استقطب معرض "جيتكس 99" الذي أنهى فعالياته في الثالث من الشهر الجاري في مجمع المعارض في مركز دبي التجاري العالمي 465 عارضاً مثلوا 1500 شركة من 35 دولة، وحضره في اليوم الأول أكثر من 20000 زائر مهتم بتكنولوجيا المعلومات. وزيارتي ل"جيتكس" هذا العام بددت جزءاً من الشعور بالخيبة من الغياب العربي في معارض المعلومات الدولية واستبدلته بقناعتي ان العرب لا يواجهون أي مشكلة تقنية في التعاطي مع الكومبيوتر على مستوى اللغة العربية وخصائصها ولا في تبادل المعلومات عبر الشبكات المحلية والدولية، ولكن هذه الزيارة رسخت ما هو شائع عن اللامبالاة العربية بالاهتمام والاستثمار في مجال المعلومات. فالمعرض استقطب عدداً كبيراً من الشركات العربية وغير العربية المنتجة لبرامج النشر المكتبي والنشر الإلكتروني وتخزين وإسترجاع المعلومات باللغة العربية، بينما لم يتجاوز عدد الشركات العربية التي توفر خدمات المعلومات أو تنتجها أصابع اليد. ومن الشركات المنتجة لبرامج النشر الإلكتروني وتوفير المعلومات نذكر شركة "صخر" التي توفر عدداً كبيراً من البرامج التي تتماشى مع متطلبات وخصائص اللغة العربية من النشر الموسوعي على أقراص مدمجة الى النشر الإلكتروني على الإنترنت والترجمة الإلكترونية من العربية الى الإنكليزية وبالعكس، وشركة "نوليدج فيو" التي تقدم برنامجاً متكاملاً لإدارة وتحرير وحفظ وإسترجاع الأخبار والنصوص الصحافية داخل المؤسسات الإعلامية، إضافة الى برنامج خاص بتوفير هذه المواد إلكترونياً للمستفيدين عبر الإنترنت. كما طورت شركة "ديوان" برنامجاً متكاملاً للتحرير والأرشفة مخصص للعمل الصحافي. أما الشركات المتخصصة بتوفير خدمات المعلومات على الإنترنت مثل "نسيج" و"أرابيا أون لاين" و"أرابيا إنفورم" فإنها خطت خطوات واسعة على مستوى تقديم خدمات معلومات تفاعلية تتناول توفير قنوات إخبارية متنوعة على مدار الساعة إضافة الى خدمات البريد والتحاور الإلكتروني والخدمات المرجعية والإستعلامية وأحوال الطقس ومواقيت الصلاة... الخ. ما عُرض في "جيتكس" يفيد أن الإستثمار العربي على المستوى التقني لمعالجة وإستخدام المعلومات بلغ حداً كبيراً، لكن أين هي المعلومات التي سيتم العمل عليها بإستخدام هذه التقنيات المعروضة في "جيتكس" وغيره من المعارض العربية؟ وما هي الفائدة من وجود كل تلك التقنيات الخاصة لمعالجة وخزن وإسترجاع المعلومات وتوفيرها إلكترونيا عبر الإنترنت مع غياب المحتوى في زمن صحافة المعلومات وتحويل المعلومات الى معرفة؟ وأين هي الدوريات الأكاديمية ودوريات الأبحاث العربية، أين هي الأدلة والكتب السنوية وكتب الحقائق التي تستخدم هذه التقنيات في سبيل نشر ما تحتويه من معلومات وتضعه في خدمة المستفيدين العرب وغيرهم؟ علاقة غير واضحة يبدو أن العلاقة بين التقنيات والمعلومات على المستوى العربي غير واضحة بعد، وتوافر التقنيات المتقدمة مع غياب المعلومات يشير الى الهوة الموجودة بين مطوري تلك التقنيات ومنتجي المعلومات. شخصياً لمست هذا خلال المحاولات الأولى لإصدار صحيفة "الحياة" على أقراص مدمجة. ووجدت أن مطوري التقنيات الخاصة بمعالجة المعلومات يتجاهلون حقيقة مهمة جداً هي أن التقنيات وجدت لتوضع في خدمة المعلومات وليس العكس. لذلك ترى معظم هذه التقنيات حبيسة الشركات التي أنتجتها وليست مستخدمة في المؤسسات المنتجة للمعلومات. والتطوير في هذا المجال يتطلب من مطوري التقنيات تشجيع منتجي المعلومات على إستخدام تقنياتهم وتوفير ما ينتجونه إلكترونياً للمستفيدين عبر الإنترنت أو عبر أي وسيلة حفظ إلكترونية أخرى. والتشجيع يمكن أن يتمثل في التعاون على توفير المعلومات إلكترونياً عبر مشاريع مشتركة وبذلك تترسخ الخطوة الأولى في وضع التقنية في خدمة المعلومات، ومع توافر المعلومات تتوسع حركة إستخدامها. أما المشرفون على "جيتكس" فيمكن لهم تطوير المعرض في السنوات القادمة من خلال إستقطاب عدد من الشركات التي توفر خدمات المعلومات إلكترونياً، مثل "نيكسس ليكسس Nexis-Lexis" و"أف تي بروفيل FT Profile" و"ديالوغ كوربوريشن Dialog Corporation" و"كواستل Questel" وغيرها من موفري خدمات المعلومات الإلكترونية التي تتيح الأخبار والمقالات المنشورة في المطبوعات الأجنبية على مختلف أشكالها وأنواعها، إضافة الى محتويات الأدلة العامة والمتخصصة في شتى قطاعات المعرفة.