تفاقمت الأزمة في مصر بين شركات الطيران الأجنبية وكل من شركتي "مصر للطيران" و"المصرية لخدمات الطيران" بسبب تحصيل ما يسمى بضريبة المطارات التي تفرضها الشركتان على شركات الطيران الأجنبية لحساب "الهيئة المصرية للطيران المدني" وميناء القاهرة الجوي منذ أكثر من عشر سنوات، والتي يتم بموجبها تحصيل 5،7 في المئة مقابل تغطية أنشطة الخدمات الأرضية بمطار القاهرة وعشرة في المئة في المطارات المصرية الأخرى. وكانت هذه القرارات تم اتخاذها منذ عهد وزير السياحة والطيران المدني السابق فؤاد سلطان، إلا أن شركات الطيران اكتشفت عدم صحة هذا القرار فتقدمت باحتجاج من قبل لوزير النقل السابق المهندس سليمان متولي الذي شكل لجنة في ذلك الوقت انتهت إلى أحقية شركات الطيران في عدم دفع هذه الرسوم، وان شركتي "مصر للطيران" و"المصرية لخدمات الطيران" هما الملتزمتان دفع هذه الضريبة، وتم اعتماد هذا القرار قبل خروج متولي من الوزارة بأسبوع. وتراكمت لشركات الطيران الاجنبية مستحقات تزيد على 40 مليون جنيه لدى الشركتين، واعتمدت هيئة الطيران المدني هذا القرار. ومع التشكيل الوزاري الجديد مارست الشركتان ضغوطهما ونفوذهما لتعطيل قرار الوزير السابق، ولكن فجّر وزير النقل الجديد الدكتور ابراهيم الدميري المفاجأة بإعلانه عدم تنفيذ هذا القرار، الأمر الذي أدى الى تهديد شركات الطيران الأجنبية باللجوء للقضاء، وفي الوقت نفسه هددت شركتا "مصر للطيران" و"المصرية لخدمات الطيران" باللجوء الى زيادة اسعار الخدمات الارضية اذا تم تنفيذ قرار وزير النقل السابق. وفجّرت هذا الموضوع شركات طيران "يورو فلاي" الايطالية وتبعتها شركات أخرى. وكانت تلك الشركات تقدمت بطلبات من قبل للتخفيف من الاعباء التي تتحملها على رحلاتها الى مصر، والتي تزيد كلفة هذه الرحلات مقارنة بالدول المنافسة في المنطقة. وذكر مصدر مسؤول في "الخطوط الجوية البريطانية" في مصر ل"الحياة" ان الشركة تكبدت تحت اسم ضريبة مطارات نحو عشرة ملايين جنيه حصلت عليها الشركة المصرية لخدمات الطيران في مطار القاهرة فقط. وقال إن الشركة ستتوقف عن دفع هذه الضريبة بداية من شهر تشرين الثاني نوفمبر الجاري. والشركة حالياً تطالب بما سبق سداده حتى لو كان السبيل الى ذلك إقامة دعوى قضائية ضد الشركتين. وقال نائب رئيس قطاع الخدمات الارضية في "مصر للطيران" محمد السيد عبدالله إن الموضوع من اختصاص هيئة الطيران. وأشار الى ان مسؤولية تحصيل وحساب الاموال في هذا الشأن تعود إلى القطاع المالي في مصر للطيران وان قطاع الخدمات الارضية هو قطاع لتنفيذ الخدمات. وعن أحقية تحصيل هذه الضريبة، قال رئيس "الشركة المصرية لخدمات الطيران": إن نسبة 5،7 في المئة وعشرة في المئة نسبة ضريبة مبيعات يتم تحصيلهما لحساب الدولة. وفي ضوء ذلك قال رئيس هيئة الطيران عبدالفتاح كاطو ل"الحياة" إن "مصر للطيران" و"المصرية للخدمات الارضية" أكدتا ان إلغاء هذا القرار سيؤثر سلباً على استثماراتهما، ولذلك فإنه سيعاد دراسة الموضوع من الناحيتين القانونية والمالية. وحصلت "الحياة" على مستندات تؤكد أن رئيس "الهيئة المصرية للطيران المدني" أصدر قراراً لتنفيذ القرار الصادر من وزير النقل السابق. وفجأة وبعد التغيير الوزاري الجديد أصدر كاطو خلال الاسبوع الجاري قراراً اوقف قرار المهندس سليمان متولي وهو أمر متناقض وليس له تفسير، وفي الوقت نفسه رفض التعليق على مبررات قراره. وفي ضوء ذلك سألت "الحياة" خبير اقتصادات النقل الجوي الدكتور محسن النجار عن حقيقة هذه القرارات، فقال إنه لا يمكن ان نتصور ونحن نقترب من عام 2000، ان يظل المسؤولون يحجبون نصوص القرارات الوزارية التي صدرت منذ سنوات طويلة في شأن تلك الرسوم، وهي القرارات الرقم 382 لسنة 1987 و47 لسنة 1992 و245 لسنة 1992 والخاصة بفرض مقابل مادي على نشاط الخدمات الارضية في المطارات المصرية. وترى شركات الطيران الاجنبية ان مقابل الاستغلال مفروض حسب النصوص الواضحة للقرارات على الشركات التي تقوم بتأمين الخدمات على الشركات الأرضية وهي "مصر للطيران" و"المصرية لخدمات الطيران"، وليس كما يتم حالياً، إذ تقوم هاتان الشركتان باضافة هذا المقابل الى الفواتير التي يتم تحصيلها من شركات الطيران الاجنبية. وطالب النجار وزير النقل المصري بدعوة ممثلي شركات الطيران الأجنبية إلى عرض وجهة نظرهم والخروج من هذا المأزق بدلاً من الغاء القرارات الوزارية التي فرضت مقابل الاستغلال وهو ما سيساهم في تهدئة الأمور وعدم تفاقمها مستقبلاً. وقال مصدر مسؤول في وزارة النقل إن الوزارة تعيد حالياً النظر في جميع القرارات المنظمة لرسوم الخدمات في أنشطة الطيران المدني، وان هناك تعديلات ادخلت على قانون الطيران المدني ستعرض على مجلس الوزراء قريباً ليصدر بها قرار جمهوري، مشيراً إلى أن هذه التعديلات تعالج السلبيات الموجودة في القانون الحالي.