أنهى المجلس النيابي اللبناني جلسته العامة الاولى في العهد الجديد، امس بإرجاء اقتراح قانون حماية الملكية الادبية والفنية الى جلسة مقبلة، وكذلك انتخاب خمسة اعضاء للمجلس الوطني للاعلام من دون تحديد مهلة زمنية، بعدما اقر اكثر من 50 مشروعاً واقتراح قانون. وجاء ارجاء القانون الاول بعد سجال اتسم بالسخونة وانقسم النواب في شأنه. لكن الحكومة شدّدت على اهمية اقراره مدعومة من بعض النواب ورئيس المجلس نبيه بري وكتلته وآخرين متعهدة الحصول على الالتزامات القانونية بخفض اسعار اقراص الكومبيوتر من شركة "مايكروسوفت" الاميركية بنسبة 90 في المئة ولمدة ثلاث سنوات على الاقل. اما بالنسبة الى الموضوع الاعلامي وكما كان متوقعاً وفي توافق ضمني ارجئ تعيين الاعضاء الخمسة في انتظار المشروع المتكامل الذي ستقدمه الحكومة كما وعد رئيسها الدكتور سليم الحص في اسرع وقت ممكن. وطرح في الجلسة اقتراح قانون من خارج جدول الاعمال يتعلق بدعم التبادل التجاري بين لبنان ومصر. فرفضه الرئيس حسين الحسيني "جملة وتفصيلاً لتوقيع رئيس الحكومة ووزير المال السابقين من دون توقيع الوزير المختص". فرد بري ان "الحكومة اعلنت البارحة التزامها في ما يتعلق بهذه المواضيع في المراحل المقبلة واعتبارها قيد التنفيذ". فوافقت الحكومة. وطرح الاقتراح على التصويت وصدق بالغالبية. وأعيد اقتراح يتعلق بالتعليم المهني والتقني كانت الحكومة استعادته، ووصل الى المجلس قبل يومين وفقاً للاصول موقعاً من الوزير المختص، على اللجان المشتركة لإعادة درسه. وتلي اقتراح قانون بمنح اعانات غذائية وبدل ملابس للمستخدمين المنتسبين الى الضمان الاجتماعي. فاقترح وزير المال جورج قرم ان يخفض بدل الملبس السنوي الى الحد الادنى للاجر بدلاً من ضعفي الحد الادنى. وطلب الحسيني احالته على اللجان المختصة لمزيد من الدرس فيما اعترض نواب عليه لأنه يدفع بأرباب العمل الى التهرب من الضرائب. الا ان النائب جميل شماس اعتبر ان "المداخلات في هذا الاطار هي تدخل في شؤون القطاع الخاص الذي يعرف كيف يتعاطى ارباب العمل مع موظفيه". فطلبت الرئاسة احالته على اللجان. وسحب اقتراح قانون اعادة احتساب تعويضات نهاية الخدمة للعسكريين الذين انهيت خدماتهم في 1/1/1991. ثم تلي مشروع القانون المتعلق بإلغاء الاستثناء الوارد في قانون الغاء الملاك "ب" في الادارات العامة كافة. فتقرر رده لمعارضة نواب له لعدم وضوح مضامينه. اما اقتراح القانون الرامي الى حماية الملكية الادبية والفنية ومواده، فاستفاض النواب في مناقشته. وتمنى النائب مروان فارس ان يدرس مجدداً "لأن ثمة معطيات جديدة تتطلب اعادة درسه، وان طرحه بهذا الشكل يعني اننا نشرّع لمصالح غير مصالح الشعب". ولاحظ النائب بطرس حرب ان هذا المشروع "قد يكون من اهم المشاريع نظراً الى انعكاساته محلياً ودولياً، ويجب التعاطي معه بالكثير من الحذر لتحقيق المصلحة الوطنية. ثمة قضايا وردت فيه ليست واضحة، وبلغتنا ملاحظات كثيرة تستوجب التوقف عندها". ودعا الى درسه مجدداً. وأيده النائب روبير غانم ملاحظاً ان بعض المصطلحات المترجمة الى اللغة العربية ليست دقيقة. ورد الحص على مداخلات النواب. وقال ان "العالم ينتظر منا اقراره لأنه اساسي جداً بالنسبة