أسقط مجلس الأمة البرلمان الكويتي أمس، بغالبية كبيرة، مرسوماً أصدره الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح في أيار مايو الماضي، يعطي المرأة حق الانتخاب والترشيح. ورفض المجلس أيضاً خمسة مراسيم أخرى، واعتبر النواب أن صدور هذه المراسيم الستة كان مخالفاً للدستور. وشهدت الجلسة تعاضد أصوات النواب الإسلاميين والقبليين والنواب المستقلين المتمسكين بحرفية تطبيق الدستور، مما شكل تحالفاً قوياً أسقط المراسيم ومنها "مرسوم المرأة"، وصوّت ثمانية نواب من اليسار الليبرالي مع 13 وزيراً لمصلحة هذا المرسوم. وأبدى نواب ليبراليون تفاؤلاً إثر تقديم مشروع قانون بديل للمرسوم، معتبرين أنه سيحظى بفرصة أفضل للنجاح، لكنهم أعربوا عن خشيتهم من أن "اللجنة التشريعية" التي يسيطر عليها الإسلاميون ستعمد الى تأخير تقريرها عن المشروع البديل. وتلا وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد أمس بياناً باسم الحكومة، اعتبر مرسوم المرأة "تصحيحاً لوضع مخالف لنصوص الدستور الصريحة، ترتب عليه حرمان الكويتية من حقوقها الدستورية والسياسية". وزاد أن إصدار الأمير المرسوم خلال فترة غياب المجلس استناداً إلى حال الضرورة المنصوص عليه في المادة 71، والمرسوم "يعلو حتى على حالة الضرورة أو الظروف الاستثنائية لتصحيح خطأ دستوري جسيم لا يحتمل التأخير". وشدد الشيخ صباح الأحمد على تطابق المرسوم مع أحكام الشريعة الإسلامية التي يرى بعض النواب الإسلاميين أنها تمنع دخول المرأة البرلمان، وقال: "جمهور العلماء لا يحرم المرأة من ولاية المشاركة في المسؤولية العامة، وهو ما أخذ به معظم الدول الإسلامية. وإذا كان هناك من يقول بخلاف هذا الرأي من بعض العلماء فإن ذلك اجتهاد منهم ولا يجوز أن يفرض علينا باعتباره حكماً قطعياً أوجبته الشريعة". ونبه إلى أهمية موافقة المجلس على المرسوم على المستوى الداخلي والخارجي، لافتاً إلى أن الحكومة ستقدم قانوناً بديلاً أو تدعمه إذا جاء قرار النواب معاكساً. ولم يهتم النواب المعارضون للمرسوم بمناقشة موضوع مشاركة المرأة من الناحية الدينية، بل استعجلوا التصويت على تقرير اللجنة التشريعية الذي أوصى برفض المرسوم لأسباب دستورية، فحصل تقرير اللجنة على 41 صوتاً مؤيداً و21 معارضاً، وصار مرسوم المرأة ساقطاً وكأنه لم يكن. ومعروف أن المرسوم عدّل قانون الانتخاب على نحو يدخل المرأة في قائمة الناخبين اعتباراً من انتخابات عام 2003، وقدم نواب ليبراليون قانوناً بديلاً بالمضمون ذاته لكنهم لم ينجحوا في إقناع المجلس بمناقشته والتصويت عليه أمس ليكون بديلاً عن المرسوم الأميري. وثار جدل بين نواب إسلاميين وليبراليين في شأن موعد تقديم تقرير اللجنة التشريعية الخاص بالقانون البديل، وقال النائب محمد الصقر ليبرالي ان اللجنة "ستقتل هذا المشروع الذي له أهمية كبيرة وحساسية في الأوساط الإعلامية، ولو رفض المجلس القانون البديل ستكون الكويت عِلكاً في القنوات الفضائية". ورد مقرر اللجنة النائب وليد الطبطبائي إسلامي قائلاً: "اللجنة ستنظر في المواضيع الواردة إليها بحسب ترتيبها والقانون المقترح لم تطلب له صفة الاستعجال". إلى ذلك انتقد النائب سامي المنيس ليبرالي نيات الإسلاميين إزاء القانون البديل لمرسوم المرأة، وقال: "هناك نيات ضد حقوق المرأة فلماذا تغلّف الآراء باللوائح؟ انهم يريدون حرمان نصف المجتمع من حقوقه، وصرنا نسمع تصريحات غير مسؤولة من بعض النواب عن المرأة ودورها". ورد النائب أحمد باقر إسلامي مشدداً على أن "للجان البرلمانية حق مناقشة أي مشروع يعرض عليها، فلماذا يُصادر هذا الحق، والنواب يعكسون رأي الشعب، فلماذا يراد اغتصاب هذا الرأي". النائب عبدالله النيباري ليبرالي أعرب عن تفاؤله بنجاح المشروع البديل لتعديل قانون الانتخاب لمصلحة المرأة، وتوقع أن يحصل على 31 صوتاً لدى التصويت عليه، وقال: "كان هناك التباس دستوري في شأن مرسوم المرأة، أما الآن وبعد رفض المرسوم، فمعركة حقوق المرأة أصبحت واضحة، والفريق المستنير المؤيد للديموقراطية سيقف لدعم القانون البديل". ورفض النواب خلال جلسة أمس خمسة مراسيم أخرى هي: المرسوم الخاص بالقوة المكلفة جمع السلاح، المرسوم الخاص بحقوق الملكية الفكرية، المرسوم المتعلق بإنشاء جامعات ومعاهد أهلية، المرسوم الخاص بادعاء ملكية العقارات المملوكة للدولة، ومرسوم خاص بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، وجاء الرفض بغالبية كبيرة. واعتبر النائب حسن جوهر أن الرفض الجماعي للمراسيم ينبغي أن يجعل الحكومة تعاود النظر في ما تعتبره حقاً لها في إصدار المراسيم في غياب مجلس الأمة. ويتوقع أن يبحث المجلس في 29 مرسوماً آخر خلال جلسات مقبلة.