اقترحت جبهة التحرير الجزائرية لائحة من 50 نقطة لحل الأزمة المزمنة في منطقة القبائل، قبل ساعات من موعد الانتخابات الجزئية التي تنطلق بالمنطقة اليوم (24 نوفمبر) وتتضمن الخطة حلولاً للمشاكل الكبرى التي تعانيها الناحية، وتقترح «وصفات» للبطالة والعزلة والاستثمار فضلا عن تدريس ونشر اللغة والثقافة الأمازيغية أملا في إعادة تفعيل المنطقة وإخراجها من الانسداد الذي يطبعها منذ أحداث الربيع الأسود 2001. ويبدو أنّ المخطط الذي أعلنته قيادات بارزة في الجبهة العتيدة التي حكمت الجزائر منذ الاستقلال زمن الأحادية الحزبية، والتي يتزعمها وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية «عبد العزيز بلخادم»، يأتي لسحب بساط المساومة من تحت قدمي الحزبين الأمازيغيين الضاغطين، اللذين يتنازعان الزعامة في منطقة القبائل البربرية، وهما جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، اللذان لم يتمكنا من إيجاد حلول ممكنة للمطب القبائلي رغم انقضاء قرابة خمس سنوات. وفي محاولة منه لإعادة التموقع من جديد بالمنطقة، جنح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لزعيمه «سعيد سعدي» إلى اعتماد تكتيك جديد، من خلال دعوة غريمه «حسين آيت أحمد» الأب الروحي للقوى الاشتراكية، إلى عقد تحالف والتوحد عشية إجراء الانتخابات الجزئية بمنطقة القبائل ، وسوّغ خطوته بكونها «الطريقة الوحيدة للتصدي لمخطط السلطة التي تريد إحتواء منطقة القبائل»، قائلا في مهرجان شعبي:«إذا فازت أحزاب التحالف الرئاسي، فذلك معناه إخضاع المنطقة للسلطة»، وذهب إلى حدّ اتهام النظام ب «التحضير لتزوير كبير عبر استيراد أشخاص ليسوا من منطقة القبائل وإقحامهم على نحو غير شرعي في القوائم الانتخابية» . وإذا كانت جبهة القوى الاشتراكية لم ترد إلى غاية كتابة هذه السطور، بالإيجابي أو السلب على دعوة نظيرها العلماني، فإنّ خبراء الشأن السياسي في الجزائر، لا يستبعدون قيام تحالف أمازيغي قد يضعف حظوظ أحزاب الائتلاف الحاكم في ترجيح كفة الانتخابات لصالحها هذا الخميس، سيما الحزب الحاكم جبهة التحرير الطامحة إلى دعم تواجدها بالمنطقة ومقارعة منافسها المباشر «التجمع الديمقراطي»، وزيادة ثقلها الشعبي قبيل المواعيد الانتخابية القادمة التي تلوح في الأفق القريب، وتشير تعاليق ذات الخبراء أن جبهة القوى لزعيمها التاريخي حسين آيت أحمد ستدخل الاستحقاقات على مضض تخوفا من فقدان الأغلبية التي تمكنت الجبهة من افتكاكها في تشريعيات 2002. وكانت رحى الاتهامات المتبادلة بين أحزاب الائتلاف الحاكم في الجزائر، نشطت منذ ما يزيد عن شهر عن موعد استحقاقات بلاد القبائل، وراحت قيادات بارزة في جبهة التحرير الوطني والتجمع الديمقراطي وحركة مجتمع السلم، تهاجم بعضها بعضا على خلفية شكوك كل تشكيلة بسعي الأخرى إلى تزوير الانتخابات الجزئية بالمنطقة، فيما لم تتردد من جهتها الأحزاب المعارضة المحسوبة على التيار البربري هي الأخرى في قصف أحزاب التحالف الثلاثة واتهامها باستعمال أموال الدولة في الحملة الانتخابية باستغلال غياب لجنة خاصة لمراقبة الانتخابات . ولم تتردّد زعامات في حركة مجتمع السلم الإسلامية، عن قصف حلفائهما في التجمع الديمقراطي الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة «أحمد أويحيى» وجبهة التحرير التي يتزعمها وزير الدولة والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية «عبد العزيز بلخادم»، وقال «عبدالحق بومشرة» وهو قيادي معروف في الحركة، أنّ التجمع والجبهة يستغلان مواقعهما في الجهاز التنفيذي، واتهمهما في تصريحات صحفية، بتقديم وعود كاذبة لسكان منطقة القبائل، والضغط على موظفي الادارة بولايتي تيزي وزو وبجاية، حتى يتمكن الحزبان من تزوير الانتخابات الجزئية، من موقع قوة، قائلا :«إن التزوير ما يزال قائما، ونحن نخشى من انحياز القائمين على الادارة، كما لدينا الأدلة التي تؤكد سيناريوهات التزوير، باعتماد النفوذ والضغط على الادارة، لتوجيه العملية الانتخابية حسبما يراد سلفا». من جهته، نفى حزب جبهة التحرير، على لسان أحد أبرز قيادييه «سعيد بوحجة»، ما جزم به حليفه الإسلامي، ورأى أنّ المسألة محض خيال والأمور تسير بشكل جد عادي، معتبرا أنّ التزوير إن حصل سيتحمل مسؤوليته التجمع الديمقراطي الماسك بزمام الحكومة، وأوضح أنّ حزبه نظيف وبعيد عن المساس والتشويه والتشهير والدعاية والقدح والتجريج، وفق تقاليده وأخلاقياته وأدبياته التاريخية التي تنبني على احترام المنافسين، مضيفا أنّ تشكيلته جندت كافة إمكاناتها للظفر بهذه الانتخابات التي تريد افتكاكها، لأنّ نتائجها ستحدد مستقبل الحزب ومكانته بمنطقة القبائل والجزائر بوجه عام. ومن جهته، رفض مسؤول الإعلام بالتجمع الديمقراطي «ميلود شرفي»، اتهامات حركة مجتمع السلم وجبهة التحرير، وأورد أنّ البعض لم يدرك روح التحالف الحقيقي، معلقا أنّ تشكيلته لم تستفد من أي شكل من أشكال الدعم والمساعدة، وهي تريد التنافس بقوة للفوز على الحزبين الأمازيغيين «جبهة القوى الاشتراكية» المتمتع بشعبية واسعة بمنطقة القبائل، وبدرجة أقل حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلماني، الذي أصر هو الآخر على المشاركة بقوة .