الاسرائيليون يحلمون رئيس الكنيست ابراهام بورغ يعد ترتيبات لإلقاء الرئيس حافظ الأسد خطاباً في الكنيست كما فعل الرئيس أنور السادات، وهو وجه رسائل عدة الى الرئيس السوري، عبر وسطاء دوليين، تدعوه الى القاء خطاب في الكنيست "ليثبت انه جاد في موضوع السلام". الرئيس الأسد جاد في موضوع السلام، الا انه لن يلقي خطاباً في الكنيست، وإذا فعل فسأترك هذه المهنة يوم القائه الخطاب، لأنني اكون اثبت انني قارئ فاشل للسياسة السورية ومحلل اكثر فشلاً. خارج الاحلام، وعلى أرض الواقع وزير خارجية سورية السيد فاروق الشرع، يرفض مصافحة رئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك في العلن، وبين المصافحة والخطاب بضع سنوات ضوئية. لا توجد اسرار في محادثات الشرع - باراك اليوم وغداً، ولا سبب لتعقيد وضع واضح: اسرائيل ستنسحب من الجولان كله ولن تبقى في تلك الأرض مستوطنة او مستوطن، فالرئيس الأسد لن يقبل بأقل مما حصل عليه الرئيس السادات، بل انه، وقد انتظر 20 سنة، مطالب بأن يحقق اتفاقاً افضل مما حقق الرئيس المصري الراحل. ننتظر لنرى ونقارن، اما الآن فنجد ان النقطة الاكثر تعقيداً او جدلاً، طالما ان الانسحاب الكامل ليس موضع تفاوض، هي الحدود. وليس سراً مرة اخرى ان اسرائيل تريد الانسحاب الى الحدود الدولية التي رسمت سنة 1923، في حين تصرّ سورية على انسحاب اسرائيلي الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967. والفرق بين الحدودين قد يبدو قليلاً، فهو لا يتجاوز بضع مئة الف دونم من الأرض المتنازع عليها قبل حرب 1967 كان السوريون يزرعون في المنطقة المجردة من السلاح فيطلق الاسرائيليون النار عليهم، او يزرع الاسرائيليون فيها فيطلق السوريون النار عليهم. غير ان الفرق اهم من ان يقاس بالدونمات، فحدود الرابع من حزيران تعني ان يعود السوريون الى الضفة الشرقية لبحيرة طبريا، بما في ذلك مستوطنة حامات غادر الكبيرة، والحمة والمنطقة المجاورة. هل يستطيع ايهود باراك بلع هذه الحبة، او على وجه الدقة هل يستطيع ان يجعل الاسرائيليين يبلعونها؟ هناك استفتاء اسرائيلي على اي اتفاق يتوصل الجانبان اليه، وهو استفتاء معقد يستحق دراسة مستقلة، اما الآن فلا أقول سوى ان باراك طالب وهو رئيس للأركان بأن تبقى اسرائيل في 12 كيلومتراً الى 15 كيلومتراً من الجولان لضمان "أمنها"، ضمن اي اتفاق مع سورية. غير ان باراك سيجد، كما وجد كثيرون قبله، ان الكلام خارج مقعد الحكم، اهون كثيراً من الكلام وهو في الحكم. اذا اتفق على الحدود كما يريد السوريون، يصبح الاتفاق على اقتسام الماء والاجراءات الأمنية اسهل، والأساس في هاتين النقطتين الوصول الى حل وسط، فلا يموت الذئب ولا تفنى الغنم. والترتيبات الأمنية يجب ان تكون متبادلة او متكافئة، فتضمن امن سورية كما تضمن امن اسرائيل، ولا سبب لخوض تفاصيل فنية حول الترتيبات الأمنية والماء الآن، فهذه ستكون موضع بحث بين خبراء. غير اننا نسجل على هامش المطروح وقاحة متناهية من نوع لا يقدر عليه غير الاسرائيليين. الانسحاب من سيناء كلف الاميركيين في حينه ستة بلايين دولار، والانسحابات المحدودة من الضفة الغربية وقطاع غزة ستكلف ثلاثة بلايين دولار. واليوم يطالب الاسرائيليون بثمن للانسحاب هو 18 بليون دولار، على شكل عشرة بلايين دولار تعويضاً على المستوطنين، وثمانية بلايين دولار نفقات عسكرية من انسحاب وترتيبات أمنية جديدة. ولم يحدث في تاريخ العالم كله ان حصل جيش محتل على تعويضات عن الاحتلال، فالعادة ان تدفع الدولة المحتلة تعويضات الى ضحايا الاحتلال، كما فعلت المانيا مع اليهود انفسهم من دون احتلال. غير ان اسرائيل حصلت على تعويض عن احتلالها سيناء، وعلى الضفة والقطاع، وهي ستحصل على تعويض اكبر عن احتلال الجولان. لو كان الحل المطروح عادلاً لفرض على اسرائيل دفع تعويضات للمدنيين الذين شردتهم من غزة الى الضفة والجولان، وحتى جنوبلبنان، وطبعاً عن مدن القناة المدمرة، والطائرة المدنية الليبية، وألف جريمة اخرى ارتكبتها على مدى نصف قرن بعد جريمة قيامها في أراضي الآخرين. غير انها لن تدفع، بل ستقبض، ورجائي الا اسمع عربياً يتحدث عن حل عادل، فحتى لو حصلنا على كل مطالبنا في المفاوضات المستمرة مع الفلسطينيين، والقادمة مع السوريين واللبنانيين، فالحل لن يكون عادلاً.