دعا الرئيس محمد خاتمي وزارة الاستخبارات الى ان تكون "مبعث اطمئنان لأفراد الشعب"، وان تكون "مصدر ثقة في خدمة النظام وترسيخ الأمن للمواطنين". وكان لافتاً دعوة خاتمي الى اعادة النظر والتدقيق في النشاطات التي تقوم بها الوزارة نظراً لأن المجتمع الايراني - كما وصفه خاتمي - "مجتمع شاب". وأشار خاتمي الى دور وزارة الاستخبارات في الكشف عن المتورطين من عناصرها في عمليات الاغتيال التي طالت العام الماضي مفكرين وكتاباً في طهران، مبدياً تقديره للوزارة لحزمها في التعاطي مع هذا الملف. وأعلن خاتمي ان متابعة التحقيق في هذه القضية ستتواصل "عبر الاجهزة المختصة بكل دقة حتى تصل الى النتيجة المطلوبة". وردّ وزير الاستخبارات علي يونسي اثناء هذا اللقاء الذي جمع خاتمي مع كبار مسؤولي الوزارة بأن وزارته تتطلع الى تحقيق اصلاحات تخولها القيام بدورها المطلوب. وعكست هذه المواقف تصميم حكومة الرئيس خاتمي على اشاعة اجواء الاطمئنان، خصوصاً وانه اعطي صلاحيات تامة من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي لمتابعة ملف عمليات الاغتيال الى نهايته بالتعاون مع رئيس السلطة القضائية والمؤسسة القضائية العسكرية. وترى مصادر مراقبة ان اشاعة اجواء الاطمئنان هذه تكتسب اهمية خاصة عشية الانتخابات البرلمانية المقررة في شباط فبراير المقبل، وسط تحول ملف عمليات الاغتيال الى محطة للتجاذب السياسي والانتخابي. واعتبر عضو شورى "حزب جبهة المشاركة" الاصلاحي علي شكوري ان البرلمان في دوراته السابقة لم يكن يمارس رقابة على عمل وزارة الاستخبارات وانما كانت الوزارة تمارس رقابة على البرلمان، داعياً الى متابعة التحقيق في ملف الاغتيالات "بصورة عامودية". وبالمقابل أعاد روح الله حسينيان احدى الشخصيات المحافظة البارزة تأكيد مواقفه السابقة التي يتهم فيها شخصيات اصلاحية وبخاصة في "حزب جبهة المشاركة" بأنها تقف وراء التخطيط لعمليات الاغتيال ضمن "مؤامرة تستهدف مرشد الجمهورية" مضيفاً ان سعيد إمامي الذي يعتبر الرأس المدبر لعمليات الاغتيال قد تمت تصفيته في سجنه ولم ينتحر كما قيل. وكان القضاء العسكري رفض هذه الأقوال، مؤكداً انتحار سعيد إمامي عبر تناوله مساحيق للتنظيف. الى ذلك، تقدم وزير الداخلية السابق عبدالله نوري من سجنه بطلب الى مدعى عام الجمهورية لنقض الحكم الصادر ضده القاضي بسجنه خمس سنوات ودفع غرامات مالية وبحرمانه خمس سنوات من تولي منصب مدير مسؤول لصحيفة، كما طالب بتبرئته تماماً من التهم الموجهة اليه والى صحيفة "خرداد" لأنهما لم يرتكبا أي جرم. وبينما انتهت المهلة القانونية لتقديم نوري طلباً لاستئناف الحكم أمام المحكمة الخاصة برجال الدين، وفي ظل اصرار نوري على عدم تقديم مثل هذا الطلب نظراً لعدم اعترافه بقانونية المحكمة، فإن محاميه محسن رهامي اعلن اخيراً، انه في حال قبول المدعي العام طلب نوري بالغاء الحكم، يمكن لموكله حينها ان يطالب بمحاكمة جديدة. وتشير الوقائع الى ان نوري والتيار الاصلاحي الداعم له يعملان على إبقاء قضيته حية بخاصة وانه ترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة في ظل احتمال قوي بأن يرفض مجلس صيانة الدستور صلاحية نوري لعضوية البرلمان لكونه محكوماً بأكثر من ثلاث سنوات سجن، وهو ما يمكن بموجبه حرمانه من خوض المعركة الانتخابية وفقاً لما ينص عليه قانون العقوبات. وفيما يعتبر نوري أبرز مرشحي التيار الاصلاحي للانتخابات فإن "الزلزال الانتخابي" الذي احدثه هاشمي رفسنجاني بخوضه معركة الانتخابات، ما زال مدوياً على غير صعيد، وسط رفض عدد من الاحزاب والنقابات الاصلاحية ادراج اسم رفسنجاني على لوائحه، اضافة الى انكاره عليه حقه في العودة الى الساحة البرلمانية. وقد اعلن حزب الجبهة ان ما تردد عن اصرار الرئيس خاتمي على ادراج اسم رفسنجاني في لائحة الحزب انما هو "اشاعة". يذكر ان رفسنجاني اعلن في مؤتمره الصحافي الذي عقده الثلثاء الماضي ان من بين الذين طلبوا منه خوض الانتخابات المرشد الأعلى آية الله خامنئي، والرئيس محمد خاتمي. وفي المقابل رأت اوساط المحافظين ان حزب جبهة المشاركة لا يحترم "الكبار" في اشارة الى رفسنجاني، فيما قالت فايزة هاشمي رفسنجاني ان أباها يمثل سفينة النجاة لليمين المحافظ. الا ان احد النواب المحافظين احمد توكلي انتقد مؤسسة الاذاعة والتلفزة الايرانية بسبب بثها الوقائع الكاملة للمؤتمر الصحافي الذي عقده رفسنجاني، واتهمها بعدم الحياد في الانتخابات البرلمانية. واللافت ان هذا الاتهام ترافق مع انتقادات عنيفة وجهتها اوساط اصلاحية للتلفزة الايرانية، وأخرى محظورة مثل "حركة حرية ايران"، وفي المقابل دعت وزارة الداخلية الى اشاعة الاجواء، الهادئة في الساحة عشية الانتخابات البرلمانية. وفي موازاة ذلك بدأت ترتفع حدة المنافسة بين المرشحين وبخاصة اولئك الذين كانوا يشغلون مناصب عليا في النظام كمحسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري، الذي استقال من امانة مجلس تشخيص مصلحة النظام كي يخوض الانتخابات، ولخّص بدوره اجواء الساحة الايرانية بالقول: "لقد انتهى وقت الكلام... فالناس تنتظر الفعل وليس القول".