بعد ساعات قليلة من اعلان التشكيل الجديد للجان المجلس الاعلى للثقافة في مصر بدأت التكنهات التي تؤكد أن فاروق حسني وزير الثقافة المصري اراد بهذا التشكيل الجديد التخلص من اكبر عدد من معارضيه أولئك الذين انتقدوا سياساته بعنف في الشهور الماضية، وبلغ به الحرص الى حد استبعادهم من عضوية هذه اللجان البالغ عددها 22 لجنة والمنوط بها رسم السياسة الثقافية الرسمية والعمل على تنفيذها وهي اللجان التي ظهرت للمرة الأولى في الحياة الثقافية المصرية في العام 1958، غير انها اكتسبت اهمية وفعالية اكبر في العمل بعد تولي الناقد الدكتور جابر عصفور مهمة امين عام المجلس اوائل العام 1993. وعلى الرغم من أن قرار التشكيل الجديد وقع من الوزير قبل ايام من استقالة حكومة الجنزوري في الاسبوع الاول من تشرين الأول اكتوبر الجاري الا ان الاعلان عنه تواكب وتشكيل الحكومة الجديدة التي احتفظ فاروق حسني فيها بمقعد الوزارة وهو الامر الذي مكّنه من الخروج الى الرأي العام في صورة "الرجل المنتصر" على معارضيه او على الاقل صورة الرجل الذي لم يعد يعبأ كثيراً بهذه المعارضة "الشرسة". وتشير مصادر عدة الى أن الدكتور جابر عصفور امين عام المجلس لعب الدور الاكبر في اختيار المرشحين لعضوية تلك اللجان خصوصاً تلك التي يرتبط نشاطها اتصالاً مباشراً بالنشاط الفاعل في الحركة الثقافية المصرية مثل لجان القصة والنشر والدراسات الادبية والسينما والمسرح. ولوحظ على التشكيل الجديد ان هناك بعض الاسماء الكبيرة خرجت من التشكيل مثل علاء الديب وصنع الله ابراهيم وجمال الغيطاني الذي استقال من التشكيل الماضي واسامة انور عكاشة المسرح ومحمد عفيفي مطر الشعر لعدم التزامهم بحضور الحد الادنى من جلسات هذه اللجان في الدورة السابقة مما حال دون ضمهم الى التشكيل الجديد. واضافة الى ان هناك اسماء اخرى خرجت لاختلافها الجذري مع سياسات الوزارة ومن هؤلاء التشكيلي عادل السيوي الذي دعا الى استراتيجية بديلة للحركة التشكيلية من خلال ورقة عمل وفيها نقد لاذع للقيادات الرسمية داخل الوزارة وعلى رأسهما الوزير، وكان ضمن المبدعين ايضاً الناقدان المسرحيان حسين عبدالقادر ونبيل بدارن، وكان الاخير قد وجه نقداً لاذعاً للسياسات المسرحية اضافة الى نقد شخصي لأداء جابر عصفور امين عام المجلس في احد البرامج التي بثتها محطة فضائية عربية. غير انه من الامور الايجابية التي تحسب للتشكيل الجديد الحرص البالغ على ضم مجموعة من الوجوه الشابة الى عضوية هذه اللجان بعضهم تجاوز سن الاربعين ومنهم محمد بدوي الشعر وهالة فؤاد ومجدة عبد الحافظ وأنور مغيث الفلسفة كذلك ضم ابراهيم عبدالمجيد الى عضوية لجنة القص بعد سنوات من الإقصاء ومعه سعيد الكفراوي، واعتذر محمد البساطي عن عضوية اللجنة نفسها، فيما اعلن عن ضم حلمي سالم الى لجنة الشعر، غير انه اكد التزامه بقرار الاستقالة التي قدمها الى اللجنة في تشكيلها السابق. وكان من اللافت ايضا انضمام الفنان محمد صبحي الى عضوية لجنة المسرح رغم نقده اللاذع للسياسات الرسمية المتبعة في هذا الشأن ويأتي قرار الضم ملائماً لحالة "الوفاق" بين صبحي والوزارة التي كرّمته في العام الحالي ضمن المكرمين في المهرجان التجريبي كذلك جرى ضم حسن الجريتلي الى اللجنة نفسها. ودخلت الى لجنة السينما للمرة الأولى اسماء جديدة مثل عطيات الابنودي ومختار عبدالجواد وسعيد شيمي في محاولة لتفعيل اللجنة التي تم اختيار سمية فريد مقرراً لها. وعكس الدورات السابقة لوحظ ان هذا التشكيل شهد تغييرات واسعة في منصب المقربين فقد استبدل الناقد مصطفى درويش بالناقد سمير فريد في السينما وعبدالفتاح جلال بالدكتور مصطفى شريف في التربية والدكتور ميلاد حنا بسمير حنا صادق في الثقافة العلمية. والطريف في الامر ان ميلاد حنا طلب إعفاءه من اللجنة لأنها لم تعد ملائمة لنشاطاته الدولية الواسعة، فيما تم اختيار طه حسين مقرراً للجنة الفنون التشكيلية بديلاً لعطية حسين، كما تم اختيار ادوار الخراط مقرراً للجنة القص بعد رحيل فتحي غانم. وكان من اللافت ظهور لجنة جديدة في التشكيل وهي لجنة الاثار - التي تم تشكيلها استجابة لمطلب اعضاء المجلس الاعلى للثقافة في اجتماعهم الاخير في حزيران يونيو الماضي وجاء الدكتور حسن الباشا مقرراً لها في محاولة لإشراك اللجنة في وضع السياسة الاثرية والتي تثير كثيراً من الازمات في الوزارة التي يتولاها فاروق حسني منذ 11 عاماً او يزيد.