بعد أربع وعشرين ساعة من استقبال وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى، استقبل الرئيس زين العابدين بن علي أمس رئيس الوزراء الموريتاني الشيخ العافية ولد محمد وبحث معه في المستجدات المغاربية وتطورات مسار التسوية السلمية في الشرق الأوسط. وغادر ولد محمد تونس ظهر أمس في ختام جولة مغاربية بدأها مطلع الشهر من المغرب في أعقاب ردود الفعل القوية على قرار نواكشوط رفع العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل الى مستوى السفراء. وكان اجتمع في الرباط الى الملك محمد السادس وأجرى محادثات مع نظيره عبدالرحمن اليوسفي ثم انتقل الى الجزائر حيث استقبله الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة واستمع منه الى عرض للأسباب التي حملت بلده على "التطبيع الكامل" للعلاقات مع الدولة العبرية. وأفادت مصادر تونسية مطلعة ان رئيس الوزراء الموريتاني شرح امس للرئيس التونسي دوافع الخطوة الموريتانية "النابعة من موقفها الصريح لدعم مسار السلام في الشرق الأوسط وسعيها الدائم الى تشجيع الأطراف المعنية على الثقة في ما بينها وكسر الحواجز النفسية القائمة". وأضافت ان المحادثات تطرقت الى أوضاع الاتحاد المغاربي والأزمة التي تمر فيها مؤسساته بعد ارجاء اجتماع وزراء الخارجية الذي كان يفترض ان تستضيفه الجزائر الشهر الماضي لإعداد قمة كانت مقررة للشهر الجاري. وزادت ان محادثات الرئيس التونسي ورئيس الوزراء الموريتاني شملت العلاقات الثنائية وآفاق دعم التعاون الشامل في اطار تنفيذ الاتفاقات التي توصلت اليها اللجنة العليا المشتركة. ولاحظ مراقبون ان الجولة المغاربية لرئيس الوزراء الموريتاني والتي لم تشمل ليبيا، جاءت رداً على الحملة التي قادها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي على الحكومة الموريتانية في أعقاب توقيع وزير خارجيتها اتفاقاً مع نظيره الاسرائيلي في واشنطن برعاية وزيرة الخارجية الأميركية للتطبيع الكامل للعلاقات الثنائية والذي وصفه الليبيون بأنه "يشكل ضربة للاتحاد المغاربي" الذي جُمّدت مؤسساته منذ العام 1995. وأتت المشاورات التونسية - الموريتانية بعد المحادثات التي أجراها أول من أمس الرئيس بن علي مع وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى والتي نقل خلالها الموفد المغربي رسالة شفوية من محمد السادس الى الزعيم التونسي. وقال بن عيسى في تصريحات نشرت في تونس أمس "ان المستجدات الجانبية الثنائية أو العابرة لا ينبغي أن تشغلنا عن القضايا المصيرية وتحرير أرضنا المحتلة". وأوضح ان تونس والمغرب "يدعمان التوجه الرامي الى تعميق مسار السلام حتى تتم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتحرير كل الأراضي العربية التي تحتلها اسرائيل وبالخصوص الأراضي السورية واللبنانية". واستبعد عقد أي اجتماع مغاربي ان في مستوى وزراء الخارجية أو في مستوى القمة في الأمد القريب. وقال: "في الوقت الحالي ليس وارداً للأسف عقد الاجتماعات في المواعيد المتفق عليها سابقاً". لكنه أكد ان "المشاورات مستمرة في شأن مستقبل الاتحاد". وسئل عن احتمال عقد اجتماع مجلس الرئاسة المغاربي قبل رمضان، فرد: "حالياً هذا ليس وارداً". وعن احتمال مشاركة "جبهة بوليساريو" فيالقمة الافريقية - الأوروبية الأولى التي تستضيفها القاهرة في الربيع المقبل بوصفها عضواً في منظمة الوحدة الافريقية التي انسحب منها المغرب، أوضح أن القمة ستقتصر على البلدان الاعضاء في الأممالمتحدة وأن المغرب سيشارك فيها و"هذا هو الاتجاه الذي يدافع عنه الاتحاد الأوروبي".