سياتل، واشنطن، لندن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - احتدم الخلاف بين الولاياتالمتحدة من جهة، واليابان والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، قبل افتتاح الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية حول جدول الأعمال، فيما تجمع منذ ساعات الصباح الأولى حوالى 25 ألف شخص، من نقابيين وعمال أمام مقر الاجتماع في تظاهرة ضد "مصاصي الدماء". وأعلن الرئيس بيل كلينتون عن تعاطفه مع المتظاهرين الذين قال عنهم إنهم يجب أن يكونوا جزءاً من الاجتماع، كما تظاهر بضعة مئات في لندن احتجاجاً وتضامناً مع متظاهري سياتل في تحرك اطلقوا عليه "كرنفال سياتل". وأعلنت الولاياتالمتحدة ان اليابان تعرض الجولة الجديدة من محادثات التجارة العالمية لفشل ذريع بمطالبتها مراجعة قوانين مكافحة الاغراق الاميركية التي تحمي الصناعات المحلية. وقبل الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في سياتل الذي بدأ أعماله أمس ويستمر حتى الثالث من كانون الأول ديسمبر الجاري، قال وكيل وزارة التجارة الاميركية لشؤون التجارة الدولية دافيد ارون: "إنهم على وشك نسف فكرة الجولة الجديدة بالكامل". ويرغب عدد متزايد من اعضاء منظمة التجارة العالمية بقيادة اليابان في ان تشمل الجولة الجديدة مراجعة قوانين مكافحة الاغراق التي تسمح للحكومة الاميركية بفرض رسوم وتعريفات كإجراء عقابي على منتجات أجنبية الصنع ترى أنها تباع بأقل من تكلفة الانتاج. ورفضت الولاياتالمتحدة ادراج الأمر على جدول الاعمال، إذ من شأن ذلك إثارة سخط الجماعات الصناعية واتحادات العمال صاحبة النفوذ في الولاياتالمتحدة وحلفائهم في الكونغرس، إذ يعتبرون هذه القوانين آخر خط دفاع في مواجهة تزايد الواردات الرخيصة. ويزعم منتقدو قوانين مكافحة الاغراق في الولاياتالمتحدة ان الادارة الاميركية أساءت استغلال القوانين لدعم شركات الصلب وصناعات اخرى تعاني نقصاً في السيولة وتواجه منافسة اجنبية حامية. واحتجوا أيضاً بأن هذه الاجراءات تتعارض مع مبادئ السوق الحرة التي يتحدث عنها الرئيس الاميركي بيل كلينتون. لكن اليابان أصرت على ادراج مراجعة قواعد مكافحة الاغراق في أي جدول أعمال تعده منظمة التجارة العالمية، وألا تقتصر المراجعة على الأمور الاجرائية، وهو حل وسط لمحت الولاياتالمتحدة إلى أنها قد تقبله. ورفضت ادارة كلينتون فتح المفاوضات من جديد في شأن قواعد مكافحة الاغراق على رغم تزايد الضغوط الدولية. وأشار مسؤولون اميركيون إلى العجز التجاري القياسي كدليل على أن السلع الاجنبية تجد طريقها للوصول إلى الاسواق الاميركية. وفي ظل هذا الخلاف، قالت مصادر اوروبية ان الاتحاد الاوروبي يعمل على تشكيل جبهة موحدة مع الدول التي تؤيد دعوته إلى محادثات تجارية واسعة النطاق مستغلاً انقسام المنظمة. وتعتزم دول الاتحاد الاوروبي التعاون مع الدول التي تشاركها الرأي لوضع وثيقة يمكن طرحها في المؤتمر لتكون أساساً للمناقشات في غياب محاولة فعالة للتوصل إلى اجماع. وقال وزير التجارة الفرنسي فرانسوا هواريت: "ندرس مبادرة اوروبية". ويريد الاتحاد الأوروبي تدشين جولة محادثات جديدة واسعة النطاق في سياتل تشمل الزراعة والخدمات والتعريفات الصناعية والحدود الدنيا لمعايير العمل وقواعد الاستثمار والمنافسة. وأعرب متحدثون باسم منظمات غير حكومية عن وقوفهم ضد اطلاق دورة جديدة من المفاوضات التجارية بعد المؤتمر الوزاري. وطلب مارتن كور، الذي أعلن أنه يتحدث باسم "المجتمع المدني" ويمثل ألفي منظمة غير حكومية، من مؤسسة "شبكة تضامن العالم الثالث" ان "تساعد الدول المتقدمة الدول النامية في تسوية مشاكلها". وانتقد الرغبة في اطلاق جولة واسعة من المفاوضات في سياتل، خصوصاً من قبل الاتحاد الاوروبي. وقال كور: "ينبغي عدم اطلاق جولة جديدة، وعلى منظمة التجارة العالمية ان تخصص سنتين الى ثلاث سنوات لمراجعة واصلاح تحركها. وسيكون من الخطأ السماح باجتياح قضايا جديدة لمسرح عمل المنظمة، لان ذلك يبعدها عن مهماتها الاصلاحية". وفي حين علا صوت الأغاني التي تنشدها مجموعة يهودية، بدأ بعض الشباب المتظاهرين برفع لافتات كتبت عليها تعابير تشبه منظمة التجارة العالمية بمصاص الدماء او عبارات مثل "اوقفوا منظمة التجارة العالمية، وهيمنة المؤسسات الخاصة على العالم". وقال الرئيس بيل كلينتون: "إنني ادعو بقوة إلى افساح المجال لأولئك المتظاهرين لكي يكونوا جزءاً من الاتفاق، واعتقد ان علينا دعم مصالح العمل والمحيط الطبيعي في نقاشاتنا التجارية".