ها أنا بعيدة مرة بعد مرة أسلكُ عابرة كل الدروب أسافرُ الى المدنِ البعيدةْ أَستندُ الى مقاعدِ القطارات لا أسمع إلا أنين القلب لا أحمل في حقيبتي إلا أدويتي العشرين هي زادي من سفر الى سفر من بلد الى بلد من مكان الى مكان ولا يشّع أملْ ولا تشرق شمسْ أقف على ظلّي في حيرة تتكرر هنا وهناك أنظر حولي الناس هم الناس والشوارع هي الشوارع الحافلات ذات الطابقين وسيارات الإجرةِ السوداءْ إشارات المرور حمراءٌ صفراءٌ خضراءْ لا شيء تغيّر عن أول مرة وعاشر مرة إلا أنا من تعبٍ الى تعب ومن لهبٍ يعششُ في الصدر الى لهبْ خلتُ أن الحقول الخضراء تنتعش في الشمس تزدهر بالمطر تثمر فاكهة وورداً تزيّن الأرض بألوانها المنعشة فإذا هي الحياة هي الخصب الجميل فأينَ هي حياتي أين هو الليل يحضنني بهدوء أين هو الصباح يعطيني ولو ابتسامة واحدة يمر بي العابرون أشكالَ أصنامٍ باهتو الوجوه والعيون فلا أحد ينظر نحوي ولا أحد يسألني كأنهم ظلال أرواحٍ شاردةٍ كأنهم خيالات تعبر بي وأنا وحدي في الشارع أنتظر اللون الأخضر وأنتبه أخيراً أن اللون الأحمر هو الثابت ولا أمل من عبور الطريق يسبقني الزمن بمسافات لا أستطيع اللحاق بها كل شيء يركض في هذه المدينة البلهاء تصدمني كتفٌ من هنا وكتفٌ من هناك فأحتارُ كيف أتلافى هذا أو ذاك أحتارُ في أيِّ جهةٍ أقفُ في أي مكانْ لعلهم لا يرونني فأنا خيطٌ من وهم أو خيالْ ربما أنا ضوءٌ أو هواءْ ربما أنا لستُ هنا لست شكلاً لست شيئاً لستُ إلا روحاً مبعثرة ضائعة في الزمان والمكان إمضِ بي أيها الموت الخفي فأنا وأنت شبحان يدك في عنقي وروحي بين يديك. * شاعرة سورية.