لا يستطيع المتابع لأحداث الساحة الثقافية العربية الا ان يلاحظ ان منطقة الخليج أصبحت في قلب النشاط الثقافي عربياً. خلال العام الماضي كانت الشارقة عاصمة الثقافة العربية وسجلت رصيداً جميلاً من النشاطات الثقافية في كل مجالات الثقافة. ورشحت الرياض لتكون العاصمة الثقافية العربية للعام 2000 ميلادية. الأنشطة الثقافية في المملكة العربية السعودية هي مسؤولية الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بين النوادي الأدبية، والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. ولكل منهما سجل حافل بالأنشطة آخرها انعقاد مؤتمر الأدباء الثاني في الاسبوع الماضي الذي استضافته جامعة أم القرى بمكة المكرمة. ومع هذا فكل المؤسسات والوزارات تشارك في دعم الأنشطة الثقافية، ولعل أوضح دليل هو مهرجان الجنادرية الحافل للثقافة والتراث الذي يقام كل ربيع تحت رعاية الحرس الوطني. كذلك لا يستطيع المتابع الا ان يسجل تزايد الاهتمام الخليجي بالانشطة والفعاليات بصورة تتعدى الفورة الوقتية الى إحداث تغيير دائم في البنية الثقافية العامة وإبقاء الاهتمام بها قائماً. ولن أقول اننا نأمل ان يبتدئ بهذا الترشيح نشاط ثقافي كان معدوماً. النشاط الثقافي في الخليج موجود ومزدهر. وان ظل هناك مجال كبير لطموحات المهتمين بالحياة الثقافية ونشاطاتها محلياً، ومجال أكبر للاعلام عن هذا النشاط الذي لا يعرف عنه الغير خارج حدودنا إلا نذراً... وحين يعرفون يفاجئهم. ولذلك لا أشك في ان تخصيص الرياض عاصمة ثقافية بصورة رسمية سيمنح الحركة الثقافية زخماً ودعماً يثريان نشاطاتها، كما سيمنحان النشاط القائم بصمت المزيد من الفرص الاعلامية لتسليط الأضواء وتثقيف الآخرين عن حيوية ساحتنا. فالترشيح ليس إلا تأكيد ما هو حاصل فعلاً من تنامي المد الثقافي في السعودية وخصب ثمار الإبداع الفني والأدبي بكل صوره. منذ الثمانينات والساحة الثقافية السعودية في ازدهار واضح، سواء في تبني الملاحق الثقافية والأدبية في الصحافة للابداع المحلي والعربي، أو في نشاطات الاندية الأدبية والجمعية السعودية للثقافة والفنون، أو في المهرجانات الثقافية الكبرى وعلى رأسها المهرجان الوطني السنوي للثقافة والتراث في الجنادرية كل ربيع، واحتفاءات منطقة عسير بالموسم الثقافي السياحي كل صيف، أو في النشاطات الفردية والجماعية في المعارض الفنية والأمسيات الأدبية الشعرية والقصصية والنقدية المدعومة من مؤسسات، أو في مهرجانات التفوق المحتفية بالمبدعين والمتفوقين في شتى العواصم الاقليمية للوطن... والعطاء مزدهر من الجميع، رجالاً ونساء، مواطنين ومقيمين ووافدين. ولذا لا استغرب ترشيح الرياض أو أي عاصمة خليجية اخرى كعاصمة ثقافية للعرب، وانما نتطلع للمزيد من النشاط في المسرح التجريبي والبرامج التلفزيونية، وتألق المبدع الخليجي في ساحة الفن التشكيلي والمسرحي والغنائي والموسيقي العربي، بالاضافة الى ساحة الأدب والثقافة، شعراً ورواية وقصة ونقداً. بقي ان نأمل ان يكون للمرأة دور واضح وحضور فاعل في ما سيعنيه هذا الموقع لعاصمتنا من نشاطات ثقافية في كل المجالات.