يدخل مجلس الأمة البرلمان الكويتي "معركة المراسيم" مع الحكومة بجبهة تزداد تفككاً بمرور الوقت. وجاء إعلان لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية نيتها تمرير 16 مرسوماً تتعلق باتفاقات أبرمت مع دول أخرى، ليزيد حيرة نواب مثل أحمد السعدون، كانوا يأملون برفض سريع للمراسيم من قبل المجلس الحالي الذي وُصف بعد إعلان نتائج الانتخابات في 3 تموز يوليو الماضي بأنه الأقوى معارضة للحكومة منذ العام 1962. وكانت الحكومة التي استصدرت أمراً أميرياً بحل المجلس في 4 أيار مايو الماضي تعمدت استصدار 60 مرسوماً بعد حله، وسارع المعارضون إلى اعتبار تلك الخطوة مخالفة للمادة 71 من الدستور التي اشترطت ألا يصدر مرسوم بقانون في غياب المجلس إلا للضرورة القصوى. ورأوا أن الحكومة تسعى إلى انتزاع صلاحيات المجلس بصفته السلطة التشريعية. وجاءت أول صدمة لمعارضي المراسيم في الأسبوع الذي تلى الانتخابات، إذ مال مستقلون ليبراليون مثل الدكتور أحمد الربعي وصالح الفضالة ومحمد الصقر وعبدالوهاب الهارون إلى تمرير 25 مرسوماً تتعلق بموازنات الجهات الحكومية، على رغم أن الرئيس السابق للبرلمان أحمد السعدون الذي يقود عادة الكتلة الليبرالية المستقلة هو أعلى الأصوات رفضاً للمراسيم. وإذا صح ما أعلنه نواب في لجنة الشؤون الخارجية التي تقودها الكتلة نفسها، عن عزمهم الموافقة على 16 مرسوماً تتعلق بالاتفاقات الخارجية، فإن هذا يعني أن مزيداً من التفكك متوقع خلال الأسابيع القليلة المقبلة التي ستشهد مناقشات مراسيم، قد تنجح الحكومة في تمرير بعضها. ويمكن القول أن النواب الإسلاميين، السنة والشيعة، يمثلون نواة الكتلة الرافضة للمراسيم، بالإضافة إلى مجموعة من المستقلين الأقل ليبرالية، خصوصاً بعض نواب القبائل، ما يشكل جبهة تضم 25 - 28 نائباً. لذلك فإن موضوع كل مرسوم هو ما يحدد احتمالات تمريره أو رفضه، علماً أن إسقاطه يحتاج 33 صوتاً. مصير مرسوم المرأة وعلى سبيل المثال فإن الجبهة الرافضة للمراسيم ستنال، عند مناقشة المرسوم الخاص بمنح المرأة حق الانتخاب والترشيح، دعم عشرة على الأقل من نواب القبائل الذين يُصنّفون عادة بأنهم حكوميون. لكن مناطق القبائل المحافظة تدفع نوابها الآن بقوة لرفض هذا المرسوم، وإذا التزموا الحضور لحظة التصويت على مرسوم المرأة فإن "الجبهة الرافضة" ستحصل على أكثر من 35 صوتاً وتنجح في مسعاها. والشيء ذاته ينطبق على المرسوم الخاص بتفويض قوات الأمن دهم المنازل بحثاً عن السلاح، ولكن مع اختلاف مواقف الرفض. فالنواب الليبراليون سيرفضون هذا المرسوم لأنهم يعتبرونه غير دستوري، في حين سيوافق عليه نواب القبائل، وسيسقط على الأرجح بأكثر من 35 صوتاً. وما يخشاه رافضو المراسيم أن يمثل نجاح الحكومة في تمرير أي منها سابقة تعتادها، فتحل الحكومة المجلس حين تعجز عن تمرير قانون تريده، وتصدره بمرسوم في فترة غياب البرلمان. لكن ما يثير حيرة بعض النواب أنهم لا يلاحظون تحركاً حكومياً جدياً لإقناع أعضاء المجلس بالموافقة على المراسيم، وخصوصاً مرسوم المرأة الذي لا يبدو أن الحكومة ستحزن كثيراً لسقوطه، وربما تخفي مفاجآت اللحظة الأخيرة، أو هي مشغولة بمشكلات داخلية تعيق قدرة أقطابها على إدارة معركة المراسيم.