الى علاقاتنا مع الدول وحقوق الطلبة من اجل حيازتهم برامج وأقراصاً للكومبيوتر بأسعار مخفوضة جداً، وعلينا تأمين هذا المطلب"، كاشفاً ان "شركة "مايكروسوفت" وجهت الينا كتاباً، هو بين يدي الآن، تتعهد فيه حسماً يصل الى 90 في المئة على اجهزة الكومبيوتر والاقراص والبرامج للطلاب والمكتبات اذا اقر هذا المشروع". وتمنى الموافقة عليه. لكن النواب اسماعيل سكرية ونقولا فتوش ومروان حمادة دعوا الى اعادته الى اللجان للتعمق في درسه، فأوضح وزير الاقتصاد والتجارة ناصر السعيدي ان "الامر يتعلق بسمعة لبنان على المستوى العالمي لوجود قرصنة فيه، وان اقراره يعني اعادة الثقة به في هذا الامر خصوصاً اننا اصبحنا نصدر برامج الكومبيوتر الى الخارج". ونبّه النائب محمد بيضون من ان "هذا المشروع لا يستفيد منه الاميركان فقط وانما اللبنانيون ايضاً اذ لدينا برامج كثيرة ولا يجوز التأخير في اقراره، لأن من شأن ذلك الاساءة الى سمعة لبنان والحكومة، وعلينا الا نفوت هذه الفرصة". لكن النائب فنيش وافق على المشروع لجهة سمعة لبنان، داعياً الى عدم التسرع في اقراره من دون معرفة رأي اصحاب الشركات خصوصاً اننا لم ننس الوعود الدولية بالزراعات البديلة بعد اتلاف الحشيشة". وأكد النائب جبران طوق ان سمعة لبنان ومصلحته "تقتضيان اقرار المشروع"، داعياً الى "السير فيه وعدم تأخيره". وقال النائب شاكر أبو سليمان ان "المشروع يرتبط بمعاهدات دولية وسمعة لبنان ومصلحة الطلاب في حاجة ماسة الىه". ودعا النائب ابراهيم أمين السيد الى "عدم ادخال العلم في لعبة الاحتكارات العالمية التجارية. ولكي نضمن تأمين هذه الوسائل لطلابنا يجب التمييز بين الناحيتين التربوية والتجارية"، داعياً الى "اعادته الى اللجان لئلا نقع في اخطاء". ودعت النائبة نايلة معوض الى تعيين موعد للجان لدرس الموضوع اكثر ومن ثم اقراره، والنائب حسين الحاج حسن الى "دراسة معمقة للمشروع لأن هذه الشركة هي من اكبر الشركات الاحتكارية العالمية وارباحها السنوية تتجاوز ال40 بليون دولار اميركي". وقال "نحن مع سمعة لبنان لكن ثمة مواد تتطلب تعديلات وهي ضد مصلحة الطلاب وغير قابلة للتطبيق". وأيده في ذلك الحسيني وقال "يجب تعديل النقاط الواجب تعديلها واطلاع المجلس والرأي العام عليها". وسأل النائب عاصم قانصوه "هل الخفض بنسبة 90 في المئة الذي وعدتنا به الشركة الاميركية، هو مكافأة لتسهيل تجارتها؟". وقال "يبدو ان هناك رشوة لنوافق لهم على مشروعهم". ورأى "ان الموضوع يطرح من الناحية التجارية لا الوطنية". وسأل "ما مصلحة لبنان من طرحه؟". وأشار الى "ان سمعة لبنان نظيفة لاننا منعنا زراعة المخدرات ولم يعوّض علينا، ونخشى ان يكون الوعد الجديد كالوعد الدولي بتأمين الزراعات البديلة". وعندما قال "يبدو ان ثمة اناساً تقاضوا اموالاً لتسويق المشروع". طلب بري شطب العبارة من المحضر، "اذ لا يجوز اتهام أحد". وأكد النائب بشارة مرهج "ان المشروع يتعلق ايضاً بمصالح لبنان الذي اصبح مؤهلاً لابراز صناعة البرامج المعلوماتية. وان اقراره يشكل دخلاً كبيراً ويجب الاخذ في الاعتبار مواكبة العصر الحديث". وتحدث عن "رسائل تؤكد ان الحسم يشمل البرامج الثقافية والتعليمية للطلاب". الا ان النائب غسان الاشقر قال "اذا أردنا ان نمشي بحسب المعايير الدولية وسمعة لبنان، علينا اذاً وقف المقاومة لانها لا تناسب هذه المعايير". فرد بري بحدة "المقاومة لا تضرّ بسمعة لبنان ولا تدخل في المعايير الدولية". ثم رد بمداخلة طويلة على النواب قال فيها "عند حصول تناقض في شأن مشروع، يحال على اللجان، لكن هذا المشروع مضت عليه سنوات عدة والحقيقة من خلال درس معمق وتقارير وردت عليّ شخصياً، اضافة الى رسائل وجهتها الشركات المختصة بما سمي تعهدات استطيع القول للهيئة العامة ان لبنان مؤهل لان يكون هو الاساس في هذا العمل التقني للمستقبل، واذا لم يصدق هذا الاتفاق فاللبناني يضطر الى ان يسجل حقّه في الملكية في الخارج وهذا ما ليس فيه مصلحة للبنان على الاطلاق"، موضحاً ان "نسبة 75 في المئة من الاقراص الموجودة الآن في السوق اللبنانية هي من ماليزيا وتباع بحدود العشرة دولارات وتتضمن 30 برنامجاً بينما اذا كانت ستعمل وفقاً للشركات وللعروض فتصل الى حدود ال80 وال90 دولاراً الامر الذي يحمّل الطلاب وذوي الدخل المحدود عبئاً كبيراً". وقال "وردت علي الرسائل والتعهدات كثيرة، لكنها لم تصل الى درجة الالتزام ورأيي من الوجهة القانونية ان الامر يتطلب التزاماً لسنوات عدة وليس لسنة فقط، حتى يستطيع اللبناني خلال هذه المدة والحكومة تحديداً انشاء مكتبات عامة مثل دار الكتب الوطنية ليكون ثمة دار لهذه الاقراص حتى يستطيع الطالب الفقير الحصول عليها على ان يكون ثمة تعهدات موثوق بها قانوناً تقدم الى الحكومة لمدة ثلاث سنوات على الاقل، بان الشركات تعطي الطالب اللبناني وغيره اسعاراً مخفوضة بنسبة 90 في المئة كما هو وارد. وعندئذ ليس من مصلحة لبنان والمجلس النيابي رفض هذا الاتفاق". واقترح "ان يؤجل القانون من دون العودة الى اللجان على ان يكون على جدول الجلسة المقبلة للمجلس وحتى ذلك الوقت على الوزير المختص وبالتالي الحكومة تقديم تعهدات واضحة وملزمة قانوناً من هذه الشركات انها مستعدة ان تخفض ويتلى هذا التعهد مع اقتراح القانون فتصادق الهيئة العامة عليه". فوافقت الحكومة وارجىء الى الجلسة المقبلة. وقبل رفع الجلسة، طلب بري من النواب البقاء لانتخاب خمسة اعضاء من المجلس الوطني للاعلام. فقال الحسيني "سبق ان أعربنا عن تذمّرنا من الوضع الذي كان فيه مجلس الاعلام، لان القانون لم يلحظ له الصلاحيات التي تتفق مع الجهد المبذول لتعيين اعضائه"، مطالباً "بتعديل هذا القانون واعطاء المجلس الصلاحيات المتناسبة اضافة الى اعضاء حكميين في المؤسسات والهيئات". وتمنّى على الرئاسة ان ترجىء تعيين الاعضاء الخمسة تمهيداً لدرس القانون الذي سترسله الحكومة الى المجلس "اذ لا قيمة لهذا الانتخاب ما دمنا لم نعطِ هذا المجلس الصلاحية المطلوبة". وردّ الحص "نحن في صدد اعداد مشروع قانون لتعديل قانون المرئي والمسموع فنرجو من المجلس التريث في تعيين الاعضاء الخمسة". واشترط بري ان يتم ذلك سريعاً. فردّ الحص "في أسرع ما يمكن". ورفعت الجلسة. وكشف وزير الاعلام أنور الخليل بعد الجلسة ان "مشروع تعديل قانون الاعلام يصبح جاهزاً خلال اسبوعين". وقال "نتلقى طلبات الترخيص ومن يرغب عليه ان يتقدم ولدينا الآن طلبان فقط عائدان لمؤسستي "نيو.تي.في." و"يو.تي.في." المتحدتين".