هامبورغ - د ب أ - على رغم سنوات من الاستعدادات والاختبارات والتأكيدات بأن انظمتها متوافقة مع مشكلة الصفرين، فإن عدداً كبيراً من شركات الطيران في العالم تجد نفسها مضطرة الى الغاء رحلاتها المقررة لآخر ايام العام لسبب بسيط الا وهو عزوف الزبائن عن السفر في ذلك اليوم تحسباً لمشكلة الصفرين. وأكبر مشكلة تواجهها شركات الطيران الآن ليس العطل المحتمل حدوثه في انظمة الكومبيوتر وإنما عواقب الرحلات الملغاة. فبدلاً من تنظيم جداول الرحلات، يجد المسؤولون في عدد من هذه الشركات انفسهم مجبرين على ايجاد مكان لاستيعاب كل هذا العدد من الطائرات الجاثمة على الأرض والتي كان من المفترض ان تحلق في الجو. وقال كلاوس أولريتش منسق الرحلات الجوية الألمانية لوكالة الأنباء الألمانية "د ب أ": "اننا نتوقع ان يكون عدد الرحلات القادمة الى فرانكفورت والمنطلقة منها في 1 كانون الثاني يناير المقبل ثلث العدد الطبيعي في هذا الوقت من العام". وأضاف: "من الصعب ان نحدد ما اذا كان الناس يخشون مشكلة سنة 2000 ام انهم فضلوا ببساطة القيام برحلاتهم في وقت أبكر من مطلع السنة. وفي الغالب ان ما حدث يعد نتيجة لكلا العاملين". وقد اضطر عدد من شركات الطيران الى تقليص عدد الرحلات بدرجة كبيرة نظراً لعدم الاقبال على حجز التذاكر. وذكرت صحيفة "تورونتو ستار" ان الكنديين فضلوا امضاء العطلة في الوطن عن السفر الى الخارج تحسباً لعواقب مشكلة الصفرين. وألغت خطوط "إر كندا" 177 رحلة من جدول الرحلات الاصلي الذي يضم 655 رحلة. والسبب نفسه دفع شركات الخطوط الجوية الآسيوية الى اتخاذ خطوة مماثلة، اذ انها اعادت جدولة رحلاتها. وأهم اسباب الغاء الرحلات هناك ايضاً المخاوف المتعلقة بمشكلة الصفرين وقلق الركاب. فحتى منتصف تشرين الثاني نوفمبر الماضي، لم تبع شركة "الخطوط الجوية اليابانية" جال سوى خمس تذاكر لليلة رأس السنة. وكانت شركة تشاينا إرلاينز" التايوانية اعلنت في وقت سابق انها الغت كل رحلاتها التي يصل عددها الى 35 رحلة والتي كان من المقرر انطلاقها في الساعات الأولى من أول ايام العام الجديد. وتعتزم شركة الخطوط الجوية التايلاندية ان تتخذ قراراً في شأن الغاء رحلاتها خلال الشهر الجاري. وقال وزير الاتصالات التايلاندي: "اننا لا نريد ان نبدو غير حذرين.. وإذا لم يكن الركاب على ثقة فعلينا ألا نصر على استمرار الرحلات". وألغت "خطوط سنغافورة" الجوية 60 رحلة، ما يعادل 20 في المئة من جدول الرحلات الاصلي، ليومي 31 كانون الأول ديسمبر و1 كانون الثاني يناير. اما خطوط "سابينا" البلجيكية فانها قلصت رحلاتها الجوية في هذين اليومين بنسبة 40 في المئة. وقال ناطق باسم الشركة لوكالة الأنباء الالمانية: "ليس هناك سوى اهتمام ضئيل بالسفر جواً خلال هذين اليومين ولا نريد ان تحلق طائراتنا في الجو خالية". وقررت شركة "إيفا" التايوانية الغاء 17 رحلة، فيما ألغت شركة "جال" اليابانية رحلاتها الى اوروبا نظراً الى عزوف الركاب عن الحجز. وتواجه شركة "كاثي باسيفيك" التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها الوضع نفسه، حيث اضطرت الى الغاء 28 رحلة لأسباب تجارية، وكذلك شركة "كال" الكورية الجنوبية التي عدلت جدول رحلاتها التقليدي. ويأتي هذا الافتقار للثقة في درجة الأمان من قبل الركاب على رغم محاولات مضنية بذلتها شركات الطيران العالمية لاقناع ركابها بمدى توافقها مع مشكلة الصفرين. ويبلغ حجم ما انفقت شركة "لوفتهانزا" الألمانية مثلاً لاعداد اسطول طائراتها لمواجهة مشكلة الصفرين هذه 83 مليون مارك 43.6 مليون دولار، فيما انفقت الخطوط الجوية البريطانية بريتيش إرويز نحو 97 مليون جنيه استرليني لحل مشكلة الصفرين. غير ان الركاب لم يبدوا تقديراً لهذه الجهود وآثروا الامتناع عن التحليق في الجو عندما تدق الساعة معلنة انتصاف ليلة رأس السنة. وقال تيم غوديير من الاتحاد الدولي للنقل الجوي إياتا في جنيف: "بكل تأكيد سيكون عدد المسافرين في نهاية السنة اقل منه في الأعوام السابقة". وأضاف ان ما يحدث يعتبر ظاهرة عالمية، مشيراً الى ان "الناس يريدن ان يحتفلوا بالألفية الجديدة في سلام. ولذلك فإنهم بدأوا رحلاتهم في وقت مبكر عن العادة". من جهتها، قالت سيغريد بويمر الناطقة باسم "لوفتهانزا" ان انخفاض نسبة مبيعات التذاكر في آخر ايام السنة الجديدة ليس امراً جديداً. وأشارت الى ان عدد الرحلات ينخفض الى حد ما اثناء العطلات مثل ما يحدث كل عام". وذكرت انه من الممكن الغاء الرحلات اذا كانت هناك ضرورة لذلك وانه في هذه الحال يتم اعادة الحجز اوتوماتيكياً على رحلات اخرى. وقالت: "لم يتم الغاء اي من رحلاتنا بسبب مشكلة الصفرين. وفي ليلة رأس السنة وحدها ستكون هناك 48 طائرة من طائراتنا في الجو".