لم يجد الفنان التشكيلي الفلسطيني ناصر السومي ضالته في بيروت، فهو جاء من باربس مصطحباً مشروعه غير الفني ولكن المستوحى من هموم الفنون الحديثة. مشروعه ضمن مهرجان "أشكال ألوان على الكورنيش" يتلخص بأنه سبق أن أقام سنوات قليلة في بيروت وقبالة صخرة الروشة. والصخرة كما الكورنيش والبحر المجاوران لها أصبحا من العلامات المكانية لذاكرته في بيروت. أراد السومي اختبار علاقة الناس المقيمين في بيروت والعابرين مشياً على كورنيش الروشة بالصخرة، ونوع احساسهم بها. وجاء مع فريق مؤلف من نحو 20 شخصاً ونصبوا تجهيزاتٍ هندسية قبالتها، ولبسوا قبعات المهندسين، وأعلنوا للعابرين أنهم في صدد دراسة تهدف الى إزالة الصخرة وانشاء فندق كبير مكانها. وبينما كان فريق منهم يتسلق الصخرة ليضع أوتاداً وأعمدة من النوع الذي تستعمله شركات البناء والمقاولات للإيحاء بجدية الموضوع، كان السومي يضع الى جانب الكورنيش لوحات وصوراً لمراحل مشروع ازالة الصخرة، وصوراً متخيلة لمشهد البحر من دونها. ولاستكمال عناصر الحكاية حضر فريق تلفزيوني أوحى أعضاؤه بأنهم جاءوا لمعارضة المشروع ولسؤال العابرين عن رأيهم فيه. أول من لم يعجبه المشروع، كان المصورون الفوتوغرافيون الذين يجوبون يومياً الكورنيش ليلتقطوا صوراً للسياح أمام الصخرة في مقابل أثمانٍ زهيدة للصورة، علماً أن معظم هؤلاء هم من غير اللبنانيين. لم يكن اعتراض المصورين قاطعاً وحاسماً، إذ أقنعهم الفريق بأن المشروع البديل سيؤمن خلفية أجمل لصور السياح التي يلتقطونها، لكنهم وبما يشبه المقايضة، قالوا لأعضاء الفريق "هيا لنلتقط لكم الصورة الأخيرة أمام الصخرة قبل إزالتها، ونقبل بأسعار الأيام العادية". وبقوله هذا الكلام أوحى أحدهم أنه غير مصدق أن المشروع جدي. لكنه حائر بأسباب قدوم هؤلاء ونقلهم كل هذه المعدات، وتحملهم مصاعب الصعود الى "قمة" الصخرة. الناس العاديون العابرون على الكورنيش لم يكترثوا بداية لأسئلة الفريق التلفزيوني المحرضة على رفض المشروع، ومع تقدم الوقت قليلاً وتضاعف اصرار المراسل التلفزيوني، تضاعف أيضاً الشعور بحياد الناس وميلهم الى القبول ولو سلبياً بالمشروع، كأن يقترح واحد منهم تأجيل "قص" الصخرة الى يوم غدٍ، لأن أولاده الذين جاءوا بالأمس من الخارج سيأتون بعد الظهر ليعرفوا أبناءهم اليها. أو أن يقترح آخر أن "نقص" الصخرة من نصفها لتصبح قمتها مسطحة ثم يشاد الفندق فوق المتبقي من الصخرة. وطبعاً عبر آخرون عن استيائهم من المشروع، لكن تعبيرهم لم يكن مصحوباً برغبة في التحرك لمنعه، إذ قال أحدهم ان من يقوم بهذا المشروع لا بد من أن يكون قوياً الى حدٍ لا يمكن التحرك ضده. السومي والفريق الذي يعمل معه سجلوا ساعات طويلة من ردود الفعل هذه على شرائط فيديو، وسيعرضون نتائج استطلاعهم ضمن مهرجان "أشكال ألوان على الكورنيش". ولكن هل يجدون من يحتفل معهم بعدم صحة خبر إزالة صخرة الروشة؟