قيّم قادة المعارضة العراقية نتائح مؤتمر نيويورك 31/10/1999، فاعتبروا ان عقد المؤتمر خطوة مهمة على طريق إحداث التغيير المقبل في العراق. وأشاروا إلى أن تطور الموقف الأميركي تجاه القضية العراقية والاعلان عن نية واشنطن بمنع صدام من استخدام قواته العسكرية في الجنوب والشمال يشكل انعطافة أساسية في التوجهات الأميركية، ولا بد للمعارضة العراقية من استغلالها. حضر المؤتمر 350 مشاركاً، وتم انتخاب 65 عضواً يشكلون قوام المجلس المركزي و7 أعضاء يشكلون القيادة العليا، ولم تحضر إلى المؤتمر قوى أساسية على أمل أن تجري محاولة اقناعها الانضمام إليه لاحقاً. وطرحت "الحياة" سؤالين على بعض قادة المؤتمر بخصوص القضية العراقية، تناول الأول تقييمهم للنتائج التي خرج بها المؤتمر ووسائل تنفيذها، والثاني تناول تقييمهم للموقف الأميركي ومدى جديته في تأييد المعارضة العراقية ودعمها لانجاز عملية التغيير. وهنا الاجابات كما وردتنا تباعاً. الشريف علي بن الحسين "الدستورية الملكية" - تميز الاجتماع بالنجاح الكبير، واتفقت جميع القوى والتيارات والشخصيات المشاركة في الاجتماع على كل المواد المطروحة للمناقشة، وتوصلت إلى نتائج باهرة. فقد انتخبنا مجلساً مركزياً يضم 65 شخصاً وأيضاً قيادة جديدة لإدارة العمل اليومي. واعتقد ان مجمل العمل الذي قمنا به في نيويورك يشكل انجازاً مهماً على طريق خدمة الشعب العراقي، وعليه ينبغي العمل الجدي لتنفيذ هذه النتائج في سبيل إطاحة النظام الحاكم في العراق بأقصر مدة ممكنة. وبالنسبة للموقف الأميركي، فإن تطور الأوضاع الراهنة أملى على الولاياتالمتحدة أن تبدي اهتماماً إضافياً بالقضية العراقية، لذلك فإن الموقف الأميركي الجديد تجاه هذه القضية والتي جاءت على لسان المسؤولين، تعتبر ايجابية جداً، وإذ أشار السفير صاموئيل سكرين الذي يمثل الإدارة الأميركية إلى ان الموقف الأميركي يقضي برفع الحصار عن الشعب العراقي بعد تغيير النظام مباشرة، وكذلك تقليل حجم الديون والعقوبات التي اتخذت بحق العراق. وحسب المنطق الأميركي توجد في الوقت الحاضر خطوط حمر لا يمكن لصدام تجاوزها فيما إذا أقدم على تحريك قواته نحو الجنوب أو الشمال بالضد من قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بحماية السكان المدنيين من بطش قوات صدام، فضلاً عما قاله السفير شيفر، وهو مسؤول متابعة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، من أن أهم مهمة تواجه الولاياتالمتحدة حالياً هي مهمة تجريم صدام ومحاكمته، وعلى المعارضة العراقية ايصال رسالة لصدام تقول بأن الأميركيين جديون في مساعدة الشعب العراقي من أجل تغيير النظام الحاكم. وفي ضوء ذلك فإننا واثقون من حيث المبدأ صدقية الموقف الأميركي، وهناك تعاون بيننا وبينهم، إضافة إلى تبادل الآراء معهم عن مستجدات القضية العراقية، بيد اننا نحتفظ باستقلالية قراراتنا السياسية والاستراتيجية، ولا يخضع حوارنا مع الولاياتالمتحدة إلى أي تبعة أخرى، وإنما يخضع لقاعدة التساوي بين الطرفين في معايير الشروط المعنوية في العلاقات. فؤاد معصوم "رئيس حكومة اقليم كردستان السابق - عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني" - طغت الجوانب الايجابية على أعمال المؤتمر، وكان حجم الحضور جيداً، ولم تظهر حالات استفزاز أو ردود فعل متشنجة من خلال المناقشات التي جرت في إطار المؤتمر العام أو في إطار اللجان الاختصاصية، وكانت هناك مشاركة متنوعة في تصورات الأوراق التي خضعت للنقاش، خصوصاً في ما يتعلق بمستقبل العراق. وظهر حرص متزايد من قبل الجميع