تحتاج الأرقام المتفائلة التي جرى تداولها العامين الماضيين عن عدد السياح والزوار الذين سيفدون إلى الأراضي الفلسطينية لمناسبة الاحتفال ببدء الألفية الثالثة لميلاد المسيح، إلى مراجعة وخفض يبدوان اليوم ضرورتين مع بدء العد العكسي لانتهاء 1999. وقال المسؤولون في وزارة السياحة والآثار في فلسطين إن الأرقام التي تحدثت عن استقبال بين أربعة وخمسة ملايين زائر خلال احتفالات الألفية، مبالغ فيها إلى درجة كبيرة، وان العدد الحقيقي المتوقع لن يتجاوز مليوني شخص في أفضل الاحتمالات. وذكر المدير العام للوزارة باجس إسماعيل ل"الحياة" ان المبالغات التي وقعت في الماضي ناجمة عن أهمية الحدث الكبير التي أدت إلى تضخم التقديرات والتوقعات. وكان الاهتمام الدولي بإحياء الألفية الثالثة دفع البلدان العربية المجاورة لفلسطين والسلطة الوطنية الفلسطينية إلى وضع خطط عمل مشتركة لقطف ثمار الحدث الذي سيشهد تدفق الزوار إلى الأراضي الفلسطينية والمناطق التي عاش أو سكن فيها السيد المسيح. وفي هذا الإطار، أقر مؤتمر وزراء السياحة العرب الذي عُقد في اليمن السنة الجارية اعتماد منطقة بيت لحم مركزاً للاحتفالات ببدء الألفية الثالثة، ومشاركة الدول العربية الأخرى في هذا الحدث. وتتوقع إسرائيل، التي تملك أكبر سعة ايوائية بين البلدان المجاورة القريبة من منطقة بيت لحم، وأكبر سعة مقعدية لشركات الطيران التجارية، قدوم أربعة ملايين سائح وزائر إلى أراضيها خلال فترة الاحتفالات بالألفية الثالثة. إلا أن حصة الأردن والأراضي الفلسطينية من هذا العدد الكبير تبقى محدودة لعوامل عدة، أبرزها ان ربع زوار إسرائيل من يهود الشتات ممن لا يهتمون بأي حدث مرتبط بشخصية السيد المسيح من وجهة نظر دينية. كما أن هناك سياحاً كثيرين سيأتون لزيارة منطقة بيت لحم خلال النهار، انطلاقاً من مقر اقامتهم في الفنادق الإسرائيلية ولن يقيموا في الفنادق الفلسطينية أو الأردنية. وهؤلاء السياح سيدرجون في حسابات وزارة السياحة الفلسطينية على أنهم زوار وليسوا سياحاً. وقدم السيد باجس إسماعيل سبباً آخر يحد من حجم حركة السياح والزوار القادمين لزيارة منطقة بيت لحم، قائلاً: "كنيسة بيت لحم التي هي عنوان احتفالات انتهاء الألفية الثانية تستوعب 5.1 مليون إلى مليوني شخص على أقصى حد في حال فتحت أبوابها على مدار الساعة. ولا أرى كيف ان هناك أي سائح أو زائر سيأتي للاحتفال بقدوم الألفية الثالثة من دون أن يتوقف في الكنسية، وهذه قادرة على استيعاب عدد محدود لا سبيل لمضاعفته". ونوه مدير عام الحدائق الوطنية في وزارة السياحة الفلسطينية إبراهيم جادالله من جهته، إلى ان منطقة بيت لحم حظيت باهتمام خاص منذ انشاء الوزارة عام 1994. وأضاف: "منطقة بيت لحم وبيت ساحور وجالا وأريحا والخليل هي عمق الاحتفالات بالألفية الثالثة، ونحن قاربنا الانتهاء في هذه المنطقة من مشاريع البنية التحتية التي لم تكن موجودة خلال الاحتلال". واعتبر ان قيمة مشاريع تأهيل المواقع السياسية لتكون جاهزة للحدث الكبير تقارب 80 مليون دولار، مخصصة للمرافق الأساسية ومشاريع التنمية البشرية خصصتها الوزارة. وتابع: "لا نتوقع مردوداً مباشراً لهذه الاستثمارات، لأنها تسهيلات ومنشآت مفتوحة مجاناً للجمهور، إلا أن العائدات المتوقعة ستتحقق من خلال تشغيل أكبر عدد من الأيدي العاملة والمرافق الصناعية والخدمية". ولا تتدخل وزارة السياحة الفلسطينية في عميلة الاستثمار في بناء المرافق السياحية نفسها، بل تكتفي بإعطاء ضمانات الاستثمار، والترخيص لبناء المواقع السياحية والتفتيش عليها. وقال جادالله: "فلسطين استطاعت رفع مستوى الخدمات السياحية لديها، فمثلاً لدى تسلمنا السلطة كانت هناك ثلاث آلاف غرفة فندقية في الضفة والقطاع والقدس، والآن لدينا خمس آلاف غرفة. وهناك ألفا غرفة أخرى تحت الانشاء ينتظر انجازها قبل آخر 1999. كما تم رفع كفاءة الخدمات المساندة من أدلاء سياحيين ومطاعم سياحية وشركات نقل سياحي، لايمان القيادة الفلسطينية ان السياحة المستدامة عنصر مهم وأساسي من عناصر الاقتصاد الوطني الفلسطيني". ومن المنتظر أن "تستمر الاحتفالات بالألفية 16 شهراً، تبلغ ذروتها مع الزيارة المحتملة للبابا يوحنا بولس الثاني في آذار مارس إلى بيت لحم التي ينتظر ان تستقطب مئات آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم" على حد قول السيد باجس إسماعيل. وتنسق السلطة الوطنية الفلسطينية مع الدول المجاورة لها لضمان توحيد جهودها لدى استقبال السياح والزوار. وقال السيد جادالله: "نعتبر كل البلدان العربية المجاورة بمثابة اقليم واحد يعزز البعد اللوجستيكي للمناسبة الكبيرة، ويساعد في عملية نقل السياح من وإلى بيت لحم. علاقتنا مميزة صراحة مع مصر والأردن، وهناك اتفاقات وقعت بهذا الخصوص واتصالات شبه يومية بيننا. كما لا ننسى أيضاً لبنان وسورية وهما بلدان شقيقان". ويزور المناطق الفلسطينية مليون سائح وزائر سياحي سنوياً. وقال جادالله: "يتوقع العام المقبل 5.1 مليون سائح وزائر لا أكثر، لأنه لن يكون بوسعنا استقبال عدد أكبر، ولن يكون الاقليم جاهزاً خلال هذه الفترة لاستقبال الأعداد التي كانوا يحلمون بها. والسبب أنه ليست هناك بنية تحتية مناسبة ولا مطارات قادرة على استيعاب الأعداد الاضافية للزوار".