كرّس تعيين مدير دائرة المخابرات العامة الفريق سميح البطيخي مستشاراً للعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني وضعاً قائماً عملياً ولعله يمهد لظهوره في دور سياسي في المرحلة المقبلة باعتباره واحداً من اقوى رجال الدولة في المملكة الرابعة. وترى مراجع سياسية في تعيين البطيخي مستشاراً للملك، مع احتفاظه بمنصبه مديراً للمخابرات، اعترافاً باهمية الدور الذي اضطلع به منذ التغيير الكبير الذي اعقب تنحية ولي العهد السابق الامير الحسن وغياب الملك حسين وتسلم الملك عبدالله مقاليد الحكم في المملكة في شباط فبراير الماضي. ورغم اضطرار البطيخي الى البقاء بعيداً عن الاضواء بحكم طبيعة المنصب الامني الذي يشغله منذ العام 1996 لدى تشكيل حكومة السيد عبدالكريم الكباريتي - رئيس الديوان الملكي اليوم - فإن الظروف السياسية التي شهدتها المملكة خلال الاشهر الاخيرة دفعته الى واجهة العمل السياسي، وإن كان الاعتراف بذلك الدور ظلّ محدوداً على الصعيد الرسمي. وساهمت العلاقة الشخصية التي تنامت بين الملك عبدالله والبطيخي في السنوات الاخيرة في تعزيز دوره مستشاراً للملك في العهد الجديد. كما ان التغيير الكبير والمفاجىء، المتمثل بتنحية الامير الحسن وغياب الملك حسين في غضون بضعة ايام، أحدث فراغاً كبيراً في ضوء غياب التهيئة والتحضير الكافيين للملك عبدالله للخلافة على العرش بعد 34 عاماً من تهيئة الامير الحسن. ودفع ذلك الفراغ في البنية السياسية للحكم الى مزيد من الاعتماد على عدد محدود جداً من رجال الدولة الذين كان البطيخي من بينهم. ويذكر ان الملك عبدالله اشار في حديث سابق له الى انه لم يعرف بقرار الملك حسين اختياره ولياً للعهد إلا قبل يوم واحد من صدور الارادة الملكية بتعيينه، رغم ان العاهل الراحل كان لمح الى نيته في التغييرخلال العامين الاخيرين من دون ان يحسم امره حتى الاسابيع الاخيرة قبل وفاته. ولوحظ ان قرار تعيين البطيخي مستشاراً من دون تحديد مجال تخصصه ترك الباب مفتوحاً إزاء طبيعة الدور الذي سيضطلع به في القصر في ظل وجود مستشارين سياسيين وعسكريين في الديوان الملكي، ووجود مجلس الامن القومي الذي يترأسه ابن عم الملك الامير طلال بن محمد، مقرر الامن القومي. وتقول مصادر مطلعة إن البطيخي كان له رأي وازن في عدد من التعيينات الاخيرة في الديوان الملكي والحكومة، ما يشير الى تنامي نفوذه في مؤسسة الحكم في الفترة الاخيرة. وتتوقع الاوساط السياسية الاردنية تغييرات وتنقلات كبيرة في المناصب العليا للدولة، بما فيها استقالة حكومة رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة في موعد اقصاه آذار مارس المقبل، بعد ان تكون اتمّت عاماً على تشكيلها.وترافق تلك التوقعات تكهنات إزاء توجهات الملك عبدالله الثاني في المرحلة المقبلة بعدما تمكن من تكريس اركان حكمه في وقت قياسي خلال الحقبة الماضية، رغم استمرار الخلافات بين جناحين في الدولة يسعى احدهما الى الاصلاح والتطوير وآخر يهيمن عليه رجالات الحرس القديم.