سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المسار اللبناني ليس سهلا كما يصوره البعض: اسرائيل تريد معاهدة أم اتفاقاً ؟. واشنطن تتمنى ليونة في التعويضات والمياه واللاجئين الحص ل"الحياة": الملفات على مكتبي ولن نتنازل عن حقوقنا
قال رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص ل"الحياة" ان لبنان سيصرّ على المطالبة بحقه في مياه نهري الوزاني والحاصباني وباستعادة عدد من الأراضي والقرى والمزارع التي صادرتها اسرائيل وضمتها الى حدودها، بعدما أقامت شريطاً شائكاً أدى الى قضمها من الاراضي اللبنانية. كذلك سيصرّ على الحصول على تعويضات عن الخسائر التي مني بها بسبب الاعتداءات التي تعرّض لها من الجانب الاسرائىلي على مدى السنين. وأوضح الحص رداً على سؤال ل"الحياة" ان ملفات لبنان التي سيحملها الى المفاوضات مع اسرائيل "جاهزة وموجودة على مكتبي، خلافاً للاعتقاد الذي يشاع في بعض وسائل الاعلام انها غير جاهزة. بل هي موثقة ومكتملة ونحن نعرف ماذا نريد وسنصرّ على حقوقنا ولن نتنازل عنها اياً تكن الظروف". وكان الحص يرد على اسئلة "الحياة" عما يشاع من معلومات ان لبنان مطالب بالا يطرح مطالبه دفعة واحدة، والا يصرّ عليها ومنها مطلب التعويضات والمياه والقرى السبع، والا يعقد الأمور في ما يتعلق بالاصرار على ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم لمعالجة قضية التوطين. واذ ينفي كبار المسؤولين اللبنانيين هذه الانباء، فان بعض المصادر التي تداولتها في اطار محصور، أشارت ل"الحياة" الى ان الجانب الاميركي طالب دمشق، عقب نجاح مساعيه معها من اجل استئناف المفاوضات على المسار السوري، وبعد زيارة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت قبل اسبوعين، بأن تبذل جهداً لدى لبنان، في هذه النقاط كالآتي: - الا يطلع الجانب السوري الجانب اللبناني على تفاصيل ما تمّ التوصّل اليه في الاتصالات التي أجرتها وتجريها الولاياتالمتحدة الاميركية بين اسرائيل وسورية والتي أدت الى حلحلة عقد نتج عنها الاختراق الذي حققه الرئيس الاميركي بيل كلينتون في الجمود على المسار السوري، وذلك حفاظاً على مبدأ السرية الذي اعتمده الجانب الاميركي وخشية ان يفشي الجانب اللبناني الاسرار، فتتعقّد المساعي الاميركية. - ان تساهم سورية في اقناع لبنان بألا يثير قضية التعويضات المطلوبة من اسرائيل ولا قضية القرى السبع التي اقتطعت من الارض اللبنانية ايام ترسيم الحدود من جانب الانتدابين البريطاني لفلسطين والفرنسي للبنان والذي بقي مطلب لبنان حيالها معلقاً الى ان طردت اسرائيل مع قيامها كدولة في العام 48 سكان هذه القرى. ثم ان الجانب الاميركي سعى ويسعى كي لا يتسبب اصرار لبنان على حق العودة للفلسطينيين بتعقيد المفاوضات. وتفيد معلومات "الحياة" ان الجانب السوري لم يتجاوب الا مع التمني الاميركي الابقاء على سرية الاتصالات والمفاوضات، وان دمشق نصحت بيروت بدورها باعتماد التكتم، لكنها لم تثر التمنيات الاميركية الاخرى. أما من الجانب اللبناني فثمة معطيات تفيد ان الجانب الاميركي ألمح في جلسات عدة مع المسؤولين اللبنانيين الى بعض تمنياته. وبغض النظر عن مدى صحة هذه المعطيات فان الموقف اللبناني مصرّ على ثوابته، وليس مقتنعاً بالتنازل عن أي منها، لكنه لا يعتبر ان المطالبة بالقرى السبع من هذه الثوابت. وفي هذا المجال، يقول مسؤول لبناني كبير ل"الحياة": "قررنا مبدئياً الا نطالب باستعادة القرى السبع التي سلخت عن لبنان قبل قيام الدولة الاسرائىلية وتمّ تكريس سلخها بعدها، حتى لا يؤدي ذلك الى الافساح في المجال امام اسرائيل كي تطرح اعادة النظر في الحدود الدولية المرسومة منذ العام 1923، والمكرسة في خرائط موجودة لدى الأممالمتحدة وفرنسا وأميركا والكثير من الدول، وفي اتفاق الهدنة الموقع مع اسرائيل في العام 49، والتي خرقته اسرائيل باقتطاع أراض اخرى، غير القرى السبع، على مدى سنوات الصراع العربي الاسرائىلي. وهي اراض مساحاتها شاسعة تمّ قضم بعضها في العام 48، والبعض الآخر العام 67، والبعض الثالث في مرحلة السخونة في الصراع. وفي رأي أحد الديبلوماسيين المطلعين ان الاصرار على استعادة هذه الاراضي، دون القرى السبع، هدفه تكريس الحدود خصوصاً ان اسرائيل تدعي ان لا مشكلة ارض أو حدود مع لبنان وبالتالي عليها اعادة الاراضي المقضومة. أما طرح قضية القرى السبع، فقد يصور المشكلة على أنها مشكلة حدود ويفتح الباب على تعديل في خط هذه الحدود وهذا ما يسعى لبنان الى تجنبه. أما في شأن