على المراهقين والشباب؟ "أسرار" يحمل اجابات عن هذه الاسئلة عبر تطور قصتي مع "نوال" مارسيل مارينا. المخرج إيلي فغالي لا يحب المبالغة في اداء الممثل ولعلك من الممثلين الاكثر ملاءمة لذاك الاسلوب. - صحيح، انا من محبذي الاداء البسيط غير المتكلف. بمعنى آخر، اعيش الدور وأجسده ببساطة محاولاً اقناع المشاهد. علماً ان بعض الادوار لا تقنعني شخصياً، لذا ارفض ادواراً عديدة تعرض عليّ بدون تردد. هناك، علاقة احترام متبادلة مع الجمهور لا اتنازل عنها. اليوم كما تعرف ثمة منهجان اساسيان في شكل الاداء. المنهج البريطاني الذي مثله لورنس اوليفيه وبيتر اوتول والقائم على غريزة الممثل، ومنهج ال"أكتورز استوديو" الذي له اتباعه امثال مارلون براندو وجايمس دين وبول نيومان وروبرت دونيرو وكثر سواهم. انهم يعملون على الشخصيات من الداخل وعلى نحو صعب من العيش والتحضير. هل انت ممثل غريزة ام ممثل ادوار مركبة؟ - اسمع، لا اريد ان اعقّد الامور كثيراً. انا لا انتمي الى اي مدرسة، بل اتبع احساسي فقط. مع ذلك، لا يمكن ان اتقمص الشخصية مئة في المئة لأن ثمة احساساً خاصاً بي لا بد ان يظهر. ببساطة، كل ما يمكنني فعله تقريب الدور من المنطقة واقناع المشاهدين به. كيف تصف اليوم احساسك وأنت تمثل دور الاب او الرجل الخمسيني وخصوصاً انك كنت تحمل لقب "فتى الشاشة"؟ - صحيح، كنت معروفاً في هذا اللقب. اما اليوم، فقد اجتزنا هذه المرحلة وكبرنا في العمر، وهذه حقيقة يجب ان نتقبلها. لذا، لا ارفض دور الرجل المسن، بل اشعر ان رسالتي مستمرة كفنان متأقلم مع الزمن. احب الناس والناس تحبني. اي فارق في ظروف العمل بين الماضي واليوم؟ - في الماضي، كانت الانتاجات المحلية كثيفة، مقارنة مع العصر الحالي. لكن الممنوعات كانت تقيّدنا ولم نكن قادرين على التعبير عن المشاعر الانسانية الحميمة نظراً الى ارتباط بعض الانتاجات بالتسويق في الدول العربية. اليوم، تحررنا نسبياً من هذه القيود وسقطت الممنوعات، اذ لم تكن مرتكزة على حقيقة بمقدار ما كانت مرتبطة بهواجس المنتج. ويجب ان نعترف بأن المحطات الفضائية قد ساهمت في هذا التحرر والانفتاح الذي يساعد على الاقتراب من المشاهد اكثر فأكثر. على الصعيد الشعبي، هل تعتبر ان نجمك لمع في "مذكرات بوليس"؟ - كلا، "مذكرات بوليس" كان عملي الاول في التلفزيون. اما تألقي بشكل لافت فكان في مسلسل "حكمت المحكمة" الذي اعتبر في حينها ظاهرة مميزة واستمر عرضه اسبوعياً خمسة اعوام متتالية. وأذكر ان الشوارع كانت تصبح خالية عندما يبث البرنامج. لكن دور "الأبله" يبقى من اصعب الادوار التي اديتها وهو مقتبس عن رواية دوستويفسكي، فهل اخضعت نفسك لتمارين خاصة؟ - لم اتمرن، بل استوعبت الشخصية وتقمصتها بعمق. وبما ان صاحب الشخصية كان مصاباً بالصرع فقد استشرت أخي الطبيب وزملاءه لأقف منهم على عوارض هذا المرض الحقيقية وأتمكن من تجسيدها في سياق الدور بصدق وبراعة. صدقني، كنت منسجماً في الدور كثيراً، مما تتطلب مني وقتاً طويلاً لأخرج منه. كان الامر مخيفاً فعلاً. على رغم كثرة اعمالك، انت مطبوع بطابع الرومنسية والبوليسية، ألم ترغب في لعب غير ادوار وخصوصاً الكوميدية؟ - صحيح، لكن للاسف لم اجد من يكتب لي ادواراً كوميدية، علماً انني نجحت كثيراً في احدى التجارب الفكاهية عندما اديت دوراً اساسياً في مسرحية "غلطة الشاطر بألف" لنزار ميقاتي. كانت اللعبة المسرحية هي المحور، تعتمد على الموقف والحوار، لا الشكل واللبس. لماذا ادوارك المسرحية قليلة؟ - هل تصدق؟ شاركت في بعض الاعمال المسرحية ونجحت فيها. لكنني لم احب المسرح، وأشعر فيه بالرتابة، اذ يؤدي الممثل يومياً الدور عينه. تشهد الساحة الفنية اليوم بعض المحاولات السينمائية، كيف تنظر الى واقع السينما اللبنانية اليوم؟ - جيل الستينات والسبعينات قد يذكر مشاركتي في اعمال سينمائية لبنانية ومصرية. لكنني، اعتبر المحاولات السينمائية في تلك الفترة فاشلة جداً، اذ كانت مرتبطة بعلاقات المنتج الشخصية وتقليد الغرب بإمكانات محدودة او الخوض في محاولات جدية تهدف الى عرض الافكار، في حين ان الجمهور يرغب بالتسلية ولا شيء غير ذلك. في الوقت الحاضر، تغيرت بعض الامور، وشاهدنا بعض المحاولات السينمائية الايجابية وأهمها "وست بيروت" الذي اعجبني كثيراً، وهو مثال واضح على ضرورة القيام بإنتاج مشترك ومدروس. أنت ممثل مثقف، برأيك ما اهمية الثقافة للممثل؟ - الثقافة ضرورية للجميع، لكن التمثيل يحتاج الى معرفة وآفاق واسعة، لذا تبقى المطالعة اساسية ومشاهدة الافلام الاجنبية تنمّي المخيلة. اضافة الى استيعاب الحياة والاستفادة من حس المراقبة. نعرفك كفنان، لكن لا نعرفك كإنسان. - أنا من الرجال الذين تزوجوا مرة واحدة، ولا ازال اعيش سعيداً. انجبت ثلاث فتيات سهرت على دراستهن وتربيتهن. هن اليوم متزوجات ولديهن ابناء.