من دون استثناء على ضرورة إحداث التغيير وإقامة الديموقراطية في العراق واستخدام كل الأساليب في سبيل تحقيق هذا الهدف. وكان خطاب نائب وزيرة الخارجية الأميركية يعبر عن خطوة متقدمة بالنسبة لما كنا نتصوره أو ما كنا نعتقد أنه هو التصور الأميركي لعملية التغيير، حين ظهرت، برأيي، جدية أكثر بالنسبة للتغير في العراق وبالتعاون مع المعارضة العراقية ومع الشعب العراقي ومن دون التدخل في مسار الإرادة الحرة للشعب العراقي وهو يتوجه نحو التغيير. وكخطوة أولى أقول إنني متفائل، لأني أعرف ان هذه الخطوة ستشكل بداية لخطوات أخرى، حتى تلتحق بالمؤتمر الأطراف التي لم تشارك فيه في الوقت الراهن، واعتقد ان تطور الموقف الأميركي سيساعدنا في التوجه الفعال لتحقيق هدف التغيير. أما في ما يتعلق بكردستان العراق، فهي جزء من العراق، واعتقد بأن توفر بعض الظروف في الجنوب وفي كردستان سيساعد على أن تصبح هذه المناطق قواعد مهمة لنشاط المعارضة العراقية. المطلوب من دول العالم، خصوصاً الولاياتالمتحدة وكذلك الدول الاقليمية والعربية، ان تساعد المعارضة العراقية، وبكل تأكيد فإن الشعب العراقي بحاجة ماسة إلى اسناد الدول العربية والاقليمية له، لأن مصالحنا مشتركة. ومن الضروري ان يكون للعراق المقبل دور متميز في التعاون مع الدول العربية والدول الافريقية لارساء أسس السلام في المنطقة عموماً. اياد علاوي "الأمين العام لحركة الوفاق الوطني" - يمثل المؤتمر الذي عقد في نيويورك نقطة انطلاق جديدة للعمل العراقي المعارض، ولأسباب اذكر منها ثلاثة أسباب مهمة، الأول تنامي مقاومة الشعب العراقي داخل العراق، والثاني شعور المعارضة بضرورة وحدة العمل وتجاوز التناقضات والسلبيات، والسبب الثالث يكمن في تبلور القرارات الدولية باتجاه دعم الشعب العراقي لتغيير نظام صدام، ومن هذه الدول وعلى رأسها الولاياتالمتحدة. إن القضية العراقية لم تعد قضية عراقية كما كانت في السابق عندما تقرر مجموعة من الضباط تغيير نظام الحكم بالاستيلاء على دار الاذاعة ووزارة الدفاع. الوضع تغير، فالقضية العراقية أصبحت مدولة، ونحن بحاجة إلى دعم كل الدول التي تشترك معنا بهدف ازاحة النظام، ومنها الدولة العظمى الولاياتالمتحدة فضلاً عن حاجتنا إلى دول المنطقة ودولنا العربية. وتكمن مهمتنا في مساعدة قوى التغيير داخل العراق، وهذه هي المهمة الأساسية للمؤتمر الوطني العراقي، ولو استعرضنا التغييرات الجذرية في العراق، لوجدنا انها كانت في معظمها بفعل عمل شعبي أو عمل عسكري، ونعني بالعمل الشعبي هو خلق المناخ السياسي والظروف الصحية لانجاح التغيير عن طريق المؤسسة العسكرية، وهذا ما نسعى إليه حالياً، ان واجبنا هو خلق الظروف الايجابية لعمل القوى المعارضة داخل العراق ونحاول توفير المناخات المساعدة في المنطقة لدعم قضية الشعب العراقي، حتى تتمكن قوى التغيير الحقيقية وعلى رأسها قواتنا المسلحة من انجاز عملية التغيير في العراق. أساساً، نحن نفكر بعمل عسكري أو انتفاضة عسكرية، لربما هناك بعض الجهات أو بعض الاشخاص الذين فكروا بذلك، ولكن على صعيد سياسة المؤتمر واستراتيجيته، توجد قناعة أكيدة وواضحة بأهمية دعم قوى التغيير في الداخل من خلال الاتصالات وكذلك من خلال التحالف مع دول المنطقة. وعطفاً على ذلك، فإن قوى التغيير هي الحزب وجهاز الدولة المدني وأجهزة الدولة العسكرية وأجهزة الدولة الأمنية، وكذلك العشائر. قوى التغيير كثيرة في العراق. تحديداً ان خلافنا مع صدام حسين ومع بعض أزلامه وأركان نظامه فقط، صدام حسين صادر الحزب وألغى دوره وألغى دور الجيش وحول كل