وصل الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني السعودي، الى الجزائر، المحطة الثانية في جولة بدأت في المغرب وتستكمل في تونس. ووصفت مصادر جزائرية رسمية الزيارة بأنها "مهمة"، وأبدت تفاؤلها بالنتائج المرتقبة لها، مشيرة الى ان الجزائر تعلق آمالاً كبيرة على دعم المملكة العربية السعودية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في مسعاه الى السلم والوئام المدني. وأجرى الأمير عبدالله قبيل مغادرته الدار البيضاء، محادثات سياسية مع العاهل المغربي الملك محمد السادس. وذكرت المصادر ان المحادثات بدأت في مقر اقامة الأمير عبدالله واستمرت في موكبه، اذ رافقه الملك محمد السادس على متن سيارة خاصة وودعه على المطار. وتوقعت مصادر ديبلوماسية في الرباط ان تسفر جهود ولي العهد السعودي عن نتائج طيبة للمنطقة. وقالت ان "الاجواء مناسبة كي تسير الأمور نحو الأفضل"، في اشارة الى مساعي رأب الصدع بين المغرب والجزائر، اثر تعرض علاقات البلدين في الفترة الأخيرة لجمود ملحوظ. لكن مصادر سعودية مطلعة قالت ان زيارة ولي العهد لمنطقة الشمال الافريقي لا تهدف الى القيام بوساطة بالمعنى المتعارف عليه، ووصفت المغرب والجزائر بأنهما "بلدان جاران وشقيقان". أضافت ان الأمير عبدالله سيعرض مع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مختلف القضايا ذات العلاقة برأب الصدع العربي، ومن ضمنها العلاقة بين المغرب والجزائر. وأشارت المصادر نفسها الى ان المملكة العربية السعودية حافظت على علاقات ودية وطبيعية مع الجزائر، في اشارة الى احتمال ان تكون حصلت اتصالات سعودية - جزائرية قبل بدء الزيارة. وكان الأمير عبدالله بدأ زيارة للمغرب قبل حوالى عشرة أيام التقى خلالها مع الملك محمد السادس. وصدرت وقتذاك تصريحات عن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة تشير الى وجود صعوبات حول دون تطبيع العلاقات المغربية - الجزائرية. ولاحظت المصادر ان المغرب امسك رسمياً عن الرد على الاتهامات الجزائرية، ما يعتقد بأنه افسح في المجال لتحريك جهود رأب الصدع بين البلدين. يذكر في هذا الصدد ان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز كان وراء أول مبادرة جمعت الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس السابق الشاذلي بن جديد في مركز للحدود المشتركة عام 1984 نتجت عنها معاودة تطبيع العلاقات التي توّجت بتمديد العمل باتفاق ترسيم الحدود المبرم عام 1969، لكن علاقات البلدين تعرضت للتدهور اثر اغلاق الحدود عام 1994 الذي لا يزال مفعوله سارياً الى الآن. وتحدثت المصادر الجزائرية عن مبادرات سعودية، عشية الزيارة، تمثلت بقرض لتمويل مشاريع جديدة بقيمة 200 مليون دولار، وبدفع ما تبقى من هبة خصصت للجزائر عام 1980، فضلاً عن امكان تحريك مشروع الشراكة السعودية - الجزائرية الذي سبق لوزيري المال في البلدين ان أقراه برأسمال يبلغ مئة مليون دولار. وقالت مصادر قريبة من الغرفة التجارية الجزائرية ل"الحياة" إن وفداً من رجال الأعمال السعوديين يمثلون 21 شركة ممثلة في مجلس غرف التجارة والصناعة العربية السعودية سيقوم بزيارة للجزائر بدءاً من 24 الجاري لدرس امكان الاستثمار. وإلى جانب العلاقات الثنائية بين البلدين، فإن محادثات الأمير عبدالله في الجزائر ستركز على القضايا المشتركة على الصعيدين الاقليمي والعربي، كذلك التعاون والتنسيق على مستوى المنظمات الدولية والمتخصصة. وستقوم الجزائر بدعم المرشح السعودي لإدارة اليونيسكو بصفتها رئيساً لمنظمة الوحدة الافريقية، وباعتبار ان الرئيس بوتفليقة سيشارك شخصياً في افتتاح الدورة المقبلة. وهذا الدعم الجزائري يقابله مسعى سعودي لتقريب وجهات النظر بين الجزائر والمغرب. وتشير مصادر جزائرية إلى أن اللقاء الذي كان مرتقباً بين الملك الحسن الثاني قبيل رحيله والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وفّر له الاجواء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، الذي زاره الرئيس بوتفليقة في مقر اقامته في اسبانيا قبل أسابيع. إلى ذلك، يبدأ ولي العهد السعودي اليوم زيارة رسمية لتونس تستمر يومين تلبية لدعوة من الرئيس زين العابدين بن علي. وتأتي الزيارة، وهي الأولى التي يؤديها مسؤول سعودي على هذا المستوى، منذ وصول الرئيس بن علي إلى سدة الرئاسة في العام 1987، في سياق تكثيف زيارات كبار المسؤولين السعوديين لتونس منذ مطلع العام الجاري، إذ زارها الأمير سلطان وزير الدفاع والطيران المفتش العام للقوات المسلحة في أيار مايو الماضي على رأس وفد رفيع المستوى، وكذلك الأمير سلمان أمير منطقة الرياض والأمير نايف وزير الداخلية والأمير ماجد، إضافة إلى عدد من المسؤولين الحكوميين.