ظهرت في مطلع العام الماضي مقدمة اعلانية عن فيلم جديد بعنوان "آكلو الموتى" في حوالى ألفي صالة اميركية لاسبوع واحد ثم سحبت. اختفت المقدمة لكنه لم يختف من البال. هذا اول فيلم اميركي يشترك في بطولته عمر الشريف منذ 1992 عندما ظهر في فيلم صغير بعنوان "ما بعد العدالة". لكن قبل بضعة اشهر تم تطرح كتاب روائي يتصدره اسم الكاتب مايكل كريتون مؤلف اعمال سينمائية كثيرة اشهرها "جيروسيك بارك" بعنوان "آكلو الموتى" مع عبارة "الآن تحولت الرواية الى فيلم كبير". هذه كانت اول اشارة الى الفيلم منذ ان عرضت المقدمة. لكن المفاجأة الكبيرة تكمن في مضمون الكتاب، فهو ليس كما يوحي العنوان قصة مرعبة عن آكلي لحوم البشر محاطين بالمؤثرات المناسبة، بل ترجمة لما تم جمعه من مذكرات ووثائق عن الرحالة العربي ابن فضلان الى البلاد الاسكندنافية. ومن يرجع الى التاريخ يجد ان ابن فضلان بدأ الرحلة اساساً قبيل 924 الى البانيا. على الطريق، وبعد اجتياز الجبال التركية الشاهقة والوصول الى الدانوب التقت القافلة العربية، التي كان ابن فضلان على رأسها باثني عشر محارباً من الفايكنغ الذين اصروا على اخذ ابن فضلان معهم في طريق عودتهم الى اسكندينافيا بناء على طلب ملكها. هناك، كتب ابن فضلان عن الفايكنغ انهم مجموعة متوحشة من الآدميين تغير على القرى، وكان الملك في حاجة الى كل محارب يستطيع تجنيده. الخرافة التي كان يتناولها الفايكنغ آنذاك انه اذا كان عدد المحاربين 12 فانهم في حاجة الى محارب ثالث عشر وعليه ان يكون غريباً. لم يكن هناك افضل من ابن فضلان الذي على رغم احتجاجاته الا انه وجد نفسه على السفينة التي توجهت به في مغامرة يفصلها الكتاب الذي وضعه كريتون، فاذا بها واحدة من اقوى المغامرات الممكنة. تجمع بين الخيال والواقع. الآن يتردد ان الفيلم، الذي يشترك فيه بطولته انطونيو بانديراس "قناع زورو" اصبح جاهزاً للعرض يُطلق خلال ايام تحت عنوان مناسب اكثر هو "المحارب الثالث عشر". في الكتاب صورة لإبن فضلان رائعة. هناك احترام لما كتب واحترام من الكاتب الاميركي له. على الشاشة؟ نأمل ان يكون الاقتباس اميناً. مهرجانا برلين وكان يتنافسان منذ الآن يقترب موعد مهرجان "برلين" السينمائي الدولي الذي سيعقد بين العاشر والحادي والعشرين من شباط فبراير المقبل ويزداد السعي لحشد اكبر قدر ممكن من الافلام الجديرة. فمعظم ما يطمح مهرجان برلين لضمه الى برنامجه الرسمي هو ما يسعى مهرجان "كان" السينمائي اليه. اما المهرجان الدولي الثالث، حجماً واهمية، وهو فينيسيا فلا يزال من المبكر تكوين فكرة عنه. المهم أن موريتز دي هدلن، رئيس مهرجان برلين، وجيل جاكوب، رئيس مهرجان كان، مضطران الى النظر في اشتراك الافلام الآتية: "هولي سموك" لجين كامبيون التي حصلت على جائزة مهرجان "كان" عن "بيانو" و"رحلة فيليسا"، الفيلم الجديد للكندي اتوم ايغويان، و"حياتي الى الآن" للاميركي هيو هدسون و"الكلب الشبح - طريقة الساموراي" لجيم يارموش. و"المغتالون" للصيني تشن كايغي و"الاعجوبة الثالثة" للبولندية الاصل انييزكا هولاند و"صاحب الشيطان" لآنغ لي و"حس ورهافة" وفيلم رومان بولانسكي الجديد "البوابة التاسعة" صار جاهزاً وفيلم البريطاني آلان باركر "رماد انجيلا" بات جاهزاً ايضاً. والفرنسي ريغيه فرنييه "اندوشين" يكاد ينهي "شرق غرب"، واسماعيل مرشنت وراء "قطن ماري"، ونيكيتا ميخالوكوف منكب على توليف فيلمه الجديد "حلاق سيبيريا" عرضه لأسبوع في موسكو ليضمن اشراكه في مسابقة الاوسكار ثم سحبه وادخله غرفة المونتاج من جديد. وديفيد لينش يعود ب "قصة واضحة" بعد قصته غير الواضحة مطلقاً "هايواي" مايك لي لديه "مشروع غيلبرت وسوليفان". كذلك ينجز الاسباني كارلوس ساورا فيلمه المنتظر "غويا" والمجري الكبير استيفان زايو يصور حالياً آخر لقطات "ذوق من اشعة الشمس". هل نسينا احداً؟ مانويل دي اوليفييرا مخرج البرتغال الوحيد المعروف واحد اكبر المعمرين من السينمائيين العاملين، ينجز "الرسالة". شاهين مع شاهين آخر ... ثم هناك الفيلم الجديد ليوسف شاهين "الآخر" الذي انتهى من تصويره وادخله عمليات ما بعد التصوير، وشاهين كان دائماً في برلين ثم تحول الى مهرجان "كان" الذي منحه قبل عامين جائزة ذهبية عن مجمل اعماله العربي الوحيد الذي نالها. "الآخر" يجمع بين محمود حميدة ثالث لقاء مع يوسف شاهين بعد "المهاجر" و"المصير" ولبلبة ونيللي "يمثلان تحت ادارة شاهين للمرة الاولى والموضوع الذي تكتم عليه هؤلاء يدور - اجمالاً - حول ماهية الارهاب ودور القوى الكبرى فيه. وجزء من التصوير دار في واشنطن خريف العام الماضي مع الاعلامي العربي الاصل جاك شاهين الذي يؤدي دوره بالاسم نفسه.