الصلاحيات إليه وإلى ولديه وبعض المرافقين، حتى أسرته أصبحت خارج قوس السيطرة على الأوضاع في العراق. إن سعينا حثيث باتجاه تخليص الشعب العراقي من هذا النظام، ونطالب الدول الاقليمية ودول العالم بالمزيد من الضغط السياسي على نظام صدام حسين، ونطالب العراقيين بالمزيد من التكاتف والتلاحم. واستطيع القول إن الجهازين العسكري والمدني في الدولة العراقية ليسا تابعين لصدام وإنما هما جزء من شعبنا وهم اخواننا. إن الوضع في العراق يتداعى وقد تعرض النظام في الآونة الأخيرة إلى مشاكل عدة، فالمقاومة تتصاعد في بغدادوجنوبالعراق وفي غربه، وان المزيد من الأفراد يهربون طلباً للجوء في دول الجوار وان العناصر الشريفة والوطنية في حزب البعث من مدنيين وعسكريين يلجأون إلى الطرف المعادي لصدام ونظامه، وهذه حالات يومية أصبحت معروفة لوسائل الإعلام، إذ فر حديثاً وقبل أيام وزير الحكم المحلي في العراق ومستشار ديوان رئاسة الجمهورية الأخ عبدالغفار الصائغ الذي التحق بحركتنا، والعملية مستمرة، وكنا قبل فترة مطلعين على هروب مسؤولي محطات المخابرات التابعة لصدام في كل من براغ واثينا والهند، وتناقلت أخبارهم الصحف المختلفة. أما بخصوص الموقف الأميركي، فإن شعورنا نحوه أخذ يتبلور باتجاه فاعل وعملي لدعم الشعب العراقي وقوى التغيير في الداخل، وأملنا ان يلتم شمل المعارضة العراقية بكل قواها وفصائلها لتقريب ساعة الخلاص الأكيد. هوشيار زيباري "عضو المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني" - إن فكرة عقد المؤتمر بحد ذاتها تشكل خطوة جيدة، خصوصاً أنها تأتي بعد هذه السنوات التي تعرضت فيها المعارضة العراقية إلى التشتت والتمزق، ولكن الفكرة نجحت في جمع عدد كبير من أطراف المعارضة العراقية. إن أبواب المؤتمر لا زالت مفتوحة لاستقبال الأطراف التي لم تحضر. أما على صعيد التحضيرات الإدارية، فكانت هنالك الكثير من السلبيات، بيد ان الجانب السياسي الذي اتسم بالايجابية غطى على تلك السلبيات. روعيت مسألة النسب التمثيلية للتيارات السياسية الموجودة، وكذلك للأحزاب والقوى السياسية الأساسية. وكما قلت فإن عقد المؤتمر يعتبر خطوة ايجابية إلى الأمام، لكن هنالك الكثير من العمل الذي ينتظر الجميع لترجمة هذه القرارات والتوصيات والهياكل إلى واقع عملي. وأيضاً نتوقع ان الأطراف التي لم تشارك ستتجاوب بسهولة مع التشكيلة الجديدة، اننا نحتاج إلى نفس طويل وجهد متواصل، وان نقوم بعملية اقناع من خلال تقييمنا للوضع، فهناك مسائل ايجابية كثيرة قد حصلت ولكن أيضاً هناك عمل مضن ينتظرنا لتنفيذ هذه النتائج ميدانياً. وبخصوص العلاقة مع الأميركيين، فنحن نلتقي بهم بصورة مستمرة، وفي أيام المؤتمر كنا نلتقي بهم يومياً، وأعلنوا بأنهم سوف لن يتدخلوا بتشكيلة المؤتمر وتوزيعاته واختيار شخصياته، وكان أكثر ما يهمهم هو ان تظهر المعارضة بمظهر موحد، وأن يضم المؤتمر أكبر قدر من الأحزاب والقوى السياسية الموحدة في صيغة المؤتمر، لذلك فهم يؤيدون هذه الخطوة ويشجعونها وان الإدارة والكونغرس مستعدون لتقديم الدعم الواسع لهذه الحركة. وفي ما يتعلق بالقوى الكردية، فإن الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، هما أكبر قوتين موجودتين في المؤتمر. واستطيع القول إن الحركة القومية الكردية بجميع تشكيلاتها وتلاوينها ممثلة في هذا المؤتمر. أما بخصوص التعاون الكردي - الكردي، فإن أساسه هو اتفاق واشنطن الذي وقع بين الاستاذين مسعود وجلال في عام 1988، ولو ان هذا الاتفاق لم ينفذ بصورة كاملة، إلا أن اجراءات بناء الثقة حتى المشاركة في