هل يصح اعتبار فندق "برج العرب" الذي كلّف بناؤه قرابة 750 مليون دولار مشروعاً استثمارياً ناجحاً؟ مسؤولو الفندق الذي يحوي 202 جناح فقط يتكتمون على الكلفة الحقيقية والتي تعني في حال صحت الأرقام المتداولة همساً أن كلفة الجناح الواحد تقارب أربعة ملايين دولار، وهي من أعلاها في العالم. وتراوح قيمة النزول في الفندق الفخم، الذي تسحر الأبهة الأسطورية التي يحفل بها، بين ألف دولار و19 ألف دولار إذا أحتسبت الضرائب البلدية. وجعل الكشف عن قيمة الليلة الواحدة الكثيرين يتساءلون عمّا إذا كان الفندق سيجد من ينزل فيه. إلا أن مقارنة سعر الليلة الواحدة في "برج العرب" مع أسعار الفنادق المعتمدة في العواصم الغربية وبعض المدن الخليجية تظهر أن أسعاره تبقى مقبولة، وأنها في متناول فئة من نزلاء النخبة من الشخصيات المهمة ومن رجال الأعمال ومن أفراد الطبقة المتوسطة العليا والطبقة الارستقراطية ممن يرغبون في أن يجدوا في الفنادق التي ينزلون فيها المستوى نفسه من الخدمة الراقية التي تعودوا عليها في منازلهم الخاصة. ومن يسأل عن أسعار المبيت في مدينة مثل لندن سيجد أن أسعار غرف رجال الأعمال أو الأجنحة جونيور تراوح بين 350 و900 دولار لليلة الواحدة، أما أسعار الجناح الملكي فيها فتتجاوز بسهولة 20 ألف دولار ، كما أن هناك مدناً خليجية عدة تؤمن الفنادق فيها أجنحة أميرية أو ملكية بأسعار تقارب العشرة آلاف دولار من دون أن تكون ذات سعة مكانية أو مستوى رفاهية يمكن مقارنته ولو من بعيد بما يقدمه فندق "برج العرب" الذي تراوح مساحة الجناح الواحد فيه بين 170 و780 متراً. ويقول ل"الحياة" جيرالد لاوليس المدير العام لمجمع منتجع "جميرا بيتش" الذي يضم "برج العرب": "هناك سوق كبيرة للخدمات الراقية يمكن أن تؤمنها منشأة من طراز برج العرب، وهذا ما نلمسه في السوق ومن ردود الفعل المشجعة التي تلقيناها في جميع المعارض الدولية التي شاركنا فيها والتي كان لنا فيها لقاءات مع العاملين في قطاع السياحة الراقية". ويضيف: "نشهد اقبالاً متزايداً على منتجعنا من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، من دون أن ننسى السوق الآسيوية، ونتوقع أن يحظى منتجعنا باقبال من قبل السياح اليابانيين بعدما تفتح شركة طيران الامارات خطها الى طوكيو مستقبلاً". ويعتبر لاوليس، الايرلندي الأصل، الذي يملك خبرة طويلة في عالم الصناعة الفندقية والذي نسج علاقات وثيقة مع عدد من أبرز الشخصيات في العالم العربي ومنطقة الخليج ممن يفضلون النزول في منتجعه، أن النتائج المسجّلة حتى الآن تكفي وحدها لدحض كل ما كان يقال عن عدم وجود فرص لنمو سوق الخدمات الفندقية الراقية في دبي. ويقول: "مع افتتاح برج العرب وإقامة جميرا بيتش وحديقة الالعاب المائية وافتتاح فندقي الميراج ورويال مريديان في منطقة الجميرا فإننا نلاحظ أن المستثمرين يتحركون للحاق بالسوق التي تتطلب إقامة هذا النوع من المنشآت الفندقية الراقية. وفنادقنا ومنتجعاتنا تستقطب نوعية عالية من السياح وتحقق عوائد جيدة وتؤمن في الوقت ذاته مستوى إشغال مرتفعاً". ويتابع قائلاً: "نسبة الاشغال في فندق جميرا بيتش تتجاوز 90 في المئة من تشرين الأول أكتوبر وحتى أيار مايو. وعلى عكس التوقعات التي تنظر إلى موسم الصيف على أنه موسم قيظ تنعدم فيه حركة السياحة الوافدة فإن حركة الاقبال السياحي ارتفعت عن بقية أشهر السنة". ويعيد ذلك في الدرجة الأولى إلى نجاح "مفاجآت الصيف" وهو مهرجان التسوق الصيفي الذي يؤكد أنه حقق نجاحاً فائقاً الصيف الفائت وفي شكل تجاوز كل التوقعات. ويضيف: "قبل خمسة أعوام كانت فكرة تنظيم رحلات للسياح خلال فصل الصيف إلى دبي تثير الاستغراب وحتى السخرية. إلا أن دبي نجحت في رهانها وفي استقطاب المجموعات