ارتفعت الأعلام الأميركية والاسرائيلية في سماء طهران الى جانب العلم الايراني، وهو أمر كان ممكناً أن يشكل مفارقة كبيراً لولا اضرام النار في الأعلام الأولى وبقاء العلم الايراني وحيداً. هذه الصورة تلخص التظاهرات الحاشدة التي شهدتها ايران تنديداً بالولاياتالمتحدة واسرائيل في ذكرى مرور عشرين سنة على احتلال مقر السفارة الأميركية في طهران. الشوارع المؤدية الى ذلك المقر شهدت أزمة سير خانقة بسبب التظاهرات التي نظمت في طهران، قاصدة ما يوصف ب "وكر التجسس الأميركي" الذي تحول الى مدرسة تابعة لقوات "الحرس الثوري"، وامتلأت جدرانه بالشعارات المناوئة لواشنطن ومنها "أميركا العدو الأول" و "الموت لمغتصبي القدس"... ويتردد في المكان شعار أساسي رُفع عبر لافتات ومنشورات، وردده المتظاهرون بأصوات مرتفعة: "الموت لأميركا والموت لاسرائيل"، فيما لم تسلم بريطانيا، فأحرق علمها أيضاً. في هذه الأجواء حمل اللواء محسن رضائي الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام على الادارة الأميركية وطالبها بالاعتذار من الشعب الايراني معتبراً أن "لا مفر من ذلك". واتهم رضائي في كلمته نائب الرئيس الأميركي آل غور ب "قلة الأدب" بسبب تصريحه الأخير الذي اعتبر فيه أن النظام الايراني قمعي، كما وصف رضائي السياسة الأميركية بأنها"عدوانية" نحو ايران، و"تسلطية" على الصعيد الدولي، وحتى تجاه أوروبا. ورأى أن واشنطن غير صادقة في طلب العلاقة مع ايران، بل تريد جعل طهران تابعاً لها، وأن تعترف باسرائيل وتوقف معارضتها عملية السلام ومساندتها الشعبين اللبناني والفلسطيني في مقاومتهما الاحتلال الاسرائيلي. ودافع رضائي عن امتلاك ايران صواريخ ليست من أسلحة الدمار الشامل، وبعدما أعلن رضائي دعم الرئيس محمد خاتمي وسياسته الداعية الى حوار الحضارات، حمل على بعض الأطراف الداخلية من دون تسميتها، وقال أنها تحاول تبرير المواقف الأميركية ضد ايران. وزاد "أن جزءاً من مواجهتنا مع الولاياتالمتحدة في المرحلة الثانية هو داخل مجتمعنا، لكن ذلك لا يعني تصفية حسابات داخلية، وهذه المواجهة تتمحور حول ما تريد الثورة تحقيقه في المجتمع من حرية وديموقراطية اسلامية" وما تسعى واشنطن الى فرضه من حرية وديموقراطية غربية". وتابع أن"الأساس في مواجهتنا الولاياتالمتحدة هو حفظ استقلالنا الحقيقي السياسي والاقتصادي والثقافي". وأصدر المشاركون في تظاهرات طهران بياناً أعلنوا فيه استمرارهم في مواجهة السياسات الأميركية"السلطوية" بالالتفاف حول مرشد الجمهورية آية الله علي خامئني معلنين دعمهم الرئيس محمد خاتمي وسياسته وبرامجه في التنمية الداخلية، والانفتاح في العلاقات الخارجية. وأشار البيان الى الاضطرابات التي هزت طهران في تموزيوليو الماضي، فدعا اى تحجيم الخلافات الداخلية وتنظيم الانتخابات البرلمانية في أجواء يخيم عليها الانسجام. واستطلعت"الحياة" آراء بعض المشاركين، وقالت الطالبة الجامعية فيضيه أبو الحسني: "عداؤنا للادارة الأميركية وليس للشعب الأميركي، وأعتقد أنه لن تقام علاقات مع واشنطن". وقال حسين قاسمي: "نعلم أن اللوبي الصهيوني يتحكم بالسياسة الأميركية التي تظهر التسلط والتدخل في شؤوننا". أما الطالبة الجامعية فاطمة هوشمندي فقالت عن احراق العلم الاسرائيلي: "اسرائيل تمثل مظهر الارهاب الدولي، وندعو الى ازالة هذا الارهاب، بخاصة ان اسرائيل اغتصبت الأراضي الفلسطينية واللبنانية وسعت الى توجيه ضربات ضد الاسلام".