إذا كان كريستوفر كولومبس هو مكتشف القارة الاميركية، وجورج واشنطن هو رائد التحرير في الولاياتالمتحدة، فإن جاكي روبنسون هو محرر الزنوج في الرياضة الاميركية. لقد عرفت الرياضة في الولاياتالمتحدة قمة التفرقة العنصرية في النصف الاول من القرن العشرين ولم تسمح الاندية لأي زنجي بالمشاركة في المسابقات الكبرى لرياضتي البيسبول والكرة الاميركية وهما اللعبتان الأكثر شهرة محلياً على مر العصور، وظلت مشاركة الزنوج مقصورة على المسابقات المهملة من الجماهير الاميركية كألعاب القوى والملاكمة. ورغم نبوغ جيسي اوينز في الجري وجو لويس في الملاكمة الا انهما لم يحصلا مطلقاً على حقهما في الاعلام الاميركي. لكن كل شيء تغير عام 1947، وكان الفضل للموهوب جاكي روبنسون الذي اصبح اول رياضي زنجي ينضم لأحد اندية البيسبول للمحترفين. وقع جاكي عقداً مع نادي بروكلين دودجرز وشارك في دوري المحترفين للبيسبول وسط اكبر حملة معارضة ونقد في تاريخ الرياضة، ووصل الامر الى حد التهديد بقتله والانتقام من اسرته والانسحاب من المباريات المقامة ضده. وتحمل جاكي كل شيء من اجل النجاح، الاهانات والسباب في الملعب من اللاعبين والجماهير، وتحمل النقد الجارح في الصحافة ولم يعترض على الحكام او يناقش منافسيه في الملعب ولم يدخل اندية البيض او يجالس امرأة بيضاء. وفي نهاية الموسم انقلب كل شيء رأساً على عقب وأصبح جاكي مقبولاً من المجتمع الابيض ومحبوباً من زملائه ومنافسيه وتحولت الصحافة الى مديحه وارتفعت هتافات انصار ناديه بإسمه فنال لقب احسن لاعب صاعد - روكي - خلال عام 1947. جمع جاكي كل مميزات لاعب البيسبول الممتاز من موهبة فطرية وقوة كبيرة ولياقة بدنية عالية ومرونة فائقة مع إصرار وإرادة ورغبة هائلة على التحدي والفوز والنجاح وامتاز دائما بقدرته على الشمولية. كان لاعباً في خمس رياضات مختلفة في الجامعات وكان يمكنه الاحتراف في كرة القدم الاميركية لو سمحوا له كزنجي في بداية الاربعينات، أو الاحتراف في كرة السلة لو بدأ الدوري الاميركي مبكراً، أو المشاركة في الدورة الاولمبية كلاعب للوثب الطويل لو أقيمت دورة الالعاب عام 1940. وكان شقيقه الاكبر ماك فاز بالميدالية الفضية للوثب الطويل في اولمبياد 1936. وتألق جاكي ايضاً في السباحة وفاز بمسابقات جامعية. وعندما احترف البيسبول اثبت قدرته ايضاً على الشمولية في الرياضة التي حفر فيها اسمه بحروف من ذهب. لعب جاكي عشرة مواسم مع ناديه بروكلين دودجرز من 1947 الى 1956، وقاده الى الفوز ببطولة الدوري عام 1955، ووصل معه للنهائيات 6 مرات، وكانت بدايته مع الفريق في مركز لاعب القاعدة الثانية، وهو المركز الذي شارك خلاله في اكبر عدد من المباريات وحقق اعلى قدر من النجاح، واختاره الخبراء كأحسن لاعب في هذا المركز على مر العصور، وسجل في موسمه الاول 29 محاولة ناجحة للحصول على القاعدة - ستيل - قبل دخول الفريق المنافس في اللعب. وعندما احتاجه الفريق - بسبب نقص الصفوف - انتقل الى لاعب القاعدة الاولى للاستفادة من قوته البدنية. وأجاد بامتياز، وأكد الخبراء انه احد افضل خمسة لاعبين في هذا المركز. واحتاجه الفريق مجدداً في مركز لاعب القاعدة الثالثة. ولم يعترض كعادته وانتقل اليه ولعب وأجاد. وزاد الامر تألقاً وشمولاً عندما كان ينتقل الى مركز لاعب الميدان، وعلى مدار مشواره الطويل خاض 751 مباراة في مركز لاعب القاعدة الثانية، و256 في الثالثة، و197 في الاولى، و152 في الميدان. وبات جاكي اشهر لاعب في تاريخ البيسبول في الولاياتالمتحدة، وحقق كل طموحاته وطموحات الزنوج ايضاً وفتح امامهم الطريق الى اندية المحترفين الكبيرة، وبات اول رياضي اميركي توضع صورته على طابع بريد. واًخيرا حصل جاكي على اكثر من تقدير، وقررت لجنة الدوري اطلاق اسمه على الجائزة السنوية لأحسن لاعب صاعد في الموسم - روكي - وكذلك اطلاق اسمه على مسابقة الدوري في عام 1997 بمناسبة مرور 50 عاماً على بدايته التاريخية. أعوام وأرقام - جاكي روزفلت روبنسون، من مواليد مدينة كايرو بولاية جورجيا في 31 كانون الثاني يناير 1931، الطفل الخامس لجيري روبنسون وزجته مالي، لكن والده هجره بعد شهرين فقط من ولادته ولم يره بعد ذلك مطلقاً، وانتقل مع والدته للعيش في باسادينا. - كان ناجحاً في دراسته، لكنه لم يحصل على شهادة من جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس لأنه احس انها لن تمنحه فرصة جيدة للعمل بسبب بشرته السمراء. - عمل صغيراً كمساعد اداري في احد مراكز الشباب، لكنه فقد عمله عند اندلاع الحرب العالمية الثانية لإغلاق المركز. - احترف الكرة الاميركية في هاواي، وتركها قبل يومين فقط من الغارة اليابانية الشهيرة والرهيبة على بيرل هاربور. - انضم في 1942 الى فريق كنساس سيتي موناركس في دوري البيسبول الخاص بالزنوج. - وقع معه برانش ريكي رئيس نادي بروكلين دودجرز للاحتراف، لكنه ارسله اولاً للعب في نادي مونتريال دودجرز في دوري القسم الوطني - المستوى الثاني - لاكتساب الخبرة خلال عام 1946. - في 10 نيسان ابريل 1947 اصبح اول لاعب زنجي في العصر الحديث في دوري المحترفين الاميركي للبيسبول. - في 24 حزيران يونيو 1947 قاد فريقه الى الفوز على بايرتس 4-2، وفي 17 ايلول سبتمبر 1947 اختير كأحسن لاعب صاعد خلال الموسم - روكي - بعد سجل ممتاز. - نال لقب احسن لاعب في الدوري عام 1949، وظل عضواً في مباراة كل النجوم السنوية من 1949 الى 1954. - في 13 كانون الاول ديسمبر 1956 قررت ادارة نادي بروكلين دودجرز بيعه الى جيانتس مقابل 35 الف دولار ورفض جاكي الصفقة واعلن اعتزاله في 5 كانون الثاني 1957. - لعب جاكي في مشواره كمحترف 142 مباراة - منها 38 في النهائيات، وسجل 139 عدواً ناجحاً نحو القواعد الاربع. - انضم في1962 الى قاعة المجد لنجوم البيسبول. - عمل مذيعاً تلفزيونياً للبيسبول عام 1965، وتوفي في 24 تشرين الاول اكتوبر 1972.