السيد المحرر بمطالعتي مقال الاستاذ عبدالوهاب بدرخان "الماتش بين الشيخ والفتى" والمقالين اللذين نشرا تعقيباً عليه. هذا الماتش الذي جمع اثنين من اقطاب الاتجاه الاسلاموي في تونس للحوار على منبر "الاتجاه المعاكس" في قناة الجزيرة، خرجت باستنتاج محزن، وهو ان مثقفين من النخب الفكرية في عالمنا العربي ما زالت تتصرف وتكتب على اعتبار ان "النظام" في البلد العربي انما هو عدو للشعوب "يضيق عليها عيشها" فتسارع في معاملة النظام على هذا الاساس عند تناولها للاوضاع السياسية، وتعتبر الشعب ذبيحاً … وفي هذا الموقف خروج متعمد وقسري على خط الموضوعية، فلا النظام عدو للشعب ولا الشعب مذبوح على يديه من الوريد الى الوريد. وقد رأينا وتابعنا بكل ألم وخجل ان الذي يذبح الشعب من الوريد الى الوريد في بعض البلاد العربية ليس النظام ولكن حركات تدعي الرحمة والاخوة وتذبح وتهشم المواطنين الآمنين باعتبار ذبحهم خطة سياسية وورقة ضغط على النظام …. وما دامت الاحكام القسرية قائمة من طرف بعض الجهات على الانظمة العربية بانها عدوة للشعب، فان هذه الجهات من النخب الفكرية لا يمكن ان تساهم في شيء من التغيير السياسي المنشود وما يتبع ذلك من تطور اقتصادي واجتماعي وعلمي لان تلك النخب ما زالت في التسلل وعلى "خط التماس" مع التخريب الذاتي. يجب ان نعترف اولاً ان الانظمة القائمة اليوم في جل البلاد العربية ليست عدوة للشعب وان نتعامل معها على هذا الاساس في حواراتنا وتحاليلنا. فهذه الانظمة ليس بالغ همها غير قتل الفقر … وليس بالغ همها غير تعليم ابنائها وفتح الافاق جميعها امام ارتقائهم العلمي وتكوينهم المهني وتشغيلهم بكل الوسائل الممكنة. وليس بالغ همها غير تأهيل الاجيال الصاعدة في كل مجال لبناء قوة الدولة لبنة لبنة. فالبناء لا يكون بالضغط على ازرار ساسية ديموقراطية كانت او اجتماعية، واضحة كانت او ملفقة، وانما لا يكون الا بهذا التأهيل وما اصعبه، وبهذه المقاومة للفقر وللاممية وما اشدهما صلابة وتفشياً … اما اعتبار النظام الذي يقوم بمثل هذا العمل الذي سيتحكم في مصير الاوطان بأنه نظام عدو للشعب فانما هو موقف اعتباطي عابث ورهيب النتائج. لهذا فاني أقف الى جانب محمد الهاشمي الحامدي وأشد على يديه لشجاعته وهو يدافع بحرارة عن العقل الاسلامي وعن الموضوعية والرصانة ومستقبل الشباب … وربما هذا ما فعله الهاشمي الحامدي مشكوراً. باندونغ - عبدالجليل دم