تبر العقيد الركن بشّار الأسد ان المعطيات الاسرائيلية الراهنة بشأن استئناف المفاوضات مع سورية "ليست واضحة" ولذلك لا يمكن "التنبؤ" بمستقبل هذه المفاوضات "لكن الرغبة في السلام تجعلنا نميل الى التفاؤل ونحن راغبون في السلام". وقال الدكتور بشّار، في لقاء مع مجموعة من الصحافيين في باريس امس، ان انسحاب اسرائيل من جنوبلبنان قبل التوصل الى اتفاق سلام مع سورية "ليس هو نقطة التساؤل وانما هل الانسحاب من دون تسوية المشاكل المترتبة على وجود اسرائيل لفترة طويلة هو حل، وهل الهروب من حل شامل في المنطقة العربية هو حل، هناك قنابل موقوتة والمشاكل ستبقى في المنطقة، واذا لم يكن هناك حل شامل للصراع العربي - الاسرائيلي فقد يؤدي ذلك الانساب الأحادي الجانب الى اضطرابات سياسية وأمنية، لذلك نكرر ان السلام العادل والشامل هو المطلوب وليس السلام الناقص". وكان استقبال الرئيس الفرنسي جاك شيراك للدكتور بشّار الاسد، نجل الرئيس السوري، في قصر الاليزيه ملفتاً بالحفاوة والطابع الشخصي اللذين اضفاهما شيراك على الاستقبال. اذ حرص على توديعه على باب القصر، كما يفعل عادة مع رؤساء الدول او رؤساء الحكومات. وحلّ بشّار الأسد ضيفاً على غداء اقامه الرئيس الفرنسي، وسبقته خلوة بين الاثنين. وبعد اللقاء توجه بشّار الى الصحافيين برفقة السفير السوري الدكتور الياس نجمة، وقال انه جاء "بدعوة كريمة من الرئيس شيراك"، وانه لم ينقل "اي رسالة" من الرئيس السوري. واعتبر ان هذه الدعوة "تدلّ الى العلاقة الطيبة بين فرنسا وسورية والعلاقة المتينة بين الرئيسين الأسد وشيراك". وتمنى نجل الرئيس السوري ان يكون لأوروبا دور فاعل في مفاوضات السلام، وقال: "نسعى الى دور اوروبي فاعل ومكمل للدور الاميركي لا يتعارض معه ولا يلغيه، والدور الفرنسي اساسي". ولاحظ تطابق وجهات النظر مع الرئيس الفرنسي، وقال: "هو دائماً متفهم للحقوق العربية المشروعة بشكل عام والسورية بشكل خاص". وقال ان استئناف المفاوضات يعتمد على النيّات الصادقة لدى كل الاطراف، مؤكداً انه تطرّق والرئيس الفرنسي الى موضوع لبنان، واضاف: "العلاقة تاريخية بين لبنانوفرنسا، وهناك علاقة تاريخية بين سورية وفرنسا، وهناك علاقة تاريخية ومتميزة بين لبنان وسورية، وايضاً هناك علاقات تاريخية بين سورية وكثير من دول المنطقة. وبالتالي فإن الحديث عن المنطقة لا بد ان يمرّ بكل هذه الدول". وانتظر حشد من الصحافيين الاجانب خروج نجل الأسد للتعرّف اليه، خصوصاً انها المرة الاولى التي يتوجه فيها الى الصحافة الاجنبية، ولوحظ حضور مجموعة من الصحافيين الاسرائيليين الذين حاولوا توجيه اسئلة الى الدكتور بشّار الا انه تجنّب الرد عليهم، واكتفى بالرد على الصحافيين باللغة العربية. وقال مصدر فرنسي ان باريس تضع استقبالها لبشّار الأسد "في اطار المشاركة الفرنسية الفاعلة في جهود السلام في الشرق الاوسط". ولم يفصح المصدر عن مضمون المحادثات بن شيراك وبشّار، موضحاً ان احداً لم يشارك في اللقاء بينهما. وفي لقائه مع الصحافيين مساء في مقر اقامته، قال الأسد رداً على الاسئلة، ان الوضع الحالي في لبنان هو "اختيار اللبنانيين، فمنذ اكثر من عامين سمعنا رغبة بوصول اشخاص معينين الى مواقع معينة مثل الرئيس لحود، والرئيس الحص، ودور سورية هنا هو دور توفيقي وأخوي. المشاكل التي نسمع عنها الآن هي شأن لبناني والدور السوري هو دائماً دور توفيقي وليس دوراً تركيبياً، وعندما يُطلب منا القيام بدور نحن جاهزون". وبالنسبة الى وضع الفلسطينيين في لبنان، قال: "ان الحل الشامل هو الذي يوجد حلاً لهم في لبنان وفي غير لبنان". اضاف: "قد يكون هناك قلق لدى اللبنانيين من احتمالات ان يكون الحل منقوصاً وليس شاملاً، وهذا قلق مفهوم". وسئل عن موقفه فقال: "انا جاهز لخدمة بلدي بمعزل عن اي منصب، والمنصب يسأل عنه كأنه غاية، وانا أفهمه في اي حال وسيلة للوصول الى الهدف الأهم وهو خدمة الوطن وليس المنصب غاية في حدّ ذاته. ومن السابق لأوانه ان أحدد موقعي قبل ان يكون هناك قرار بإجراء تغييرات". وأضاف ان تحركه في الداخل والخارج هو "تحرك شخصي وليس من خلال منصب، لذلك فلا قيود عليه، لكنه في اطار التحرك الوطني العام في سورية". وعما حدث من مواجهة مع انصار الدكتور رفعت الأسد، قال الدكتور بشّار: "ان ما يحصل في سورية ليس بعيداً عما يحصل في اي بلد، هناك انظمة وقوانين، وهناك اشخاص يطبقون القوانين واشخاص يخرقونها. وما حصل هو في اطار تنفيذ القوانين". اما التغييرات المتوقعة في سورية خصوصاً في اطار الانفتاح "فهي خطوات ضرورية لكنها ليست عاجلة بل مرتبطة بالامكانات المتوفرة، وينبغي ان نشير الى الاجراءات الكثيرة التي اتخذت بالنسبة الى الانفتاح وتحسين الاداء الاقتصادي". وسئل عن تقويمه للمفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، فقال: "سورية عرضت التنسيق العربي، ولم يحدث، وستثبت الايام خطأ كل طرف". اما الشروط السورية لاستئناف المفاوضات "فهي معروفة وأهمها العودة الى حدود 4 حزيران يونيو 1967، فإذا عدنا الى المفاوضات من نقطة معينة يفرضها الاسرائيليون فمعنى ذلك اننا عدنا الى الوراء".