شهد الوضع في ساحل العاج تطورات دراماتيكية اتخذت منحىً انقلابياً بعدما تبنى الرئيس السابق لاركان الجيش روبير غيي التمرد الذي قامت به مجموعات من الجنود في العاصمة ابيدجان واعلن، بصفته ناطقاً باسمهم، عزل الرئيس هنري كونان بيديه وحل البرلمان وسائر المؤسسات الدستورية وحظر التجوّل في المدينة ليلاً. واتسمت الاوضاع بالفوضى في العاصمة العاجية امس. وقال السفير اللبناني في ابيدجان محمد ضاهر ل"الحياة" ان "الفوضى سيدة الموقف"، مشيراً الى ان الترتيبات الانتقالية لم تتضح بعد. واضاف: "لا استبعد العنصر الخارجي" في التطورات الاخيرة. وابدى السفير ضاهر اسفه لأن اعمال النهب والسرقة "طاولت التجار اللبنانيين بالدرجة الاولى كونهم الدينامو الرئيسي لحركة التجارة والصناعة في البلاد". كما اكد تعرض المقيمين المغاربة الى اعمال سرقة ونهب"، مشيراً الى ان ابناء الجالية المغربية في ابيدجان يبلغ عددهم حوالي 2500 . وقال انه حض جميع اللبنانيين الذين اتصلوا به، على البقاء في منازلهم والاهتمام بحماية انفسهم ومنازلهم، مشيراً الى انه لم يتمكن من الانتقال من منزله في حي كوكودي الى مقر السفارة في منطقة بلاتو التجارية والادارية المضطربة. لكنه اكد ان جميع ابناء الجالية سالمون. واضاف انه وزملاءه السفراء العرب في تشاور مستمر، "لكن لا توجد مرجعية يمكن الاتصال بها". وقال لبنانيون اتصلت بهم "الحياة" ان الحركة كانت مشلولة في ابيدجان امس و"من تجرأ على ركوب سيارته، كان الجنود يستولون عليها". لكن لوحظ ان مظاهر اطلاق النار في الهواء خفت كثيراً عما كانت عليه في بداية تحرك الجنود اول من امس. واضافوا ان عدد الجنود الذين بدأوا التحرك لم يتجاوز ال 230 ثم انضم اليهم آخرون. وجابد الجنود الشوارع بسيارات مدنية استولوا عليها من اصحابها. وأفادت مصادر مطّلعة نقلاً عن أوساط رئيس الوزراء السابق المعارض الحسن وترة، انه ليس على صلة بالأحداث في ابيدجان وهو موجود حالياً في المانيا وسيصل الى فرنسا في الايام المقبلة. وكانت الاضطرابات بدأت اول من أمس على شكل حركة تمرّد قامت بها مجموعات من الجيش سيطرت على مقرّي الإذاعة والتلفزيون للمطالبة بتحسّن أوضاعها المعيشية. لكن رئيس الاركان السابق روبير غيي الواسع الشعبية في اوساط صغار العسكريين، فاجأ الناس أمس بتوجيهه رسالة عبر الاذاعة اعلن فيها: "إبتداء من هذه اللحظة، لم يعد الرئيس هنري كونان بيديه رئيساً لساحل العاج". وأضاف ان الجنود المتمردين يعتزمون تشكيل لجنة انقاذ عامة سيكشف عن أسماء اعضائها لاحقاً. وتابع غيي الذي أشار الى أنه يتحدّث بصفته ناطقاً باسم المتمردّين، انه تقرّر اضافة الى عزل بيديه حلّ البرلمان والحكومة والمجلس الدستوري والمحكمة العليا في البلاد. وأوضح ان بيديه لم يعتقل وأنه موجود في مقرّ اقامته وبحماية الجنود المتمردّين. لكن مصادر أخرى قالت ان الرئيس المعزول تمكن من اللجوء الى احدى السفارات الاجنبية. وجاء تصريح غيي بعد فشل جلسة مفاوضات صباحية ضمّت بيديه وممثلين عن الجنود المتمردين. يذكر أن غيي 58 عاماً الذي بدأ يبرز بصفته زعيماً للجنود المتمردين، كان عزل من منصب رئيس الأركان في تشرين الاولاكتوبر 1995 عشيّة الانتخابات الرئاسية التي أوصلت بيديه الى الحكم. الى ذلك، علم ان المتمردين وسّعوا نطاق سيطرتهم على المنشآت العامة في ابيدجان، وشمل ذلك المطار. كما اغلقوا منذ الفجر الجسور التي تربط شمال العاصمة بجنوبها ، ما عزل الإدارات العامة ومقرّي الرئاسة والحكومة عن المطار الواقع في الجزء الشمالي من ابيدجان. ودانت الناطقة بإسم وزارة الخارجية الفرنسية آن غازو-سوكريه ما وصفته بعرض القوّة ضد مؤسسات الدولة في ساحل العاج ودعت الى العمل فورا على احلال الأمن والنظام في العاصمة ابيدجان. وقالت ان فرنسا وفقاً لما يمليه عليها واجبها تبدي اقصى قدر من اليقظة حيال أمن رعاياها البالغ عددهم حوالي 20 ألف شخص ويقيم تسعين في المئة منهم في ساحل العاج، مشيرة الى أن السفارة الفرنسية والقنصلية على اتصال منتظم مع ممثليهم.