تجاوز الرئيس حسني مبارك التعليق على انتقادات المعارضة لشكل "التغيير" وحجمه، ووجه في اول اجتماع للحكومة الجديدة تكليفات مباشرة الى الوزراء ركزت على "تحقيق العدالة الاجتماعية" التي اعتبرها "أساس شرعية النظام"، ومراعاة الفئات غير القادرة وتحسين مستوى الخدمات الاساسية وتحقيق اداء وزاري أفضل في شؤون الاقتصاد والمال والتكنولوجيا والتصدي للمحسوبية مع اعطاء اهتمام خاص بالشباب "لإعداد جيل يتحمل المسؤولية في المستقبل". واستمرت في المقابل قوى المعارضة في الإعراب عن حال الإحباط الذي تعيشه منذ إعلان التشكيل الوزاري قبل يومين، ووصفت مصادرها إبعاد بعض الوزراء السابقين والمسؤولين في قطاعات أخرى بأنه "حملة تطهير" طالت كل المحسوبين على رئيس الوزراء السابق الدكتور كمال الجنزوري ممن عارضوا الإسراع بتنفيذ برنامج التخصيص بالصورة التي كان يريدها رئيس الوزراء الجديد الدكتور عاطف عبيد في الحكومة السابقة. واعتبرت أن إقالة او استقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الدكتور شوقي السيد عقب اعلان تكليف عبيد تشكيل الوزارة مباشرة ورئيس الهيئة العامة للاستثمار الدكتور ابراهيم فوزي مساء اول من امس إضافة الى خلو التشكيل من اسم الدكتور احمد جويلي وزير التموين والتجارة الخارجية في حكومة الجنزوري تأتي في ذلك السياق. وعكست التصريحات التي ادلى بها 13 وزيراً جديداً دخلوا حكومة عبيد "تناغماً" في الرؤية حول اسلوب العمل في المستقبل. ففي مقابل اعتراض جويلي على فصل نشاط التجارة الخارجية عن وزارة التموين رحب الوزير الجديد الدكتور حسن خضر بإلحاق شؤون التجارة الخارجية بوزارة الاقتصاد، وهو الاتجاه الذي دعا اليه عبيد في الماضي ونفذه بعدما تولى مسؤولية الوزارة. وتساءل رئيس الحزب "الناصري" السيد ضياء الدين داود عن دور الحزب الوطني الحاكم في تشكيل الحكومة، ودعا "من يحلو لهم التساؤل عن فاعلية احزاب المعارضة ان يخصصوا بعضاً من وقتهم للتفكير في فاعلية الحزب الحاكم ودوره واين هو من التغيرات التي تجري وأين الذين يفترض انهم تربوا في احضانه؟". لكن حزب "الوفد" كان اكثر قوى المعارضة إحباطاً وعبّر عن "حال الصدمة"، ورأى ان التغيير "من اجل عدم التغيير"، واعتبر ان "استبدال 11 وزيراً من الوعاء نفسه مع الابقاء على 19 وزيراً في مناصبهم مجرد استنساخ وليس تعبيراً بفتح ابواب الامل في الاصلاح"، واستغرب ان يشمل التشكيل الوزاري الجديد "وزراء يشكو منهم الناس". وعكس حال الاسلاميين في السنوات الماضية ما صدر عنهم من ردود فعل تجاه ما جرى. فالقطب البارز في جماعة "الاخوان المسلمين" السيد سيف الاسلام حسن البنا استغرب كون كل التصريحات الرسمية، خلال الايام الماضية، ركزت على الجوانب الاقتصادية دون اي اشارة الى الاصلاح السياسي، وقال: "كنا نتمنى ان يتناول التغيير ثوابت ظلت جامدة لسنوات وحان وقت مراجعتها"، ولفت الى ان الحرية الاقتصادية التي تنادي بها الوزارة الجديدة "يجب ان تتبعها حرية سياسية".