شككت مصادر فلسطينية وحقوقية يسارية اسرائيلية بصدقية المبررات التي ساقها رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك في شأن استمرار التوسع الاستيطاني وأنذرت بالمزيد من عطاءات البناء لوحدات سكنية في المستوطنات في الاشهر المقبلة، فيما اتهمت الحكومة الاسرائيلية الفلسطينيين بمحاولة "افتعال ازمة" من خلال تعليق المفاوضات النهائية بسبب الاستيطان. في غضون ذلك، قال ناطق باسم الحكومة ان رئيس الوزراء الاسرائىلي سيلتقي الرئيس ياسر عرفات في وقت قريب، من دون تحديد موعد اللقاء او مكانه. وكانت صحيفة "معاريف" اشارت امس الى ان اللقاء سيتم الاثنين المقبل وان الزعيمين يهدفان الى التوصل الى "اتفاقات مهمة" تمهيداً للتوصل الى اتفاق اطار. من جهة اخرى، أُلغي اجتماع فلسطيني - إسرائيلي كان مقرراً أمس في القدس بين رئيسي طاقمي المفاوضات الانتقالية الدكتور صائب عريقات وعوديد عيران. وذكر مصدر فلسطيني قريب من المفاوضات أن الاجتماع ألغي بسبب "الأزمة" التي وصلت إليها مفاوضات الوضع النهائي بسبب استمرار النشاطات الاستيطانية في الاراضي المحتلة. وقال وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين أن الجانب الفلسطيني "يسيء لنفسه من خلال وقف المفاوضات". وأضاف: "في حال عدم التوصل إلى تسويات، فإن المرحلة الانتقالية ستستمر وكذلك تتواصل أعمال البناء في المستوطنات لتلبية حاجات التكاثر السكاني". اما وزير التربية الاسرائىلي، زعيم حركة ميريتس يوسي سريد، فهدد بالانسحاب من الائتلاف الحكومي الحالي إذا ما تواصلت النشاطات الاستيطانية ومصادرة الاراضي. ومن جانبه، اعلن نبيل ابو ردينه مستشار عرفات، ان الرئيس الفلسطيني سيطلب من اولبرايت التدخل لحل الخلافات، مضيفا ان "الاميركيين اصبحوا يعرفون ان النشاط الاستيطاني يعرقل التوصل الى اي اتفاق بين الجانبين". وفي الاطار نفسه، قالت مصادر فلسطينية مطلعة ل "الحياة" أن باراك "يستخدم الاسطوانة المشروخة ذاتها التي صاحبت تصريحات سلفه بنيامين نتانياهو" الذي علق عمليات نهب الارض الفلسطينية على مشجبة "التوسع الطبيعي داخل المستوطنات القائمة". ونُقل عن باراك قوله أمام نشطاء من حزب العمل الاسرائيلي الذي يتزعمه أنه لن يتم طرح عطاءات بناء جديدة خلال المفاوضات النهائية مع الفلسطينيين "باستثناء تلك التي صادقت عليها الحكومة السابقة". وأضاف أن الوحدات السكنية الاستيطانية ال 500 التي طرحتها وزارة الاسكان للعطاءات في الثاني من الشهر الجاري تمت الموافقة عليها في عهد حكومة نتانياهو وأن حكومته لم توافق على انشاء وحدات سكنية جديدة. وجاء تصريح باراك بعد ساعات من اعلان الفلسطينيين تعليق المفاوضات النهائية بسبب الهجمة الاستيطانية المحمومة التي شهدتها الاشهر الستة الاولى في عهد باراك، وعشية وصول وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت الى المنطقة. وشكك الناشط الاسرائيلي في حركة "السلام الآن" اليسارية دان بيتون في صدقية الحجج التي أوردها باراك لتبرير استمراره في عمليات التوسع الاستيطاني. وقال بيتون ل "الحياة" أن حكومة باراك طرحت منذ الثامن من شهر تموز يوليو الماضي وحتى مطلع الشهر الجاري عطاءات لبناء 3186 وحدة سكنية وهو عدد يفوق المعدل السنوي للعطاءات التي طرحت في عهد نتانياهو. واضاف أنه اذا صحت أقوال باراك في شأن الحكومة السابقة، فهو كرئيس حكومة ووزير للدفاع يستطيع تجميد عمليات البناء ولديه من المخارج الكثير لوقف عمليات البناء ما دامت المفاوضات مستمرة. وقال الخبير الفلسطيني في شؤون المستوطنات خليل تفكجي ل"الحياة" أن عدد الوحدات الاستيطانية السكنية التي وقع باراك على تنفيذها يتجاوز ال4000 وحدة أي بمعدل يزيد عن أي عدد وحدات سكنية اقيمت على الارض الفلسطينية منذ حرب عام 1967 خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة. وأوضح تفكجي أن على الفلسطينيين أن يعودوا الى ملفات المشاريع الاستيطانية وشق الطرق الالتفافية التي أقرتها حكومة نتانياهو وحكومة اسحق رابين من قبلها ليطلعوا على العدد الحقيقي للوحدات الاستيطانية التي يعتزم باراك بناءها مستخدما الحجة نفسها. وأكد كبير المفاوضين الفلسطينيين لمحادثات المرحلة الانتقالية الدكتور صائب عريقات أن عمليات التوسع الاستيطاني تعبر عن "استخفاف كبير جدا بعملية السلام... ويفرغها من صدقيتها". وينتظر الفلسطينيون وصول وزيرة الخارجية الاميركية لاقناعها بالضغط على باراك الذي اعتبرت مصادر رسمية فلسطينية تصريحاته في شأن "عدم طرح عطاءات بناء جديدة" غامضة ولا تعني بأي حال من الاحوال "تجميد النشاطات الاستيطانية".