يتدخل الناتو؟... لا يتدخل؟... بين تسويف مكيافلي محسوب ونفي ملتوٍ زئبقي، قوافل من سكان كوسوفو العزل تباد على مسمع من العالم، بل وبقلب هذا العالم الحر المحتضر؟ متى يتم تدخل الناتو في كوسوفو ان قدر له اصلاً ان يتدخل بشكل فعال؟ سؤال طالما تردد وأسأل حبراً كثيراً ودماً لا يقل غزارة. تتعدد التشاورات وتتكثف الاتصالات وتتقارب اللقاءات التي تخرج في كل مرة بتعهدات عن تدخل وشيك لانهاء "التصرف غير المقبول من قبل الحكم الصربي". تعهدات ملتهبة تتوعد صلف القيادة الصربية! هذه الشلالات من التهديد والوعيد لا يقابلها سوى المزيد من القتل والتمزيق لأجساد الألبان المجردة من كل وسيلة دفاع. مشهد ميلو - دراماتيكي يتجدد عقب كل مجزرة تذهب بپ"قطيع" آخر من الألبان المعدومين. "اخراج" حي آخر، تماماً كما سبق ان جرى في البوسنة. في وقت لا تقبل لجنة اونسكوم من العراق بأقل من تفتيش كل موقع بلا استثناء حتى ولو كان ذلك داخل حمامات حزب البعث فالموكلين بالمراقبة والحماية في كوسوفو ليسوا بنفس الحزم والصرامة. المجزرة الاخيرة في قرية راتشاك التي اودت بحياة 46 مدنياً البانياً على أيدي الجيش النظامي الصربي كانت فرصة اخرى يترك فيها للصرب ما يكفي من الوقت لاخفاء الدليل على الطبيعة الوحشية والغدر اللذين تمت فيهما المجزرة. كلما تكاثرت المجازر المرتكبة من قبل الصرب وافتضح امرها تذمر الرأي العام وتململ - نظراً للاحراج الذي يؤرق ذلك الضمير الحر الغائب ليس الا - الا وسمعنا عن تدخل على الأبواب لقوات الناتو. لكن الملفت ان التدخل الفعلي يطول حدوثه. تتعدد تبريرات الناتو وتتخوف من فيتو بعض الدول، اعتراض وتخوف وتريث لم يكن يطرح عند تدخل العواصم الغربية من اجل استقلال جمهوريات البلطيق الثلاث ليتوانيا، استونيا، لاتفيا. الاعتراض يكون حصراً لما يتعلق الأمر بالبوسنة وكوسوفو او العراق و... تابعوا هذه الدول سيجد المرء ما يربطهم ببعضهم بعضاً. موقف الناتو هذا يذكرنا بشكل رهيب بموقف القوات الأممية التي كان من المفروض ان تحمي اهالي الجيوب الآمنة في كل من جوبا وسبرانتشا التي داهمها الصرب امام اعين الفيلق الهولندي فأتى على آخرهم. تبين مع مرور الأيام ان الأمر كان افظع مما يتصور المرء. فالقوات الاممية لم تكتف بعدم مساعدة هؤلاء البؤساء بل قدمتهم لقمة سائغة الى جلاديهم. وأفاد حديثاً عنصر من تلك القوات ربما يكون أرقه هول ما شهده فلم يستطع تحمل السكوت، ان عملية فرز الضحايا قام بها الفيلق الاممي الهولندي. تماماً مثل ما اقدم عليه الفيلق الايطالي التابع لقوات حفظ الأمن في الصومال من نهب واغتصاب باعتراف احد عناصر تلك القوات. بعد أيام لعلها غير بعيدة سنسمع لا ريب عن فواجع اخرى قد تكون افظع مما ارتكبته الناتو وغيرها من "القائمين على حماية العُزَل" في كوسوفو. لمن الدور القادم؟ الرباط - عكاشة ابو لقمان