سياتل، لندن - "الحياة"، أ ب، أ ف ب - تستعد منظمة التجارة الدولية ومدينة سياتل الاميركية التي تستضيف اجتماعاتها الوزارية ابتداء من اليوم الثلثاء، لأسبوع من الاحتجاجات المعادية للمنظمة يقوم بها آلاف الناشطين في عدد من النقابات الاميركية الكبيرة والمجموعات المدافعة عن البيئة والاتحادات الزراعية وغيرها من المنظمات، في ما بات يعرف باسم "معركة سياتل" أو "الكرنفال ضد الرأسمالية". راجع ص12 وستحاول منظمة التجارة الدولية التي تم انشاؤها في 1995 وتضم 135 دولة في اجتماعاتها التي تستمر حتى يوم الجمعة المقبل، كسر الجمود في شأن جدول أعمال جولة جديدة مقترحة من محادثات تحرير التجارة العالمية. كما أنها ستسعى الى الدفاع عن وجودها ودورها وعن فوائد التجارة الحرة في العالم. وقال المراقبون في هذه المدينة الاميركية على المحيط الهادئ امس ان "معركة سياتل" قد بدأت على رغم ان المحادثات التجارية لم تبدأ. اذ نزل نحو 500 شخص الى شوارع منطقة كابيتول هيل الراقية في المدينة مساء أول من أمس الأحد حاملين شعارات تحتج على عقد المحادثات وتتعهد بأعمال عصيان مدني لدى بدئها. ووجد المتظاهرون انفسهم وجهاً لوجه مع شرطة مكافحة الشغب، إلا أنهم نفذوا مسيرتهم بهدوء. وقال ناطق باسم منظمة "دايركت اكشن نيتوورك" التي نظمت الاحتجاج ان المتظاهرين يعتزمون اليوم افتراش الأرض في الشوارع المؤدية الى المؤتمر لمنع المندوبين من دخول مركز المؤتمرات وسط المدينة. كما رفع الناشطون رسالتهم ايضاً الى سماء المدينة بواسطة طائرة حملت شعاراً يقول: "الناس قبل الربح: أوقفوا منظمة التجارة الدولية". وكانت مواجهات كلامية بين مسؤولين في منظمة التجارة وادارة الرئيس بيل كلينتون من جهة وبين مسؤولين نقابيين وناشطين من جهة اخرى وقعت الأحد، في الوقت الذي يسعى كل من الطرفين الى لفت الاهتمام لمواقفه. وأكد وزير التجارة الاميركي وليام ديلي في تصريحات لشبكة "ان.بي.سي" للتلفزيون أول من أمس أهمية الانفتاح التجاري الذي ساهم على حد قوله في "أكبر توسع اقتصادي تشهده الولاياتالمتحدة في زمن السلم". وقال ان الاقتصاد "سيظل قوياً بسبب نظرة الانتاج التي نتبعها في شأن التجارة". لكن المحتجين يعتبرون منظمة التجارة الدولية، التي تضع قواعد التجارة بين أعضائها، تهديداً شاملاً يحافظ على مصالح الشركات العالمية الضخمة على حساب مصالح الشعوب والبيئة. وقال الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات الحرة للتجارة، بيل جوردان انه يتعين على وزراء تجارة المنظمة ان يعالجوا مخاوف العمال الذين يعتبرون التحرير الشامل للتجارة خطراً على وظائفهم. من جهتها، حذرت منظمة "أوكسفام" غير الحكومية الأحد من ان المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة سيمنى بالفشل اذا لم يؤد الى فتح الأسواق الأوروبية والاميركية في شكل أكبر امام الدول الفقيرة. وقال جوستن فورسيث المسؤول السياسي للمنظمة الخيرية ان الدول النامية تعتبر ان وصول صادراتها الى أسواق الدول الغنية "مسألة حياة أو موت". وأضاف ان منظمة التجارة تسيء الى مصداقيتها اذا لم تتوصل الى اتفاق ينصف الدول الفقيرة. واعتبر فورسيث ان تدابير الحماية المطبقة لدى دول الشمال تكلف الدول الفقيرة 700 بليون دولار تقريباً في السنة. أي 14 مرة ما تتلقاه عبر المساعدات المخصصة للتنمية، مشيراً الى ان "الدول الغنية تعهدت إزالة العوائق المفروضة على الانسجة بصورة تدريجية، إلا أنها لم تحترم هذا التعهد". وأضاف ان "الدول الصناعية تواصل ضخ مساعدات بقيمة 350 بليون دولار سنوياً في الصادرات الزراعية وتتجاهل الأزمات التي تتسبب فيها". وفي ما يتعلق بمسألة الدعم الحكومي للمزارعين، أعلن فرانتز فيشلر المفوض الأوروبي المكلف شؤون الزراعة ان الاتحاد الأوروبي على استعداد للتفاوض حول الملف الزراعي في الجولة المقبلة لمنظمة التجارة. وقال فيشلر في بيان ان الاتحاد الأوروبي مستعد للقيام بمبادرة لفتح اسواقه أكثر أمام الدول الفقيرة. وأعلن ان "الاتحاد الأوروبي مستعد لتوقيع اتفاق شامل حول الزراعة". وقال: "إننا مستعدون لتقديم مساهمتنا من اجل تحرير أكبر للتجارة وتقليص القيود المفروضة علىها شرط ان يقوم شركاؤنا بالمثل".