المليونير غريك دايك قال الصيف الماضي رداً على اشاعات تعيينة مديراً عاماً ل"بي بي سي" إن الرئيس العراقي صدام حسين أقرب منه الى المنصب. وكانت حال العاملين في هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية بالويل أول أمس، عندما تحققت الاشاعات وجلس دايك الذي كوّن ملايينه من صناعة التلفزيون، على كرسي "بوش هاوس"، مقر الهيئة. "سيذبحها"! هتف أحد كبار الموظفين، في "العمّة"، وهو اسم الدلع ل"بي بي سي". وأعلن المدير الجديد، بعد 6 ساعات من جلوسه على الكرسي، أن كل شيء سيخضع لاعادة نظر. وكل شيء كثير جداً في "بي بي سي" التي عجزت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر عن اخضاعها وبيعها للقطاع الخاص. فهي تضم أكثر من 23 ألف موظف دائم، بينهم نخبة من ألمع الخبراء في الاذاعة والتلفزيون من مختلف البلدان، واثنتين من أكبر محطات التلفزيون في العالم، و4 محطات إذاعة رئيسية، ومحطة تلفزيون رقمية، ومؤسسة كبرى لنشر المجلات والكتب والمعلومات. وهناك خدمات الاعلام الجديدة على شبكة الانترنت "بي بي سي اونلاين"، التي يُقال إنها ستغير صناعة الصحافة والاذاعة والتلفزيون إلى الأبد. وفوجئ غريك دايك أمس عندما سبق العربُ الجميع، بما في ذلك الصينيين، في تقديم خدمات "بي بي سي اونلاين" التي تنقل الأخبار 24 ساعة في اليوم بالصوت والصورة والفيديو والنص المكتوب. وذكر السيد حسام السكري، رئيس تحرير "بي بي سي اونلاين" العربية ل"الحياة" أنهم يقدمون أيضاً صفحات صوتية حسب الطلب تضم برامج خاصة عن بريطانيا والبلدان العربية وتقارير عن أحدث التطورات في عالم الأعمال. وتعني "اونلاين" خطوط المعلومات الفورية، وهي تقفز فوق أجهزة الإعلام كلها عندما تلغي قيود الطباعة والتوزيع التي تعاني منها الصحافة، وتشفي بتقنياتها المتعددة الوسائط الراديو والتلفزيون من السطحية والضحالة. ضربة اصبع على الكومبيوتر تفتح للقارئ - المستمع - المشاهد مكتبة كاملة عن خلفية الأخبار. وستّشد "بي بي سي اونلاين" انتباه أكثر من 10 محطات للإذاعة والتلفزيون العربية التي تبث الآن على الانترنت، إضافة الى عشرات الصحف العربية التي تحمل الانترنت صفحاتها يومياً الى أبعد قرية في جبال الهمالايا والقطب المتجمد. فهذه ليست سوى مقدمات الثورة التي تحدثها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. والثورات المظفّرة، كما يقول المفكر الأميركي جي غالبرايث هي "ركلة قدم لباب منهار. وعنف الثورة هو عنف الرجال الذين يخترقون الفراغ". وفراغ صناعات الاعلام مخيف تخترقه عمليات استيلاء واندماج لم يشهد تاريخ الأعمال لها مثيلاً. بلايين الدولارات يدفعها عمالقة الصحافة والاذاعة والتلفزيون والسينما والنشر والاتصالات لشراء بعضهم بعضاً. وفي زمن الثورات يلهو المفكرون بالألعاب. واللعبة التي تشغل بال الكثيرين هي جهاز يدوي يقوم بوظائف الهاتف والكومبيوتر والتلفزيون والراديو والصحيفة. أكبر مختبر للإعلام "ميديا لاب" في "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا" في الولاياتالمتحدة يقترح تسميتها "الجهاز الذكي النقال"، وينصح بأن لا يزيد سعرها عن 150 دولاراً. ولكن اذا كان التلفزيون، كما يقول السياسي البريطاني توني بِن، أخطر من أن يُترك للتلفزيونيين فكيف الحال مع "الجهاز الذكي النقال"؟