رغم العراقيل والصعوبات، شهدت ساحة المهد في مدينة بيت لحم امس انطلاق احتفالات الألفية الثانية لمولد السيد المسيح التي دشنها الرئيس ياسر عرفات، معلناً بذلك بدء احتفالات من المقرر ان تستمر اكثر من عام يأمل الفلسطينيون من خلالها بتعزيز السياحة ودعم جهودهم لإقامة دولة فلسطينية. بدأ الاحتفال بنشيد "موطني"، تبعته الاوبريت "بيت لحم المقدسة"، فيما جلس الرئيس الفلسطيني في الصف الاول مبتسما ومنصتا الى جوقات الانشاد، قبل ان يزيح الستار عن لوحة تشير الى انشطة الإعمار والتأهيل الفلسطينية في المدينة، او ما حمل اسم "بيت لحم 2000". واعتلى أفراد الشرطة بازيائهم المدنية والعسكرية اسطح البنايات المحيطة بالساحة ووفروا الحراسة للشخصيات الفلسطينية والدولية المشاركة التي شغلت الصفوف الاولى في الساحة المزينة بالاضواء والاعلام الفلسطينية. وكتب منظمو الحفلة على لافتة كبيرة تدلت خلف المسرح: "من بيت لحم 2000 الى الاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بقيادة الرئيس ياسر عرفات". ولم يتل عرفات كلمة الافتتاح، بل قرأها باسمه الامين العام للرئاسة الطيب عبدالرحيم، واستهلها بالقول: "باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني بجميع طوائفه واطيافه السياسية وباسم الرئيس ياسر عرفات نعلن بدء احتفالات الالفية الثانية لميلاد السيد المسيح". ووجه تحية للبابا يوحنا بولص الثاني على قبوله الدعوة الفلسطينية لزيارة بيت لحم العام المقبل وعلى متابعته التحضيرات لحدث الالفية. وتضمنت الكلمة العديد من الاشارات السياسية منها ان الاحتفالات تشكل رسالة وتطلعا الى الحرية والاستقلال وطموح اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وأخذ عبدالرحيم على اسرائيل تعطيلها عمليات الترميم في مدينة بيت لحم التي يتطلع الفلسطينيون ان تكون محجّاً لزوار الالفية. وقال: "عملت السلطة ليل نهار كي تكون بيت لحم جاهزة لهذه المناسبة الرائعة. لقد عملنا في ظل اوضاع صعبة وتصدع في البنية التحتية، فيما الاستيطان يتواصل ... وكذلك محاولات خنق المدينة". وفعلا لم تخل حفلة الافتتاح من مصاعب وعراقيل، اذ جهد افراد الشرطة الفلسطينية في تنظيم وصول الحشود المتتابعة من ارجاء الضفة الغربية، وبعض من سمح له بالعبور من قطاع غزة وفلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948، الذين كان عليهم جميعا عبور الحواجز العسكرية الاسرائيلية التي تعززت بمزيد من الجنود، في اشارة الى ان السيادة على مداخل المدينة ما تزال في يد الدولة العبرية. واضطر الزوار والمشاركون للسير مسافات طويلة قبل الوصول الى الساحة الرئيسية في المدينة... ساحة المهد الممتدة امام كنيسة المهد، وذلك تنفيذاً لأوامر الجنود الاسرائيليين عند نقطة التفتيش الذين أشاروا الى ان الطريق الرئيسي السريع مغلق بسبب وجود عرفات. وزاد من صعوبة تنظيم الاحتفالات تواصل اعمال الحفر والترميم التي ينفذها متعهدون ومقاولون فلسطينيون واجانب لتأهيل بيت لحم لاعياد الألفية. وكان مقرراً ان يقيم رجال دين من 13 طائفة مسيحية قداساً مشتركاً نادراً في ساحة كنيسة المهد امس قبل اضاءة شجرة عيد الميلاد والزينات في المدينة. ويأمل الفلسطينيون في استقطاب آلاف السياح الاجانب طيلة العام المقبل. وكانت الدول المانحة تبرعت بنحو 180 مليون دولار لمشاريع الاعمار سواء في ترميم البلدة القديمة والابنية التاريخية والمنشآت السياحية أو في تأهيل الطرق والشوارع والصرف الصحي والفنادق لتنافس مساعي الاستقطاب التي تبذلها اسرائيل وتتضمن تشييد العديد من دور الاستقبال والفنادق الاسرائىلية في القدس لجذب السياح وحصر دخولهم الى بيت لحم لاداء الصلاة او الزيارات القصيرة. وكان متوقعاً ان يستقبل عرفات مساء امس في بيت لحم المنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس، لكن روس اجل وصوله يوما واحداً ما شكل خيبة أمل فلسطينية... ولو مكتومة.