المياه، فان المسؤول اللبناني الكبير أكد ل"الحياة" ان لبنان "لن يقبل بان تواصل اسرائيل الاستفادة الكاملة من مياه نهري الوزاني والحاصباني، منذ سيطرتها على الشريط الحدودي المحتل، خصوصاً ان المسافة التي يجريان فيها على الاراضي اللبنانية ليست بقليلة، ولن يقبل بالمراعاة الاميركية للحاجة الاسرائىلية الى المياه بسبب الشحّ الذي أخذت تشهده المنطقة. فهو شحّ ينطبق على لبنان ايضاً. وهو سيثير مسألة تطبيق القوانين الدولية ليأخذ حصته من هذين النهرين لتكون حصة اسرائيل بمقدار ما يسمح به القانون الدولي لا بمقدار ما تأخذه منهما الآن باعتبارهما يصبان في أراضيها أو الاراضي التي تسيطر عليها"... وفي وقت يؤكد المسؤول نفسه ل"الحياة" ان مطلب لبنان بالتعويضات ليس مسألة شكلية، بل جوهرية لن يتراجع عنها، يقول احد الديبلوماسيين المطلعين على الملف ان من المستحيل على لبنان ان يتخلى عنه. فاسرائيل تطالب بالتعويض لها عن تفكيك تحصيناتها وانسحابها من الجولان، بقيمة 30 بليون دولار، أي أنها تطالب بالتعويض عن أمور قامت هي بها بسبب احتلالها أراضي الغير، فيكون ذلك حجة للبنان حتى يتم التعويض له، ليس عما اقترفه هو بل عما اقترفه الغير ضده. وهذا المطلب يشكل باباً ليس فقط للتعويضات، بل ايضاً للمساعدات التي يمكن ان تعطى للبنان على الصعيد الاقتصادي. والاوساط الديبلوماسية اللبنانية تذكّر، في مجال الحديث عن التعويضات، بقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 262 الصادر عام 68، عقب قصف اسرائيل مطار بيروت الدولي وتدمير أسطوله الجوي وهو قرار شارك في صياغته في حينه السفير سهيل شماس الذي شغل لاحقاً منصب رئيس الوفد المفاوض مع اسرائيل في واشنطن والذي يعطي الحق للبنان بتعويضات عن خسائره. وهناك قرار صادر عن الجمعية العمومية للامم المتحدة في هذا الصدد. ويقول احد الديبلوماسيين في الخارجية اللبنانية، ان ليس صحيحاً ان الافرقاء الدوليين يطالبون لبنان بالتخلي عن مطلبه ايجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أرضه، بل انه يلقى تفهماً أكثر من السابق، اذ تعترف القوى الدولية بان حملته في هذا الصدد انتجت تفهماً وتعاطفاً معه، في وقت تقول مصادر اخرى ان المخرج في هذا الصدد لن يأتي في سياق الاتفاق الذي سيتم التوصل اليه بين لبنان واسرائيل، بل ان المخرج سيكون وعد لبنان، في نص الاتفاق بالسعي من اجل الحل. وفي المقابل فان الموقف اللبناني يعتبر ان التوافق على حل لهذه المسألة هو أحد شروط السلام بينه وبين اسرائيل، لا ان يتم التوافق عليه بعد السلام، حيث تطرح بعض القوى الدولية حلولاً هي بمثابة وعود تقضي باستقبال بعض الفلسطينيين في دول معينة وبابقاء البعض الآخر في لبنان وتحسين أوضاعهم الاجتماعية بازالة المخيمات واسكانهم ضمن ظروف افضل، من دون تجنيسهم. ويحرص عدد من الديبلوماسيين اللبنانيين، بعضهم ما زال في الخارجية، وبعضهم الآخر تسلم مسؤوليات سابقة سواء في المفاوضات أو في المحافل التي عالجت مشكلات لبنان مع اسرائيل، بأن الانطباع العام الذي يسود بعض الأوساط، أن الأمور على المسار اللبناني سهلة ولن تأخذ وقتاً متى تم التوصل الى حلول للمشكلات على المسار السوري، ليس صحيحاً. ويعتبر هؤلاء أن القول أن الأمور ستجد حلاً سريعاً على المسار اللبناني بعد التقدم على المسار السوري مبني على حسابات خاطئة. فلبنان، اضافة الى تمسكه بثوابته المذكورة أعلاه، لن يقبل بالمطالب الإسرائيلية المتوقعة مثل الترتيبات الأمنية في جنوبلبنان، التي لا يمكن أن تكون مثل تلك التي ستحصل في الجولان، نظراً الى اختلاف الأوضاع، حيث لا مجال للتماثل والتكافؤ والتوازن، نظراً الى اختلاف طبيعة الأوضاع العسكرية ومراحل الصراع سابقاً بين اسرائيل وسورية من جهة، وبين اسرائيل ولبنان من جهة أخرى. ثم ان لبنان سيرفض أي مطلب اسرائيلي بضمان أوضاع عناصر "جيش لبنانالجنوبي". وهو لهذا يصر على المبدأ الذي دخل على أساسه مفاوضات مدريد أي تنفيذ القرار الدولي الرقم 425 الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب واستبعاد القرارين 242 و338، وبالتالي مبدأ الأرض في مقابل السلام، لاعتقاده أن الأخير منفصل عن الانسحاب، ومرتبط بالسلام مع سائر الدول العربية الأخرى وخصوصاً سورية. ويطرح أحد الديبلوماسيين اللبنانيين في هذا السياق سؤالاً يرى أنه جوهري: فهل ما زالت اسرائيل تصر على معاهدة سلام مع لبنان، أم على اتفاق سلام؟ فمفاعيل كل منهما مختلفة عن الأخرى، في التطبيع والعلاقات الاقتصادية والأمن.