عمان - أ ف ب، رويترز - بدأ العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين والملكة نور الحسين وأفراد الأسرة المالكة امس في تقبّل العزاء في الملك الحسين في قصرين منفصلين. وأعلن الديوان الملكي ان العزاء سيستمر لمدة ثلاثة ايام حتى غد الخميس وان سجل التعازي فتح في الديوان الملكي حتى نهاية فترة الحداد التي تستمر ثلاثة اشهر. وتوافد آلاف الاردنيين من كافة فئات الشعب لتقديم العزاء اما بتقبيل افراد الاسرة المالكة او بمصافحتهم. واعلن الديوان الملكي عن تقبّل العزاء من كافة الفعاليات الرسمية والشعبية الاردنية. وسقطت كل اشكال البروتوكول بدخول آلاف المواطنين من كافة الفئات من دون رقابة او اجراءات تفتيش في غياب شبه تام للاجراءات الامنية في القصور الملكية. واستقبلت المكة نور وعقيلة الملك الجديد الأميرة رانيا والأميرات، المعزيات في قصر زهران الواقع في جبل عمان، والذي كان مقر اقامة الملكة الراحلة زين الشرف والدة الملك حسين. وفي هذا القصر اقترن الملك حسين بعقيلته الرابعة الملكة نور الحسين في العام 1978. أما الملك عبدالله فيتقبل العزاء مع الامراء من الرجال في قصر رغدان. ووصلت طلائع المعزيات الى قصر زهران في التاسعة صباحاً تحت سماء زرقاء صافية بعد يومين من الامطار المتواصلة في جو بارد. ووضعت الكراسي تحت خيمة ضخمة نصبت في ساحة امام مبنى ضخم ليجلس عليها كبار السن والمرضى بانتظار وصول دورهم لتقديم العزاء، حيث تدخل الى الصالونات افواج من نحو ثلاثين سيدة على التوالي. وتحلقت نحو 45 سيدة في صالة كبيرة تستقبل فيها الملكة نور نساء الاردن وهي ترتدي زيّاً اسود وتلتفح بغطاء رأس ابيض، مثل جميع نسوة الأسرة المالكة. وبوجه حزين فيه بقايا عبرات، تصافح الملكة كل يد تمتد اليها وتحتضن النسوة وتتوقف للحظات قليلة للحديث مع احدى المعزيات قبل ان تتبادل بعض الكلمات مع المعزية التالية. ووقفت الأميرة بسمة شقيقة الملك الراحل، التي تبرعت بعينة من نخاعها العظمي لانقاذه من سرطان الغدة اللمفية الى جانب الملكة نور. ووقفت في الصف أيضاً عقيلتا شقيقي الملك الراحل الأميرة تغريد محمد وثروت الحسن، وملكة المستقبل الأميرة رانيا عقيلة الملك عبدالله. وفي الصف ايضاً كريمات الملك حسين الأميرات عالية وزين وعائشة وهيا وايمان وراية وزوجة ابنه الأميرة عالية الفيصل، كذلك وقفت الأميرة عبير، التي تكفل الملك الراحل بتربيتها بعد ان فقدت عائلتها في تحطّم طائرة في السبعينات الى جانب كريمات الملك حسين. وتشارك في تقبّل العزاء ايضاً الأميرة منى البريطانية الأصل، زوجة الملك حسين الثانية، ووالدة الملك عبدالله. عزاء الرجال واصطف مئات الرجال للدخول الى صالات قصر رغدان لتقديم لعزاء لأنجال الملك حسين واشقائه وابناء عمومته. وانضم الملك عبدالله الى أقاربه ظهر امس بعد زيارته ضريح زوجة ابيه الثالثة الملكة علياء التي صادف يوم امس ذكرى مقتلها في حادثة تحطم طائرة مروحية في العام 1977. وصافح الملك عبدالله الذي ارتدى بدلة قاتمة واعتمر كوفية حمراء مرقطة المعزين ووقف الى جانبه اشقاؤه الأمراء فيصل وعلي وحمزة، ولي عهد الاردن الجديد، وهاشم، ثم ابناء عمومتهم وكبار مسؤولي الديوان الملكي. وقال احد موظفي الديوان الملكي ان "الناس، فقراء واغنياء، يمكنهم القدوم للتعبير عن مشاعرهم تجاه الملك، هذه هي العادة على مدة ثلاثة ايام والعائلة المالكة ستحترمها". واجتاز العاهل الاردني الجديد باقتدار امتحانه الاول على الساحة العالمية خلال مراسم تشييع جثمان والده التي تحولت الى ملتقى استثنائي لزعماء العالم الذين اعربوا عن دعمهم للعاهل الجديد. وظهر الملك الشاب 37 عاماً، الذي لم يكن معروفاً لمعظم المشيعين، واثقاً من نفسه رافع الرأس باعتزاز خلال الجنازة وفي مرحلة تقبل العزاء الحاشدة التي اعقبتها. واعتبرت صحيفة "المجد" الاردنية الاسبوعية في عنوانها الرئيسي ان "الملك عبدالله يخلف والده، والاردن يجتاز المرحلة الانتقالية بنجاح واقتدار". وكتبت صحيفة "الرأي" في افتتاحيتها "نحن على ثقة ان عبدالله بن الحسين الذي حمل الراية سيكون خير خلف لخير سلف .. وسيسجل التاريخ ان الملك الشاب عبدالله بن الحسين اكمل المسيرة بكل تفاصيلها وقراءاتها التي جاءت في وصية الحسين". وشكل الحشد الاستثنائي من زعماء العالم الذين قدموا لوداع الملك حسين "آخر عمالقة هذا القرن" كما وصفته الصحف الاردنية، دلالات دعم ومساندة للملك الشاب ولبلده. وأدى هذا الدعم العالمي الصريح الى طمأنة الاردنيين، القلقين على مستقبلهم بعد رحيل من عاشوا تحت رايته لنحو نصف قرن. وشعر الاردنيون بفخر وزهو وهم يرون هذا الحشد الكبير من زعماء العالم في وداع مليكهم الراحل ومساندة خلفه، ما ادى الى تهدئة مخاوفهم. وقال مسؤول رفيع رافق ضيوف الاردن الكبار لوكالة "فرانس برس" "انهم عبروا عن تقديرهم للحسين ولانجازاته، وأشادوا بقوة بالبنيان الذي رسخه في دولة المؤسسات التي عملت بكل كفاة وفاعلية".