شُيّعت ظهر أمس جنازة الجنرال العربي بلخير، سفير الجزائر لدى المملكة المغربية، الذي توفي أول من أمس عن عمر يناهز 72 سنة، بعد متاعب صحية أرغمته على التوقف عن مهمات عمله في الرباط منذ حوالى سنة كاملة قضاها بين الجزائر ودول أوروبية لتلقي العلاج. وشُيّعت جنازة بلخير الذي يوصف بأنه أحد أقوى رجالات السلطة في الجزائر على مدى العقدين الماضيين، وسط حضور لافت لوجوه عسكرية وسياسية بارزة. لكن الحدث البارز في مقبرة بن عكنون في أعالي العاصمة الجزائرية، حيث شيع الجثمان، تمثّل في حضور وزير الخارجية المغربي، الطيب الفاسي الفهري، ومستشارين اثنين للعاهل المغربي الملك محمد السادس. ورافق وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي نظيره المغربي خلال الجنازة ثم غادراها معاً. وقال مسؤول مغربي للصحافيين، عقب الجنازة، إن «جلالة الملك أبلغ عن تأثره العميق لفقدان المرحوم لما يمثله العربي بلخير بالنسبة إلى العلاقات الجزائرية - المغربية». وهذه الزيارة الأولى لمسؤول مغربي كبير للجزائر منذ مجيء الملك محمد السادس لحضور القمة العربية التي عُقدت في الجزائر في آذار (مارس) 2005. وتميّزت الفترة التي قضاها العربي بلخير سفيراً للجزائر لدى الرباط منذ آب (أغسطس) 2005، بعلاقات «مد وجزر» بين البلدين، على رغم العلاقات الطيبة التي أقامها بلخير مع كبار المسؤولين المغاربة. وظهر ذلك خلال مناسبات وطنية كانت تحييها السفارة في حضورهم، كما أن فترة توليه منصب السفير عرفت خطوة إلغاء التأشيرات بين البلدين، على رغم أن الحدود البرية ظلّت مغلقة إلى اليوم. وأقامت السلطات الجزائرية موكباً جنائزياً «عسكرياً» مهيباً للجنرال الذي يوصف ب «صانع الرؤساء». وكان بين الحضور الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، الذي شغل بلخير في عهده منصب مدير ديوان الرئاسة، وهو المنصب الذي شغله بعد وصول الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى الحكم طوال الفترة ما بين 2000 و2005. وحضر الجنازة أيضاً جميع وزراء الحكومة والوزير الأول أحمد أويحيى. كذلك حضرت قيادات عسكرية كانت على رأس المؤسسة العسكرية إلى جانب بلخير، تقدمهم الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني اللواء عبدالمالك قنايزية الذي نعى الفقيد نيابة عن «كل إطارات وأفراد الجيش الوطني الشعبي من ضباط وضباط صف وجنود ومستخدمين مدنيين». وكان بين الحضور أيضاً قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، والجنرال المتقاعد خالد نزار، وأيضاً الجنرال المتقاعد محمد تواتي، إلى جانب مسؤولين حكوميين وضباط كبار في الجيش، وقادة الأحزاب السياسية ورفقاء الفقيد. واللواء بلخير من مواليد 1938 في فرندة بولاية تيارت (غرب)، وكان يوصف ب «رجل الظل» و «الحلقة القوية» داخل النظام. و نعى الرئيس الجزائري بوتفليقة الفقيد وقال إن الجزائر فقدت بوفاته «ابناً باراً ومناضلاً خدم وطنه طيلة حياته بتفانٍ والتزام». وجاء في برقية تعزية إلى أفراد أسرة الراحل: «ككل الصابرين من أبناء هذا الوطن المفدى حمل (بلخير) السلاح في وجه الاستعمار وأدى الواجب برفقة المجاهدين، حيث ارتوى بثورة التحرير إلى أن أشرقت شمس الحرية فأكمل المسيرة في صفوف الجيش الوطني الشعبي ليضطلع في ما بعد بأسمى المهمات». وأضاف رئيس الدولة: «إنني أفقد اليوم فيه أخاً عرفت زاوية أهله المجاهدين أثناء حرب التحرير وعاشرته في صفوف جيش التحرير الوطني، وجددت العهد به في ظروف صعبة حالكة على البلاد، حيث أدار العمل بكفاءة واقتدار وفي رزانة ووقار بعثت الاطمئنان والثقة في نفوس كل المحيطين به الذين أحبوه».