استندت اسرائيل الى ما يسمى "وثيقة أبو مازن- بيلين" لتعرض على الجانب الفلسطيني في مفاوضات الوضع النهائي "اقتراحات" بخصوص مدينة القدس تتضمن منح الفلسطينيين سيطرة مدنية على بعض الاحياء العربية شمال المدينة المقدسة. هذا ما أكدته مصادر فلسطينية ل"الحياة" وأوردته صحيفة "هآرتس" العبرية في عددها الصادر أمس. وقالت مصادر متطابقة أن رئيس الوفد الاسرائيلي الى مفاوضات "الوضع النهائي" قدم مجموعة من الافكار الى نظيره الفلسطيني الوزير ياسر عبدربه خلال جلسة عمل عقدت بين الجانبين مطلع الشهر الجاري. وعرض الجانب الاسرائيلي فكرة شعفاط وبيت حنينا "أولاً" على غرار "غزة وأريحا أولاً" ليتم نقل معظم الصلاحيات التي تديرها بلدية القدس الاسرائيلية الآن الى السلطة الفلسطينية مع بقاء السيادة والسيطرة الامنية في يد الدولة العبرية. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" أن الحديث يدور عن "رسم حدود جغرافية" بين الاحياء العربية والمستوطنات اليهودية الملاصقة لها، فيما شملت الصلاحيات المعروضة على الفلسطينيين وجوداً محدوداً للشرطة. ونفى وزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي أن تكون حكومته قدمت مثل هذه الاقتراحات، مشيراً الى أن الجانب الاسرائيلي "لم يتقدم بأي اقتراح يشمل تقسيم مدينة القدس". وفي الوقت ذاته نفى عبدربه أن تكون هذه الاقتراحات قدمت في صورة "وثيقة قانونية". وقال عبدربه أن السلطة الفلسطينية "لم تتلق وثيقة بهذا الخصوص"، واوضح أن الاقتراحات الاسرائيلية "مرفوضة" ووصفها بأنها عنصرية وتهدف الى تقسيم القدسالشرقية كانتوناتٍ وجزراً. وكانت مصادر اسرائيلية في مكتب باراك أكدت وجود "أفكار" بشأن الاحياء العربية في القدسالمحتلة لكنها رفضت اعطاء تفاصيل. وتتماشى الاقتراحات الاسرائيلية مع ما ورد في الوثيقة التي تدعي اسرائيل أن أحد أقطاب حزب العمل الحاكم وزير العدل يوسي بيلين توصل الي اتفاق بشأنها مع الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن وهو الذي نفاه الاخير بشدة في أكثر من مناسبة. وتتحدث الوثيقة عن ترتيبات معينة في مدينة القدس، بشطريها الغربي والشرقي، تضمن من وجهة النظر الاسرائيلية أن يدّعي الفلسطينيون أن عاصمتهم القدس، وأن يكون مقر هذه العاصمة بلدة أبو ديس المجاورة، ضمن مخطط يهدف الى ضم المستوطنات اليهودية المحيطة بالقدسالشرقية وكذلك ضم أحياء عربية أخرى. ويعلن الفلسطينيون عن عاصمتهم في الاحياء العربية من المدينة فيما تبقى السيطرة الامنية علي كامل المدينة في يد اسرائىل. أما في ما يتعلق بالبلدة القديمة، فتتحدث الوثيقة عن تحويلها الى منطقة دولية بما يشبه وضع "الفاتيكان" بل اطلقت عليه اسم "دينيكان" وتكون مفتوحة لجميع الديانات مع بقاء السيادة الاسرائيلية عليها. ويبدو أن اسرائيل بدأت تطبيق هذا التصور على الارض حتي قبل مناقشته حول طاولات المفاوضات. فللمرة الاولى منذ احتلال مدينة القدس في العام 1967، نظمت اسرائيل عملية نقل مئات الالاف من المصلين المسلمين الى المسجد الاقصى وقبة الصخرة داخل أسوار البلدة خلال الجمع الرمضانية. ووفرت الحكومة الاسرائيلية باصات تابعة لها لنقل المصلين من والى الحواجز العسكرية التي تنصبها على مداخل المدنية المقدسة من ثلاث جهات. وهذا أول شهر رمضان لم ترفع فيه أصوات الفلسطينيين المحتجين على عدم السماح لهم بالدخول الى القدس والقيام بالصلاة.... إذ نجحت اسرائيل في ما يبدو في تكريس الفرق بين "حرية العبادة" والحرية السياسية للمدينة، وهو ما سعت اليه منذ عقود.