ارتدت مدينة مهد السيد المسيح في ختام الفي عام على مولده ثوبا جديدا استغرقت صناعته أكثر من عشرين شهرا ولكن ما زالت تنقصه اللمسات الاخيرة في نظر كثيرين. وان خاب أمل بيت لحم وأهلها لعدم تمكن 23 رئيس دولة وحكومة في العالم من مشاركتهم في احتفالات قرب انتهاء الالفية الثانية، كان من المتوقع قدومهم اليها، الا أن فرحة المدينة كانت بحجم الانجاز الكبير الذي نجح القائمون على مشروع بيت لحم 2000 والمؤسسات الاخرى في تحقيقه في وقت قصير. واستقبلت بيت لحم بعض زعماء العالم السياسيين منهم رؤساء وزراء اسبانيا وايطاليا وأوغندا وممثلو البعثات الديبلوماسية وهيئات اعتبارية عالمية، ولكنها استقبلت أولا واخيرا أبناء بلدها الذين أتوا ليروا التحول الذي عاشته المدينة خلال الاشهر الاخيرة، وكان يوم عيد الميلاد بلا ثلوج ولا برد إذ دفأته أشعة الشمس التي كانت في زمن قريب تعز في شهر كانون الأول ديسمبر. ويؤكد اصحاب الفنادق ان الحجوزات الفندقية كاملة خلال الشهور الثمانية عشر المقبلة، وينصحون من يريدون المجىء بتأكيد حجوزاتهم. ورغم ذلك، لم تمتلئ ساحة المهد، بعكس ما كان متوقعا. ويعزو بعضهم ذلك الى الانباء المكثفة عن وجود جماعات متطرفة تسعى الى القيام بهجمات اعتقاداً منها بقرب انتهاء العالم وقيام القيامة، فيما لا يستطيع بعضهم الآخر تفسير ما يحدث اذا تم تجاهل العوامل السياسية والوضع الراهن في الاراضي الفلسطينية. أما الخبراء والمحللون فيقولون ان معظم الناس فضلوا البقاء في بلدانهم تحسبا من أن يصيب "فيروس العام 2000" اجهزة الكومبيوتر و"حساباتهم" في البنوك المعتمدة عليها. ويتساءل الجميع أين البليون ونصف البليون مسيحي الذين تعتبر كنيسة المهد من أقدس أماكنها الدينية؟ ولكن التفسير الفلسطيني أبسط بكثير من ذلك. اذ يقولون ان هناك عاماً كاملاً وعيد ميلاد آخر قبل أن تودعنا الالفية الثانية لنستقبل ألفية جديدة، والحجاج والسياح يعتبرون جميع أيام العام المقبل أيام احتفال وبهجة. وما لبثت خيبة الامل أن تحولت فرحة عكستها عيون الاطفال والشيوخ على حد سواء مع أداء فرق الكشافة الكثيرة والجوقات الموسيقية العالمية التي شاركت بيت لحم احتفالاتها الحانها. وربما راود بعض الناس الأمل في الاعماق، حتى ان كان ذلك منافياً للمعتقدات والقناعات، بأن يحدث شيء ما في هذا اليوم. ولكن شيئا غير عادي لم يحدث وجرت احتفالات عيد الميلاد بوصول موكب بطريرك كنيسة اللاتين في القدس ميشيل صباح ومشاركة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وعقيلته سهى كما تجري كل عام من دون مشاعر مميزة عن غيرها من اعياد الميلاد الا بشيء واحد وهو أن بيت لحم أصبحت مدينة ذات بنية تحتية تستطيع أن تجاري ألفية جديدة.