السياحية والرحلات المنتظمة على رغم ارتفاع الحرارة خلال أشهر الربيع والصيف". ويكشف أن خطط الترويج المعتمدة "سمحت خلال آب أغسطس الماضي بتسجيل معدلات إشغال مرتفعة بلغت 7،96 في المئة". ويشرح أن فندق "جميرا بيتش" قدّم أسعاراً تشجيعية راوحت بين 40 و50 في المئة من إجمالي الأسعار المتداولة خلال الموسم التقليدي من تشرين الأول إلى أيار. المجمّع الضخم ويعمل في منتجع "جميرا بيتش"، الذي يملكه ولي عهد إمارة دبي وزير دفاع دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، 2600 موظف. ويضم المجمّع الضخم الذي ارتفعت كلفته إلى نحو 25،1 بليون دولار فندق "جميرا بيتش" الذي يحوي 600 غرفة والذي فاز أخيراً بجائزة أفضل فندق من فئة خمس نجوم في العالم، وفندق "برج العرب"، علاوة على الحديقة المائية "وايلد وادي" وقرية "بيت البحر" المؤلفة من 19 شاليهاً ضخمة يشكّل كل منها منتجعاً صغيراً متكاملاً يؤمن خدمات للنزلاء من النوع الراقي. ويذكر لاوليس أن 38 في المئة من نزلاء "جميرا بيتش" من البريطانيين مقابل عشرة في المئة من السعوديين، مشيراً إلى أن هناك اهتماماً بزيادة نسبة السياح الخليجيين. ويضيف أن منتجع "جميرا بيتش" لم يبلغ أقصى إمكانات نموه وأن قرار التوسع مستقبلاً "مرتبط بمالك المشروع". وعن خطط الترويج ل"برج العرب" يشير المدير العام للمنتجع الى أن هناك حملة ترويجية "لم نحدد موازنتها بعد" ستنطلق لمدة 18 شهراً للتعريف بالمنشأة الجديدة. ويؤكد أن هناك سوقاً واعدة لهذا النوع من المنشآت البالغة الفخامة: "فندق برج العرب يقدم نوعاً من المنتجات المستقبلية ويستهدف الفئة الأرقى من السياح، وهو قادر على استقبال لقاءات المديرين التنفيذيين للشركات الدولية واللقاءات الرسمية المغلقة. وخلال الأسابيع التي سبقت الافتتاح الرسمي استقبلنا بعض المؤتمرات البارزة وبينها مؤتمر وزراء دفاع مجلس التعاون. ونحن نرتبط أيضاً مع منظمي الرحلات الجماعية الراقية الذين أدرجوا الفندق في برامجهم المخصصة لفئات النخبة. كما أننا لا نستطيع أن نتجاهل الاقبال الذي يمكن أن يحظى به فندقنا من سوقنا المحلية في دولة الامارات". أما المدير العام لپ"برج العرب" فيليب شارودو فلا يكتم في حديثه إلى "الحياة" حماسه الكبير لادارة أفخم منشأة فندقية في الشرق الأوسط. ويقول: "الفندق يحمل طابعاً خاصاً ونحن حريصون على أن نكون في غاية السخاء في تعاملنا مع نزيلنا. والفخامة التي تتجلى في كل التفاصيل الصغيرة تخدم هذا الغرض وتضمن جواً من الرفاهية تعجز بقية الفنادق عن تأمينه". ويضيف قائلاً: "نتوقع أن يكون أغلب سياحنا من أوروبا ومنطقة الخليج. أما السياح الآسيويون فهم متطلبون ونحن نلبي كل تطلعاتهم ولكنهم لن يكونوا أكثر عدداً من السياح القادمين من دول الخليج". ويقول العاملون في قطاع السياحة في دبي إن الفندق مشروع سياحي ناجح ويمكن أن تستخدم أجنحته كقصر حكومي للضيافة واستقبال كبار الزوار. وهو يؤمن في الوقت ذاته خصوصية لعقد الاجتماعات الرسمية والمهمة، يضمنها وجود حاجز أمني عند رأس الجسر المفضي اليه والذي يحول دون دخول أي زائر أو سيارته إلا بإذن مسبق من النزيل لعناصر الحراسة. كما أن شهرة الفندق ذي البذخ الأسطوري ستحوله إلى نادٍ من نوع خاص ترتاده النخبة وتحرص كبرى الشخصيات الزائرة على النزول فيه مما سيدفع الكثيرين ممن يرغبون في التعرف الى جوه الباذخ إلى السعي الى قضاء ليلة مميزة فيه. ويرفض شارودو تحديد الفترة التي سيصبح لزاماً فيها على الراغبين في النزول في الفندق تأمين حجزهم مسبقاً وقبل فترة طويلة، ولكنه يضيف: "إنها ضريبة متوقعة للنجاح وفندقنا بات معلماً من معالم الصناعة الفندقية ونأمل له أن يسهم في تطوير مفاهيم الخدمات الراقية في كامل المنطقة".