} يستمر تقسيم الدوائر الإنتخابية في استقطاب اهتمام الوسط السياسي اللبناني ويكاد يطغى على ما عداه من قضايا مطروحة على الساحة اللبنانية خصوصاً وأن تقسيم بيروت الى ثلاث دوائر لا يزال الشغل الشاغل لقيادات العاصمة التي وإن كانت تصرّ على وحدتها فهي في المقابل يتجاذبها تبادل الحملات الإعلامية. واللافت امس، كان موقف رئيس الحكومة سليم الحص الذي غمز من قناة سلفه الرئيس رفيق الحريري من دون أن يسمّيه. قال الرئيس الحص في تصريحه "هناك من يتربّع على عرش امبراطورية إعلامية في لبنان يسخّرها لمآربه الشخصية والسياسية ويسعى من خلالها الى التحكّم بالرأي العام، وقد فاته أن الناس قادرون بما يتحلّون به من نضج ووعي، على أن يتبيّنوا الحق من الباطل في كل الأوقات". وأضاف "إنه يصوّر للناس زوراً أن لي شخصياً مصلحة في تقسيم بيروت انتخابياً، والناس يعلمون أنني أعتزّ بأن أكون نائباً عن بيروت الواحدة الموحّدة وأربأ بنفسي أن أكون نائباً عن نصف بيروت أو ثلثها. لذلك فأنا من المتمسّكين بوحدة بيروت الإنتخابية ولو كَرِهَ المزايدون. وكذلك أدعو الى الإبقاء على وحدة سائر المحافظات". وتابع "إنه يتحدّاني، من خلال وسائل الإعلام التابعة له، وما أكثرها، أن أحول دون مرور مشروع القانون بالإمتناع عن التوقيع على مرسوم إحالة المشروع على المجلس النيابي فيما لو أقرّه مجلس الوزراء. وهو يعلم أن ذلك سيكون هرطقة دستورية. وهو يعلم أكثر ان ذلك قد يكون من شأنه تفجير ازمة حكم نعرف اين تبدأ ولا نعرف اين تنتهي. من يدري، لعل هذا هو القصد من التحريض أساساً". وأكد ان الدستور ينص على "ان مجلس الوزراء "يتخذ قراراته توافقياً، فإذا تعذّر ذلك فبالتصويت، ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور. اما المواضيع الأساسية فإنها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة". ومن المواضيع الاساسية التي يعددها الدستور قانون الانتخابات، ولا يشترط الدستور موافقة رئيس الوزراء على مشروع قانون الإنتخابات اذا حاز هذا المشروع على موافقة ثلثي اعضاء الحكومة من دونه، اما رئيس الجمهورية فالدستور لا يعطيه حق التصويت في مجلس الوزراء". وختاماً سأل الحص "كيف يوفّق المزايدون في هذا السبيل بين مناداتهم بدولة القانون والمؤسسات وبين تحريضهم على تعطيل قرار المؤسسة الأم في السلطة الإجرائية ألا وهي مجلس الوزراء، وذلك في صورة كيفية؟ ألا يعني التزام دولة المؤسسات الإحتكام الى مؤسسات الدولة، وفي مقدمها بل على رأسها مجلس الوزراء ومن ثم المجلس النيابي؟ علامَ المزايدة إذاً، وعلامَ التحريض على المؤسسات؟". ولدى سؤال الحريري عن رأيه في موقف الحص الذي استهدفه بطريقة غير مباشرة، اجاب "لا تعليق ... وأني أفضّل عدم الردّ". وبالنسبة الى موقفه من تقسيم بيروت، قال امام زواره "ما زلت على موقفي الرافض، وقد أبلغته الى جميع الذين اتصلوا بي او تحادثت معهم"، ونقلوا عنه "انه رسم لنفسه، وهو يعبّر عن رفضه، خطوطاً حمراً لن يحيد عنها، وعددّها كالتالي: أني لست في وارد التحريض على القانون او البحث في كيفية تقسيم العاصمة انسجاماً مع موقفي المبدئي الرافض لئلا يقال ان رفضي يعود الى خلاف على التقسيم، لا بل سأدعو إلى عدم اللجوء إلى السلبية، وسأحثّ الناخبين على الإشتراك في الإنتخابات التي سأخوضها في كل بيروت". وأضاف "لن أجعل من الخلاف على قانون الإنتخاب مادة خلافية بيني وبين رئيس الجمهورية إميل لحود الذي أصرّ على التواصل والحوار معه". ولفت، بحسب زواره، الى ان موقفه من القانون "لن يؤثر في علاقته الاستراتيجية بسورية، التي لا يجوز تحميلها مسؤولية إزاء أي قانون انتخاب". وأكد الزوار أن ما يهم الرئيس الحريري "التركيز على آلية الإنتخاب بما يضمن حياد السلطة ويؤمّن الحرية للمقترعين وهذا أول ما يستدعي الإسراع في تأمين البطاقة الإنتخابية أو بطاقة الهوية التي يتم من خلالها الإقتراع بدلاً من إخراج القيد". وقال نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، أن "لا شيء محسوماً بعد في شأن تقسيمات الدوائر الإنتخابية"، متوقعاً "ان يرسل مشروع القانون إلى المجلس النيابي بعد الجلسة العامة للمجلس المقررة يومي الثلثاء والأربعاء المقبلين". وناشدت الجمعيات الأهلية والنوادي العاملة في بشرّي في كتاب وجهته الى الرؤساء الثلاثة ونائبا بشرّي قبلان عيسى الخوري وجبران طوق "تأمين التواصل الطبيعي لقضاء بشرّي في أي تقسيم آخر يرونه مناسباً لمحافظة الشمال". ورأى المجلس السياسي ل"القوات اللبنانية" في الخارج، "ان قانون الإنتخابات الجديد سيكرّس النهج السياسي نفسه"، لافتاً الى ان "التدخل السوري المباشر في أدق التفاصيل باقٍ على حاله"، ومعتبراً "ان مقولة "المساواة" تعني بالنسبة الى سورية وأهل الحكم مراعاة الحلفاء". وقال "ان القانون الذي كان يفترض فيه ان يكون مدماكاً اساسياً في بناء وطن عصري أتى دليلاً قاطعاً على استمرار سياسة القهر واستبعاد شرائح واسعة من المجتمع اللبناني". الى ذلك، يستأنف تجمّع العائلات البيروتية جولته على اركان الدولة والفاعليات السياسية لشرح موقفه المؤيد لتوحيد العاصمة، وسيزور لهذه الغاية رئيس الجمهورية والمجلس النيابي نبيه بري.