الواردات قد طبعت هذه العلاقة. وحديثاً ذهب وفد عالي المستوى من الحزب الديموقراطي الكردستاني إلى السليمانية لزيارة السيد الطالباني، واتفق الوفدان على سلسلة من الاجراءات العملية، ومنها معالجة الجانب المالي، وقام الحزب بتقديم مساعدات مالية جيدة إلى الوزارات وأقسام الخدمات العامة في منطقة الاتحاد في السليمانية، وهذه العلاقة الايجابية تنعكس على العديد من المسائل السياسية المصيرية في هذا المؤتمر الذي نشارك فيه في نيويورك. نحن نعتبر أنفسنا طرفاً أساسياً في المعارضة العراقية، ولكن أيضاً لدينا اهتماماتنا، وصحيح ان مشكلتنا يجب ان تحل في بغداد أو ضمن المشكلة العراقية، مشكلة الديموقراطية والحكم، لكن حالياً يوجد واقع خاص وهو ان المنطقة الكردية خارجة عن سلطة الحركة المركزية وهناك حوالى ثلاثة ملايين ونصف المليون من الأكراد يعيشون في هذه المنطقة، هناك استقرار وازدهار اقتصادي، لذلك فإن أي مشروع لاستقبال المعارضة العراقية يجب أن يدرس من مختلف النواحي، أما الظروف الحالية فغير متوافرة لإقامة قواعد للمعارضة العراقية. وهذه المسألة مرتبطة بالضمانات، لأن المعارضة لوحدها لا تستطيع توفير الضمانات إلا من خلال الدعم الدولي والاقليمي. موفق الربيعي "إسلامي مستقل" - المؤتمر حقق الكثير من النتائج الايجابية وفي المقدمة منها توحيد صفوف المعارضة العراقية التي ظهرت في هذا المؤتمر أكثر لحمة واصطفافاً. أما الشيء الثاني الذي تحقق في هذا المؤتمر فهو تطوير الخطاب السياسي الموحد للمعارضة العراقية، حيث بدا خطاباً منسجماً مع تطورات الوضع الراهن، كذللك التغطية الاعلامية والسياسية الواسعة، خصوصاً في الولاياتالمتحدة، إذ عرضت وسائل الاعلام المختلفة هذه التظاهرة منذ اليوم الأول وحتى اختتام أعمال المؤتمر، وبذلك قربت القضية العراقية للرأي العام الأميركي والعالمي. وهنا لا بد ان اذكر بأن كافة الوفود المشاركة أعلنت عن مطلبها برفع الحصار الاقتصادي عن الشعب العراقي وتضييق الخناق سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً على النظام. ولعل أبرز شيء هو التطور الذي طرأ على الموقف الأميركي، فقد أعلن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية عن نية الولاياتالمتحدة لتفعيل عملية محاكمة صدام وتسمية 12 شخصاً من أعوانه أيضاً. حيث وضعت خطة بثلاث مراحل لانجاز هذه العملية، المرحلة الأولى تجميع المعلومات عن الانتهاكات الإنسانية المختلفة، والمرحلة الثانية تشكيل لجنة تقوم بتقديم هذه المعلومات للمنظمة الدولية لإقرار مشروعية المرافعات. أما الثالثة فهي تشكيل لجنة دولية لاجراء المحاكمة. وتوافقت هذه التطورات المهمة على صعيد المعارضة العراقية مع تطور الموقف الأميركي الذي أصبح أكثر جدية من السابق، فقد أعلن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية توماس بيكرنك من أن الولاياتالمتحدة عازمة على التصدي لأي تجمع عسكري قد يفكر به النظام في جنوبالعراق أو شماله لقمع السكان هناك، وتم ابلاغ صدام حسين بهذه الرسالة. وبودي الإشارة إلى ان المؤتمر ثمّن الموقف الأميركي لأنه يأتي في وضع جديد يتطلب من المعارضة العراقية وأصدقائها العمل الجدي والفعال بهدف إطاحة النظام. أما على صعيد القوى الإسلامية التي شاركت في المؤتمر، فإني ارغب هنا أن أقول بأن تمثيل الإسلاميين في المؤتمر لم يكن متناسباً مع المستوى الفعلي لهم، فقد حضر المؤتمر 70 شخصية إسلامية، وهو عدد يقل عن نسبتهم في مؤتمر صلاح الدين، لذلك فإن هذا التمثيل لا يمثل الحجم الحقيقي لهذه القوى والشخصيات الإسلامية.