} أكد وزير الخارجية الجزائري السابق رئيس حركة الوفاء والعدل الدكتور أحمد طالب الابراهيمي، في افتتاح المؤتمر التأسيسي لحزبه أمس، ان حل الأزمة الجزائرية سيظل "حلاً سياسياً طال الزمن أم قصر". واعتبر ان "المصالحة الوطنية لا تسن بمرسوم رئاسي، ولا تُفرض بالترهيب أو الترغيب". كشف الدكتور أحمد طالب الابراهيمي امس ان "الرجل الثالث" في الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة الشيخ عبدالقادر حشاني زاره قبل خمسة أيام من اغتياله الشهر الماضي، وأبدى حماسته لحضور المؤتمر التأسيسي لحركة الوفاء والعدل الذي افتتح أعماله في العاشرة والنصف قبل ظهر امس في فندق الاوراسي. وحضر المؤتمر عدد من أعضاء السلك الديبلوماسي وشخصيات مثل علي جدي وعبدالقادر بوخمخم وعبدالقادر عمر من شيوخ الانقاذ ومحمد الصالح يحياوي وعلي عبدالنور وعبدالعزيز بلخادم ومولود حمروش، ومقداد سيفي، الى جانب رئيس حركة الاصلاح الوطني عبدالله جاب الله والأمين العام بالنيابة لجبهة القوى الاشتراكية احمد جداعي وممثلون عن حركة تجمع السلم وجبهة التحرير الوطني، وبمشاركة 800 مندوب من 48 ولاية. واعتبر الابراهيمي في كلمته اغتيال حشاني "ليس خسارة لذويه وحركته وأنصار المصالحة الوطنية فحسب، بل خسارة للشعب الجزائري بأكمله" لأنه "كان يجمع بين التفكير والتدبير والثبات على المبادئ والتفتح على حوار". وقال الابراهيمي، وهو وزير خارجية سابق ومرشح منسحب في الانتخابات الرئاسية في نيسان ابريل الماضي، ان الجزائر تحولت "مختبراً لالتهام مئات الرجال، وتجريب الحلول الاقتصادية فلا الرجال أفادوا، ولا الحلول المفروضة أدت وظيفتها في إطفاء الحريق". واعتبر "ان منطلقات الحلول كانت خاطئة من الأساس، لأن الذي يوجهها هو منطق تكريس الأمر الواقع المرفوض شعبياً". وضرب أمثلة بأحداث تشرين الأول اكتوبر 1988 التي انطلقت "تلقائياً" واستغلت "لاستدراج الجيش الى مواجهة مسلحة مع الشعب". وقال ان الغاء السلطة للمسار الانتخابي في كانون الثاني يناير 1992 "سابقة خطيرة ما زلنا نعاني آثارها". معرباً عن الاعتقاد ان حل الجبهة الاسلامية للانقاذ كان قراراً سياسياً "وان تستر وراء حجج قانونية مفتعلة". كذلك اعتبر المعالجة الأمنية الصرفة للأزمة خطأ أصرت السلطة عليه "ورفضت الاصغاء لغير دعاة الاستئصال والتغريب". وانتقد السلطة لأنها "جعلت من غالبية احزاب المعارضة امتداداً لها، لا ندّاً لها، تعين وتزيح أجهزتها وتملي عليها قراراتها". وأعطى مثالاً على ذلك ما وقع بعد صدور العقد الوطني في 1995 وعشية انطلاق الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية في نيسان ابريل الماضي. وتوقف عند "من بأيديهم الحل والربط" وكيف تمت عملية "تزوير" الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وقال ان قرار الانسحاب من التنافس على الرئاسة ضد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يُعتبر موقفاً مسؤولاً وشجاعاً انقذ البلاد من ترد مؤكد وصان أرواحاً كانت لتزهق قطعا". وانتهى الى ان "المنطلقات الخاطئة" لمعالجة الأزمة أدت الى "نتائج خاطئة". ورأى ان سياسة المواجهة دفعت بالأزمة الى خارج الحدود، وتشتيت الساحة السياسية أدى الى سيادة الاستبداد، و"التزوير" أفقد اي استشارة انتخابية كل صدقية. وقال ان الجزائر أصبحت في مقدم المجتمعات التي "تحترف التزوير" على اعلى مستوى لارادة الأمة. وحلل الوضع الجزائري مبرزاً "ازدواجية" الأزمة ممثلة في "أزمة حكم" و"أزمة قيادة". وأشار الى "أن الذين جيء بهم الى السلطة في سنوات المحنة وقع اختيارهم لتنفيذ أدوار معينة، ومهما كانت مزايا هؤلاء الأشخاص، وسجاياهم فإنهم يظلون كيانات موقتة تنتهي بمجرد انتهاء الدور الذي رُسِمَ لها". وتمسك بأن حل الأزمة سيظل "حلاً سياسياً طال الزمان أم قصر، فلا الترقيع بنافع، ولا التسكين بالدواء لجرح ينزف دما، ولا محاولة كسب الوقت قادرة على إحداث المعجزة، فقد ولّى زمن المعجزات". وأضاف ان "المصالحة الوطنية لا تسن بمرسوم رئاسي ولا تفرض بالترهيب أو الترغيب ولا تجيء بتشتيت الصفوف". وحدد عناصرها في الآتي: ثمرة حوار بين السلطة والقوى السياسية المتجذرة في المجتمع، وتقييم موضوعي للواقع المعاش، والتزام قيم التعددية، والاعتراف بالآخر، وشرعنة حق كل القوى في إدارة البلاد. ودعا المؤسسة العسكرية الى تدعيم التوجه لحوار شامل معمق يتجاوب مع تطلعات الشعب ليحدث تغيراً حقيقياً في مصدر شرعية النظام. وأعرب عن استعداد حركته للتنسيق في ما يتعلق بأولوية وقف مسلسل العنف ومعالجة آثاره الاجتماعية مع كل القوى الوطنية المستقلة في قرارها السياسي. وحدد 7 شروط ل "هذا التغيير المنشود" وهي: احترام التعددية السياسية، رفع حال الطوارئ، احترام الدستور، اطلاق المعتقلين السياسيين، حل مسألة المفقودين، رفع القيود عن نشاطات الأحزاب ووسائل الاعلام، اعادة الكلمة للشعب بضمان نزاهة الانتخابات. وكشف طموح حركته في "أن تكون بوتقة ينصهر فيها التياران الأساسيان في هذه البلاد، وهما التيار الوطني والتيار الاسلامي". وقال ان كلاً منهما قوي بالآخر. وانتهى الى التأكيد بأن "هذا الواقع المؤلم ليس قدراً محتوماً لا مفر منه". ومن جهته، وجه زعيم جبهة القوى الاشتراكية السيد حسين آيت أحمد رسالة طويلة الى المشاركين في المؤتمر التأسيسي لحركة الوفاء والعدل ضمنها مساندته للحركة، واعتباره "السياسة المنتهجة منذ 1992 وباءً على الشعب لأنها تهدف الى اغلاق المجال السياسي أمام القوى التي ترفض الخضوع للسياسة العبثية للسلطة". وسجل رفضه ل"منطق الأمر الواقع، ومصادرة إرادة الشعب، ومحاولة السلطة لمنع المؤسسات من التمتع بشرعية حقيقية". ودعا السلطة الى اعتبار القوى السياسية شريكاً حقيقياً لها وليس تابعاً. ولاحظ ان الأزمة تتعقب الجزائريين، وأنها ليست وراءهم، و"ذلك جراء اختيارات السلطة برهن البلاد حاضراً ومستقبلاً".