بدأ الاتحاد الأوروبي يشق طريقه نحو السياسة الخارجية المشتركة وايجاد قدرات عسكرية يمكنه الاعتماد عليها للقيام بمهام أمنية قد تعزز دوره الخارجي، ووافق وزراء الخارجية للبلدان الاعضاء في اجتماع مشترك مع نظرائهم للدفاع أمس في بروكسيل، هو الأول في تاريخ الاتحاد الأوروبي، حول خطوط عريضة ستقود الخبراء في وضع مقترحات الآليات المؤسساتية والقدرات العملياتية التي تقتضيها السياسة الدفاعية في السنوات القليلة المقبلة. وعرض الوزراء اقتراحات لإنشاء لجان عسكرية وسياسية وهيئة أركان أوروبية يكون مقرها في بروكسيل. وستحال نتائج النقاشات على اجتماعات القمة الأوروبية المقبلة في هلسينكي ويرجح ان تتواصل النقاشات في شأنها على مدى السنة 2000. وفي مؤشر يمهد مسار اندفاع البلدان الأوروبية نحو تبني سياسة خارجية ودفاعية، وافق المجلس الوزاري على تكليف المندوب السامي للسياسة الخارجية خافيير سولانا مهام الأمين العام ل"منظمة اتحاد اوروبا الغربية". وستمكنه المهمة الاضافية الجديدة الاطلاع أكثر فأكثر على الامكانات العسكرية المتوافرة لدى البلدان الاعضاء وصوغ مقترحات ادماج المنظمة العسكرية ضمن مؤسسات الاتحاد الأوروبي في نهاية السنة 2000 من اجل ان تكون ذراعه الدفاعية. وقال الأمين العام خوزيه كوتيليرو ان اختيار سولانا ليخلفه في أمانة منظمة اتحاد اوروبا الغربية "تفرضه" التطورات التي سيشهدها الاتحاد الأوروبي. ويتولى سولانا مهام المندوب السامي للسياسة الخارجية وكذلك أمانة المنظمة العسكرية ما يؤهله لدفع سياسات البلدان الاعضاء نحو توحيد قدراتها العسكرية وتطويرها من أجل ان تتناسب مع طموحات الاتحاد وحجم المهام التي سيوكلها اليها في المستقبل. وقدمت بريطانيا وفرنسا اقتراحات دعتا فيها بقية البلدان الاعضاء الى العمل على توفير قدرات عسكرية كفيلة بتعبئة 40 ألف جندي خلال السنوات المقبلة حتى يتمكن الاتحاد القيام بمهام حفظ السلام في المناطق التي لا يتدخل فيها حلف الاطلسي. وأوضحت مصادر ديبلوماسية بأن الجهود الجارية "لا تهدف الى خلق سياسة دفاعية مستقلة عن حلف الاطلسي بل الى توفير القدرات التي يمكن للاوروبيين الاعتماد علىها من دون اللجوء في كل مرة لتدخل الحلف مثلما حدث في البوسنة أو في كوسوفو". وكان قادة بلدان حلف الاطلسي وافقوا في اجتماع القمة في شهر نيسان ابريل الماضي في واشنطن ان تستخدم "منظمة اتحاد أوروبا الغربية" امكانات الحلف للقيام بمهام أمنية لا ترغب الولاياتالمتحدة في المشاركة فيها. وسيحتاج الاتحاد الأوروبي الى القدرات الاميركية داخل الحلف لتنفيذ مهام حفظ السلام. وأعدت المنظمة جرداً للامكانات الأوروبية. وذكر كوتيليرو بأن البلدان الأوروبية استخدمت كافة قدرات التعبئة التي تمتلكها الجيوش الأوروبية خلال أزمة كوسوفو وتمثل 2 في المئة فقط من الجيوش الأوروبية. كما تبرز الدراسة النقص الكبير الذي تعانيه البلدان الأوروبية في مجالات الاتصال واعتمادها شبه المطلق على أقمار التجسس الاصطناعية الاميركية والعتاد اللوجيستي الاستراتيجي للتدخل السريع. واستنتج كوتيليرو في تصريح صحافي بأن القوات الأوروبية "لا يمكنها الانتشار بسرعة ولا هي مرنة كفاية ويجب ملائمتها مع حاجيات إدارة الأزمات" التي تتفجر خارج حدود الاتحاد الأوروبي وحلف الاطلسي.