غيّب الموت، امس، عميد النواب اللبنانيين نائب بيروت الوزير السابق خاتشيك بابكيان عن عمر يناهز ال75 عاماً بعد صراع مع مرض عضال، وقد نعاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأعضاء المجلس ووقفوا دقيقة صمت حداداً ومن المقرر ان تجرى مراسم التشييع الإثنين المقبل. وكان الراحل انتخب نائباً للمرة الاولى في العام 1957، وبقي نائباً للأرمن الارثوذكس في المجلس منذ صدر قانون الانتخاب في عهد الرئيس كميل شمعون الذي زاد بموجبه عدد النواب الأرمن. وعيّن وزيراً ست مرات في وزارات الصحة والسياحة والاعلام والتصميم والعدل وشؤون الاصلاح الاداري. ولعب بابكيان، الذي كان حليفاً ل"حزب الطاشناق" وعضواً في كتلة الرئيس رفيق الحريري التي نعته، دوراً بارزاً في التوصل الى اتفاق الطائف، سواء قبل انتقال النواب الى المملكة العربية السعودية لإجراء مناقشاتهم، او اثناءها. فهو كان عضواً في اللجنة النيابية - السياسية التي شكلها البطريرك الماروني نصرالله صفير عام 1989، لمناقشة ورقة عمل تمهيدية للاصلاحات السياسية اعدها ورئيس المجلس النيابي حسين الحسيني آنذاك، قبل انعقاد الاجتماع النيابي. وفي الطائف كان بابكيان عضواً في اللجنة النيابية المصغرة التي شكلها الحسيني برئاسته، من اجل مناقشة ما سماه "ورقة العمل التجريبية" التي شكلت مسودة اتفاق الوفاق الوطني. وهي لجنة ضمت 17 نائباً، سماها الحسيني "فريق العتالة" التي تولت جوجلة المواضيع المختلف عليها لصياغة نصوصها ما قبل النهائية وادخال التعديلات عليها. ويقول الحسيني ان بابكيان كان له مساهمات كبيرة في هذه اللجنة وفي اللقاءات التي كانت تتم بعد كل اجتماع لها، في التوصل الى صيغة الميثاق، ومعه زميله الأرمني النائب ملكون ابليغاتيان، ويجب ان يذكر التاريخ ذلك. ونجح بابكيان في تحييد الطائفة الأرمنية عن الانجرار في الحرب اللبنانية ومتاهاتها. وقال الرئيس بري عن رحيله ان "منبراً من أعلام الفرانكوفونية هوى، خدم لبنان طيلة حياته". ونعى الرئيس الحسيني الفقيد الذي بوفاته خسر لبنان "سياسياً محنكاً وبرلمانياً متمرساً ورجل حكم من طراز رفيع، كانت له المساهمات الهادفة الى خير وطنه وخير من يمثل". وقال انه لن ينسى "مساهمات الراحل في تحقيق الميثاق الوطني وانجاحه". وبوفاة بابكيان، شغر مقعد لطائفة الأرمن الأرثوذكس في بيروت، ما يستدعي تطبيق المادة 41 من الدستور التي نصت على الآتي: "اذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين، ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد أجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله، اما اذا خلا المقعد قبل انتهاء عهد نيابته بأقل من ستة أشهر فلا يعمد الى انتخاب خلف". وبما انه يتبقى من ولاية المجلس الحالي التي تنتهي في 20/10/2000، اكثر من ستة اشهر، فإن مجلس الوزراء مضطر وبناء لاقتراح وزير الداخلية ميشال المر الى دعوة الهيئة الناخبة في محافظة بيروت لانتخاب خلف لبابكيان. وتوقعت اوساط مطلعة ان يحصل توافق على تزكية المرشح الذي يدعمه حزب الطاشناق لأن المقاعد النيابية المخصصة للأرمن موزعة باتفاق بين الأحزاب الأرمنية ولا داع لخرقه لأن الانتخابات الشاملة ستجري الصيف المقبل. كما ان القوى الناخبة في بيروت لن تتحمس لخوض الانتخاب الفرعي حرصاً على عدم اغضاب حزب الطاشناق، وتفضيل الناخبين الكبار البقاء خارج أي معركة حتى لا تدخل اختباراً للقوة، يمكن ان يعكس بعض ملامح ميزان القوى قبل أوانه.